"أنا دائمًا متفائل بطبيعتي وأعتقد أن لدينا فرصة هذا الموسم، ولقد قلت إننا سنحصل على لحظتنا، من الصعب جدًا على أي فريق الحفاظ على الاستمرارية طوال الموسم، فمن الضروري إبقائنا في المراكز الأربعة الأولى وانتظار فرصة الفوز باللقب".
تلك هي تصريحات جوان لابورتا رئيس نادي برشلونة الحالي، فاعتاد هو على تلك التصريحات الرنانة التي دومًا ما تحدث صخبا.
فلابورتا رجل معروف بحبه لجذب الانتباه، وإيمانه الشديد ببرشلونة وهويته، فلا يصدق بأن فريقه المفضل قد يعاني من ظروف صعبة تجعله بعيد هذا الموسم عن منصات التتويج.
حيث أن الرجل ذاته له تصريحات مماثلة قد أدلي بها قبل مواجهة بايرن ميونخ الفاصلة في ألمانيا، وكان يؤمن بإمكانية تخطي فريقه لعقبة البافاري آنذاك.
وتلك التصريحات تجعلنا نتساءل، هل حقًا يستطيع برشلونة تحقيق الدوري الإسباني، ام أن أحلام البلوجرانا في الاصل هي محض خيال.
نصف الفريق
Gettyلا أعتقد أن جملة "الحارس هو نصف الفريق" ما زالت متواجدة الآن في عالم كرة القدم، فبوجود إحصائيات باتت تدرس عدد الأهداف المتوقع تسجيلها وعدد التصديات وغيرها من الأرقام المحددة لبعض العمليات في اللعبة، أصبح الأمر حسابيًا بشكل معقد.
ولعل تلك الإحصائيات تعطينا مؤشر لجودة اللاعبين، فبالنظر إلى الفوارق في الأرقام بين تيبو كورتوا وتير شتيجين على سبيل المثال سنجد تفوق واضح للبلجيكي هذا الموسم على نظيره الألماني بشكل لافت.
ففي 26 مباراة لعبها كورتوا هذا الموسم، استقبلت شباكه 20 هدف، وتصدى ل 66 تسديدة، وخرج بشباك نظيفة في 11 مباراة.
على الجانب الآخر لعب شتيجين عدد مباريات أقل لكنه استقبل أهداف أكثر، حيث شارك في 23 مباراة، واستقبلت شباكه 25 هدف، وتصدى ل 45 تسديدة، وخرج بشباك نظيفة في 6 مباريات فقط.
هذا من الجانب الإحصائي، وبالمشاهدة للمباريات نكتشف الكثير حول تغير الحارس الألماني من حائط صد منيع إلى كارثة متحركة، فلم يبقى منه سوى بعض اللقطات المميزة له في التدرج بالكورة والمشاركة في بناء اللعب، دون ذلك فيستقبل شتيجين أهداف سهلة، بطرق غريبة.
على الناحية الأخرى يقدم كورتوا أفضل مواسمه الفردية على الإطلاق حتى الآن، فالبلجيكي يقوم بعمل تصديات خرافية أنقذت فريقه من فقدان النقاط لأكثر من مرة هذا الموسم.
دفاع في مهب الريح
(C)Getty Imagesفي المواسم السابقة لفريق برشلونة في الدوري الإسباني كان تير شيجين أحد أهم الأعمدة الرئيسية في الفريق مع ليونيل ميسي، حيث لم تكن المنظومة الدفاعية في أفضل أحوالها، لكن الثنائي كان يستطيع جلب ال 3 نقاط عبر لقطاتهم الاستثنائية في التصدي والتسجيل.
ولعل المستوى المميز الذي أظهره شتيجين في وقت سابق هو ما يجعل الضغط عليه أكثر الآن، فالجماهير التي اعتادت على لقطاته الرائعة، تأبى بأن تراه في مستوى متواضع.
ونحن لا نستطيع إنكار سوء مستوى الحارس الألماني الذي يمر به الآن، لكن علينا أن نكون منصفين، فبالنظر إلى منظومة برشلونة الدفاعية الهشة، سنجد أن ثنائي قلب الدفاع قد تغيروا لعدة مرات على مدار الموسم، مع افتقار النادي الكتالوني لوجود العناصر القوية في هذا المركز من الأساس.
أما في الجانب الآخر، فيمتلك مدريد بعض الأسماء التي يمكنها خلق المنظومة حولها في خط الدفاع، فمع ضم دافيد ألابا من بايرن ميونخ يعيش إيدير ميليتاو أفضل فترات حياته، فالمقارنة بين جودة الفريقين في المنظومة الدفاعية لن تميل الكفة لصالح شتيجين أبدًا.
