حان وقت الاعتذار لأنشيلوتي .. العجوز جعل ريال مدريد وحشًا لا يقهر وانتظروا "جلاكتيكوس 2025" في قبضته

في بداية الموسم، كان الجميع يعلم أن كارلو أنشيلوتي هو المدرب المستقبلي لمنتخب البرازيل، بعد أن ينهي عقده مع النادي الملكي، وتقبل أغلب الجمهور هذه الفكرة مع اهتزاز ثقتهم في المدرب الإيطالي.

لكن النجاحات التي حققها كارلو والشخصية القوية التي أكسبها للفريق والتي تبشر بمستقبل واعد يعج بالإنجازات، دفعت الرجل الأول وعراب الإنجازات فلورينتينو بيريز إلى اتخاذ قرار حاسم بتجديد عقد أنشيلوتي حتى صيف 2026، ليؤمن وجوده لأطول فترة ممكنة في النادي.

بيريز لم يتخذ هذا القرار من فراغ، فهو الرجل الذي يجيد لعبة الإدارة وهو الأفضل في اختيار الرجل المناسب للفريق الملكي في هذه الحقبة، فهو يعلم أن الريال يمر بمرحلة تحول كبرى ويحتاج إلى شخصية أنشيلوتي القوية لاحتواء هذه النجوم الصاعدة والسيطرة على غرفة الملابس.

في المقابل، كان أنشيلوتي مرحبًا بقرار رئيس الريال واعتذر للجانب البرازيلي، مضيعًا على نفسه فرصة تاريخية لقيادة السيليساو وأن يصبح أول مدرب أجنبي يقود البطل التاريخي لكأس العالم.

هذا المنصب كان من الممكن أن يجعل أنشيلوتي المدرب الأفضل في العالم، إذا استطاع الفوز بالمونديال في المستقبل، ليصبح المدرب الوحيد الفائز بكافة البطولات الكبرى الممكنة في عالم الساحرة المستديرة.

واجه أنشيلوتي عاصفة قوية تهز أي مدرب في بداية الموسم، حيث تلقى صدمة باقتحام لعنة الإصابات لغرفة الريال، حيث أصيب حارسه الأساسي تيبو كورتوا وقلبي الدفاع إيدير ميليتاو ودافيد ألابا، بإصابات طويلة جعلتهم خارج الخدمة في أغلب فترات الموسم ومن بعدهم جاء فيرلاند ميندي وأنطونيو روديجر لمدد قصيرة.

أنشيلوتي وقف أمام هذه الضربات، قائلًا: "حسنًا.. جراب الحاوي لا يخلو من الحلول"، وعزز عرين الريال بصفقة كيبا أريزابالاجا لإنقاذ الموقف ومن ثم أشعل المنافسة بينه وبينه أندريه لونين، وكان المستفيد الأكبر هو الفريق.

أما الدفاع فقد منح روديجر مهامًا قيادية ووضع ثقته فيه، ليتحول إلى واحد من أفضل المدافعين في العالم، إن لم يكن أفضلهم وبدا في المباريات وكأنه شاب بعمر الـ21، وليس لاعبًا عمره بلغ الـ30، بل إنه تحول أيضًا إلى سلاح فتاك لتسجيل الأهداف من الكرات الرأسية والتي حسمت مباريات مهمة للفريق تحت قيادته.

ولا ننسى بالطبع، توظيفه للثنائي الفرنسي الشاب كامافينجا وتشواميني في قلب الدفاع وإجادة كل منهما، لسد الفراغ الذي خلفه غياب ناتشو للإيقاف وفيرلان ميندي للإصابة.

إذا تحدثنا عن المواهب في ريال مدريد الآن، فحدث ولا حرج، الفريق الآن يملك في كل مركز جواهر ثمينة، لكن هل كانت هذه المواهب على هذا الحال من قبل؟ بالطبع لا.

