لا تتباكوا على القوة المالية للهلال والنصر، أوقفوا إهدار أموالكم أولًا" .. كانت تلك الرسالة التي وجهها الناقد الرياضي "محمد الشيخ" إلى مسؤولي الاتحاد والأهلي وطالبهم خلالها بالتوقف عن الشكوى من سطوة عملاقي العاصمة المالية ومراجعة أعمالهم المالية والإدارية أولًا.
حسنًا، أقف تمامًا مع الشق الثاني من الرسالة، الاتحاد والأهلي مطالبان بالفعل بمراجعة تصرفاتهم في ملف انتقالات اللاعبين، وإن كان العميد قد تعلم الدرس فعلًا وصحح أوضاعه بطريقة مثالية في الموسمين الأخيرين، وبقي أن يسير جاره على خطاه.
اقرأ أيضًا | عبد الحميد ثم المالكي .. حذار يا "الاتحاد" من العودة لنقطة الصفر
الاتحاد دخل في نفق مظلم من المشاكل والأزمات المالية بسبب تعاقدات كلفت النادي الملايين ولم تُقدم له أي شيء على أرض الملعب، مثل جاري رودريجيز وألكسندر بريجوفيتش، بل الأسوأ أنها سحبته إلى قاعات المحاكم وورطته بغرامات هائلة لم ينجح أبدًا في الهروب منها، لكن إدارة أنمار الحائلي المثالية استطاعت الخروج من هذا النفق وتصحيح الأوضاع والأهم اختيار العناصر الأجنبية الممتازة القادرة على الإضافة حقًا.
تعاقدات الأجانب هو أفضل وأنجح ملف لإدارة الحائلي في الاتحاد، وقد رأينا تأثيره الكبير على النادي ماليًا ورياضيًا ... لقد تخلص من ديونه ومشاكله، ويتصدر جدول ترتيب الدوري السعودي ويبدو الأقرب للفوز باللقب.
الأهلي مازال يُحارب في النفق، وللأسف مازال يُكرر الأخطاء ذاتها ويتعاقد مع أجانب لا جدوى منهم ولا يفعلون سوى توريط النادي في المزيد من الديون، وآخرهم حمدي النقاز والحسن نداو، ونأمل ألا تكون صفقات يناير الجاري حلقات أخرى في مسلسل هذا الفشل.
ما سبق حقائق مؤكدة تُلام بها إدارات الاتحاد والأهلي بالتأكيد، لكن ماذا لو حافظنا على نفس الكلام واستبدلنا الأسماء فقط؟ ماذا لو وضعنا الهلال والنصر بدلًا من الاتحاد والأهلي؟ ماذا لو قلنا لوسيانو فييتو وأنسيلمو بدلًا من الحسن نداو وجاري رودريجيز؟ هل سيتغير الحديث؟ هل سيتحول الكلام من نقد إلى إشادة وإعجاب!
أندهش تمامًا من النغمة السائدة في الإعلام الرياضي السعودي حاليًا، وخاصة من إعلاميي الهلال والنصر، حول الامتعاض الشديد من شكوى الاتحاد والأهلي ومعهما الشباب من الدعم "الملياري" المقدم لناديي العاصمة! ألا يحق لهما الشكوى وهما يُواجهون وحشًا ماليًا يتم دعمه سنويًا بالملايين لخطف أفضل الصفقات المحلية والأجنبية؟ ألا يحق لهما الشكوى وهم لا يجدون أي أحد ينقذهم من مستنقع الديون والأزمات المالية؟
الاتحاد والأهلي لهم أخطاء كبيرة بالتأكيد في ملف التعاقدات الأجنبية، لكن الهلال والنصر لهما نفس الأخطاء وربما أكثر، وقد خسرا الملايين الملايين من تعاقدات فاشلة لم تُقدم للفريق أي إضافة، ولنا في أنسيلمو وفييتو أكبر مثال، وقبلهما كان العديد مثل ميلوس دجينيك وجوناثان سوريانو وفرجانس ساسي وأحمد موسى.
Getty Images - Goal ARإن كانت الاتهامات ستُكال لعملاقي جدة فهي نفسها ولا تختلف أبدًا يجب أن تُقدم ضد الهلال والنصر، الجميع في قفص اتهام واحد لكن أحدهم وجد محاميًا مميزًا يُدافع عنه والآخر لم يجد ولذا ما زال سجين أخطائه وقراراته السيئة، ربما أتذكر هنا مشهد أحمد زكي في فيلم "ضد الحكومة" حين قال "كلنا فاسدون، لا أستثني منا أحدًا"، وهنا لا نقصد الفساد بالمعنى الحرفي بالطبع لكن المقصود أننا جميعًا مخطئون ولا استثناء، جميعنا، الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، أخطأنا في ملف التعاقدات الأجنبية ونستحق نفس الانتقادات والاتهامات.
الفارق الوحيد بين قطبي الرياض وقطبي جدة أن الثنائي الأول وجد من يتحمل عنه مسؤولية أخطائه وينقذه من تبعاتها السلبية ماليًا وإداريًا، فيما الثنائي الآخر لم يجد للأسف ... لم يجد من يدفع الملايين ويفسخ العقود ويُسدد الالتزامات ويُقدم العقود المغرية لنجوم الأندية الأخرى وللاعبين الأجانب الكبار.