والشاهد من هذا الأمر ليس محاولة لخلق الأعذار لجدار برلين المهدوم، ولا للتقليل من موسم كورتوا الاستثنائي، لكنها محاولة قراءة للوضع والمتغيرات التي تأثر على الحارسان.
مناخ سام
Getty Imagesتحسن أداء ريال مدريد هذا الموسم عن الماضي، وجودة لاعبيه المرتفعة يوم عن يوم، تدل على وجود مناخ صحي يعيش فيه المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، حيث تتطور معه المنظومة بشكل عام.
أما في مدينة برشلونة، فيبدو أن كل شيء كان يسير في طريقه الخاطئ قبل قدوم تشافي مدربًا للفريق، ومحاولة فرضه للمناخ الجيد للنادي لكي يتحسن.
فبداية موسم الفريق الكتالوني كانت سيئة للغاية من حيث النتائج، ومن حيث عدد الإصابات التي عانى منها المدرب رونالد كومان آنذاك.
وبعد رحيله عن تولي الفريق وقدوم تشافي، وجلب صفقات جديدة للنادي، لم يتحسن الوضع في يوم وليلة، بل فقد برشلونة أيضًا بعض النقاط السهلة، في خلال عملية الإحلال والتجديد التي مر بها النادي.
والآن، وبعد تطور كل شيء، لا يبدو أن الفريق الكتالوني سيحظى بمناخ جيد أيضًا، حيث خرج كومان ليتحدث في الصحافة الهولندية عن ظلم لابورتا له، وصرح بأن رئيس النادي الحالي كان قد أكد له في وقت سابق أنه لن يعين تشافي مدربًا لبرشلونة هذه الفترة، وهو ما فعل عكسه.
فتلك الضغوطات التي يفتعلها كومان قد تؤثر بعض الشيء على علاقة تشافي برئيس برشلونة الحالي، وهو ما يمكن أن يعكس على اللاعبين وأداء الفريق، حيث يحاول المدرب الإسباني جاهدًا صناعة المناخ الصحي للاعبيه في الآونة الأخيرة، ويظهر ذلك في انتظاره للاعبيه بعد المباراة في مدخل غرفة خلع الملابس ليسلم عليهم جميعًا.
هل يستطيع برشلونة تحقيق المعجزة؟
Getty Imagesبالنظر إلى جدول ترتيب الدوري الحالي، ووضع برشلونة وريال مدريد فيه، سنجد أن فكرة تحقيق الدوري هي من درب الخيال.
حيث يقع النادي الكتالوني في المركز الرابع برصيد 45 نقطة من خلال 25 مباراة، ويتصدر الملكي جدول الترتيب ب 60 نقطة من خلال 26 مباراة.
لكن عند التمعن في المعطيات، سنتذكر سويًا موسم 15-16 عندما كان برشلونة يتصدر جدول الترتيب بفارق 12 نقطة عن مدريد، ثم بعد تغير المدير الفني للفريق وقدوم زيدان بعد انطلاقة سيئة للدوري مع رافا بينيتيز، تحسن أداء الملكي ونتائجه.
ولم يقف الوضع فقط عند تحصيل بعض النقاط، بل رجع فريق العاصمة للمنافسة، وأجبر برشلونة على حسم الدوري في الأسبوع الأخير، حيث فاز الفريق الكتالوني بالبطولة ب 91 نقطة، وجاء مدريد من بعده في الكرز الثاني ب 90 نقطة، أي أن المعجزة كانت ستحدث.
والآن، لما لا؟ ففريق برشلونة بدأ موسمه ببداية سيئة مع كومان، وبعد قدوم مدرب تشافي - أسطورة سابقة مثل زيدان - لتدريب الفريق تحسن الأداء ووضع النادي، والفارق أيضًا يعتبر نفسه إذا فاز البلوجرانا بالمباراة المؤجلة.
فيمكن أن يعيد التاريخ نفسه، لكن تلك المرة لصالح برشلونة، ومن الوارد أن يعود للمنافسة على اللقب، حتى وإن كان لمجرد إظهار الشخصية واستبدال الروح المنهزمة للفريق بمشاعر إيجابية يمكن لتشافي البناء عليها مستقبلًا.
اقرأ أيضًا..
تشافي: إنييستا أعظم موهبة رأيتها، ولن أكشف تفاصيل اجتماعي بهالاند!




