أضعتم صيامنا.. الحلقة السادسة: ليلة السبعة المشؤومة التي أفطرت عشاق البرازيل "جماعيًا"

أعزائنا الصائمين، ويا لها من كلمة تحمل في طياتها معاني الصبر والجلد في شهر رمضان الكريم، تخيلوا معي تلك الليلة الرمضانية الحارة، أخذتم فطاركم بعد يوم طويل من الصيام، وقررتم أن تنطلقوا إلى المقاهي والتلفاز لمشاهدة مباراة قوية في نصف نهائي كأس العالم، تجمع بين منتخب البرازيل صاحب الأرض والجمهور، والماكينات الألمانية. كانت الأجواء رمضانية بامتياز، ولكن القدر كان يُخبئ لنا مفاجأة لم تكن في الحسبان.

بدأت المباراة وكأن منتخب ألمانيا قرر أن يجعل هذه الليلة الرمضانية هي ليلة "إفطار جماعي" على قلوب عشاق منتخب البرازيل من الصائمين.

لم تمر سوى دقائق معدودة، وتحديدًا في الدقيقة الحادية عشرة، حتى اهتزت الشباك البرازيلية بهدف توماس مولر، في تلك اللحظة، شعر الكثيرون منا وكأن صيامهم بالنهار قد ضاع ولكن قلنا لأنفسنا، لا بأس، هدف مبكر، والبرازيل قادرة على الرد.

ولكن الرد تأخر، بل جاء ما هو أسوأ في تلك الليلة الرمضانية.،ففي الدقيقة الثالثة والعشرين، أضاف الأسطورة ميروسلاف كلوزه الهدف الثاني، وبدأت ملامح الصدمة تظهر على وجوه عشاق السامبا، ولكن ما حدث بعد ذلك كان أشبه بزلزال كروي مدمر في ليالي رمضان الهادئة.

في ظرف ثلاث دقائق فقط، من الدقيقة الرابعة والعشرين إلى السادسة والعشرين، سجل توني كروس هدفين متتاليين، لتتحول النتيجة إلى 4-0.

أربعة أهداف في أقل من ربع ساعة في ليلة رمضانية! أي مشجع للبرازيل كان سيتحمل هذا؟ أي قلب كان سيستطيع أن يتقبل هذه الكارثة؟

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد في تلك الليلة الرمضانية المشؤومة، ففي الدقيقة التاسعة والعشرين، أضاف سامي خضيرة الهدف الخامس.

نعم، تخيلوا معي، 5-0 في الشوط الأول! منتخب البرازيل، على أرضه، أمام جمهوره، يتلقى خمسة أهداف من المنتخب الألماني.

في الشوط الثاني من تلك الليلة الرمضانية، كان الأمر أشبه بمباراة ودية من طرف واحد، منتخب ألمانيا كان يلعب وكأنه في حصة تدريبية بينما كان لاعبو البرازيل يجاهدون من أجل تدارك ما يمكن تداركه قبل انتهاء السهرة الرمضانية، ولكن دون جدوى.

وفي الدقيقة التاسعة والستين من تلك الليلة الرمضانية الحزينة، أضاف البديل آندري شورله الهدف السادس، ثم عاد نفس اللاعب ليضيف الهدف السابع في الدقيقة التاسعة والسبعين، سبعة أهداف! يا له من رقم مرعب!

في تلك اللحظات، لم يعد الأمر يتعلق بالصيام أو الإفطار، بل كان يتعلق بكارثة كروية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كارثة أفطرت قلوب عشاق البرازيل رغم أن المباراة كانت بعد آذان المغرب في معظم الدول.

بدأت الجماهير البرازيلية في مغادرة الملعب، لم يعودوا قادرين على تحمل هذا المشهد المهين في تلك الليلة، وهدف أوسكار الشرفي في الدقيقة التسعين لم يكن له أي قيمة، فقد انتهى كل شيء، وانتهت معه فرحة استضافة كأس العالم بكابوس مريع.

في تلك الليلة الرمضانية، لم يخسر منتخب البرازيل مباراة كرة قدم فقط، بل خسر جزءًا من كبريائه وتاريخه، في الأيام التالية أفطر عشاق السامبا على طعم مرارة الهزيمة.

تلك الليلة، أدركنا أن كرة القدم يمكن أن تكون قاسية إلى أبعد الحدود، حتى في ليالي رمضان المباركة.. إلى اللقاء في حلقة أخرى وقصة جديدة أفطرت قلوبنا.