de Boer - Inter

تجربة المدرب الهولندي - لماذا تراجع المؤشر مؤخراً؟


هيثم محمد    فيسبوك      تويتر

على مدار سنوات اشتهرت الكرة الهولندية بكونها مدرسة تدريبية ذات طابع فريد يعتمد على الكرة الهجومية والاستحواذ، ولطالما قدمت أسماء مثل يوهان كرويف، فرانك رييكارد، لويس فان جال، ديك أدفوكات، وجوس هيدينك، فرقاً أمتعت الجماهير وحصدت البطولات.

ولكن في السنوات الأخيرة شهدت المدرسة الهولندية  في التدريب تراجعاً رهيباً على صعيد النتائج والأداء عبر عدة تجارب فاشلة لمدربين حققوا نجاحات سابقة، أو بدأوا المشوار بشكل طيب في الدوري المحلي.

ويعتبر لويس فان جال هو المثال الأبرز، فبعد مسيرة مميزة للمدرب المخضرم مع المنتخب الهولندي، أياكس، بايرن ميونخ، وبرشلونة، هدم كل ذلك بتجربة أقل ما توصف بالعقيمة مع مانشستر يونايتد تحول فيها الفريق إلى تشكيلة بلا ملامح، ولم تقدم الكرة الهجومية التي ميزت فان جال على مدار تاريخه، ليرحل بعد عامين غير مأسوفاً عليه.

الموضوع يُستكمل بالأسفل
Louis van Gaal, Uli Hoeness, Bayern MunichGetty Images

مدرب آخر هولندي دخل المجال بقوة ثم تراجع هو فرانك رييكارد، فبعد التتويج بدوري الأبطال مع برشلونة، ضل رييكارد الطريق، وخاض تجربتين فاشلتين مع جلطة سراي والمنتخب السعودي، والآن لا يتولى أي منصب.

حتى الأسماء الجديدة التي ظهرت مؤخراً على الساحة التدريبية الهولندية وحققت نجاحات محلية لم تنجح في إثبات ذاتها خارج البلاد، فباستثناء تجربة ياب ستام مع ريدينج، كللت كل المحاولات الأخرى بالفشل.

فرانك دي بور لفت الأنظار بسطوته على الدوري الهولندي مع أياكس، ليقرر إنتر تعيينه في 2016، ولكن بداية كارثية للموسم وعلاقة ضعيفة مع لاعبي فريقه أدت لرحيله بعد ثلاث أشهر فقط، ليكرر المحاولة في إنجلترا مع كريستال بالاس، ولكن خسارته لأول أربع مباريات دون أي أهداف عجلت برحيله سريعاً، ليصبح الأسرع إقالة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.

de Boer - Inter

وحذا فيليب كوكو، زميل دي بور في الجيل المميز لهولندا في تسعينيات القرن الماضي، حذو رفيقه، فمشوار مميز مع بي إس في محلياً لم يتحول لنجاح مماثل مع فينرباخشه، فتم إقالته بعدما تكبد العملاق التركي ست هزائم في أول عشر جولات من الموسم.

مثال آخر للفشل الدولي بعد النجاح المحلي هو ديفيد بوش الذي قاد أياكس لنهائي الدوري الأوروبي في 2017 وقدم كرة قدم ممتعة جذبت انتباه بوروسيا دورتموند، ولكن فترته في ألمانيا لم تدم أكثر من ست أشهر رغم دفع النادي خمسة ملايين يورو لناديه الهولندي لضمه.

حتى من لم يكن له نجاحات سابقة من الجيل الحالي وحاول شق طريقه مثل كلارينس سيدورف قوبل بفشل ذريع، تجربة أولى سلبية مع ميلان، وأخرى مع ديبورتيفو فشل في إنقاذه من الهبوط، والآن تحول للكاميرون وبدأ مغامرته مع باتريك كلويفرت هناك بتعادل مخيب مع جزر القمر.

Clarence SeedorfGetty

وتطرح كل تلك التجارب التي تم استعراضها السؤال عن أسباب تراجع مدرسة بحجم الكرة التدريبية بهذا الشكل على الصعيد التدريبي، فالبعض سيشير بأصابع الاتهام للتراجع العام في مستوى الكرة الهولندية والدليل ابتعادها عن المحافل الكبرى مؤخراً بعد الغياب عن المونديال واليورو.

وألقى التراجع الفني للدوري الهولندي بظلاله على المنظومة الكروية ككل في البلاد، وأصبح التتويج بلقب المسابقة لا يعني شيء وخادعاً والدليل الفشل الكبير لدي بور وكوكو عند أول اختبار حقيقي، حتى ولو كان في دوري ليس ذو مستوى مرتفع كالتركي، وهو ما يبين حجم التراجع الكبير في مستوى الكرة في بلاد الطواحين.

سبب آخر قد يشار إليه هو أن أساليب الكرة الهولندية من اعتماد فقط على المنظومة الهجومية أصبحت لا تواكب متطلبات العصر الحالي وتكتيكاته التي تميل أكثر للدفاع والتنظيم على أرض الملعب عن الجماليات، وعدم قدرة اسماء مثل فان خال وريكارد وكومان من تطوير أساليبهم أدى لفشلهم في محطاتهم الأخيرة.

مرض الكرة الهولندية لا يزال مستمراً منذ 2014، ولا تبدو هناك بوادر لإصلاح الوضع، اللهم إلا تجربة أياكس الحالية بالحفاظ على مواهبه وحاولة إعادة أمجاد الماضي الأوروبية، والتراجع التدريبي ليس إلا عرض من أعراض كثيرة لحالة تراجع الكرة الهولندية ككل، وسيكون أمام المسؤولين عن اللعبة في البلاد الكثير للعمل عليه من أجل إعادة الهيبة لتلك المدرسة العريقة مرة أخرى.

إعلان