أنشيلوتي استطاع أن يطور فينيسيوس جونيور بشكل سريع وحوله إلى آلة لتسجيل الأهداف، بعدما كانت جماهير الريال تصرخ من إهداره للفرص السهلة وتشكو من سوء تصرفه بالكرة أمام المرمى، حتى أن اسمه ارتبط كثيرًا بالرحيل عن النادي إلى باريس سان جيرمان.

وقس على ذلك مواهب مثل فيدي فالفيردي، الذي راهن عليه كارلو وبات عمودًا رئيسيًا في الفريق وأحد الحلول التهديفية، بخلاف تطور أدواره كلاعب وسط، وأيضًا رودريجو جويس وبراهيم دياز وتشواميني.

وبالطبع، لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي لعبه كارلو في التعامل مع موهبة بحجم جود بيلينيجهام، الذي جاء إلى مدريد وانفجر وتوهج تحت قيادة أنشيلوتي، وأصبح في وقت قصير بين أفضل النجوم على مستوى العالم، حيث لعب مع الفريق 29 مباراة، سجل خلالها 20 هدفًا وصنع 8.

استطاع أنشيلوتي هذا الموسم أن يقود الفريق إلى صدارة الدوري الإسباني "الليجا" والتقدم على منافس شرس بحجم جيرونا، وقتل المنافسة مع برشلونة وأتلتيكو مدريد، حيث بات الفريق المرشح الأول للقب.

وكان الفوز على جيرونا ذهابًا (3-0) وإيابًا (4-0)، بمثابة رسالة واضحة لكل المنافسين في الليجا أن اللقب هذا الموسم، سيعود إلى مدريد رغمًا عن الجميع.

وفاز ريال مدريد في 19 مباراة لعبها من أصل 25 في الليجا، إذ تعادل في 5 وخسر مرة وحيدة من أتلتيكو مدريد، وسجل الفريق 53 هدفًا ليصبح الأقوى هجومًا خلف جيرونا المتصدر بفارق هدف، لكنه الأقوى دفاعيًا باستقبال 16 هدفًا فقط.

وفي دوري الأبطال أيضًا يسير الملكي بخطوات ثابتة نحو لقبه المفضل، بعدما حقق العلامة الكاملة في دور المجموعات وفاز بالمباريات الست، وأكمل ذلك بالفوز على مضيفه لايبزيج في ثمن النهائي (1-0)، ليصبح المرور إلى ربع النهائي مسألة وقت حتى موعد مباراة الإياب، يوم 6 مارس المقبل.

كما فاز الملكي بكأس السوبر الإسباني الأخيرة في السعودية، بعدما قهر كل من أتلتيكو مدريد في نصف النهائي بخماسية وبرشلونة في النهائي برباعية، بينما كان السقوط الوحيد للفريق حتى الآن يتمثل في وداع كأس الملك على يد أتلتيكو مدريد.

من الأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى هذا الموسم لأنشيلوتي تحت إشراف بيريز، هي تنفيذ خطة إحلال وتجديد للفريق الذي يضم مجموعة من النجوم من ذوي الأعمار المرتفعة مثل لوكا مودريتش (38 عامًا)، توني كروس (34 عامًا)، ناتشو (34 عامًا)، داني كارفاخال ولوكاس فاسكيز (32 عامًا).

ونجح أنشيلوتي في أن يستغل هؤلاء اللاعبين لنقل الخبرات إلى الشباب الصغير مثل تشواميني، كامافينجا، أردا جولر، رودريجو جويس، براهيم دياز وفينيسيوس جونيور.

وسيكون هذا الموسم بمثابة فرصة لنقل القيادة إلى هذا الجيل، حيث ينتظر أن يجهز الملكي قائمة راحلين كبرى عن الفريق، وفي نفس الوقت سيستقبل النادي مواهب كبرى يتقدمها بالطبع النجم الفرنسي كيليان مبابي الذي أعلن رحيله عن باريس بشكل رسمي، وتشير كل التقارير إلى أن ريال مدريد هو وجهته المقبلة.

وبعيدًا عن الأنباء الأخرى، التي تربط النجم النرويجي إرلينج هالاند بالانتقال إلى الريال في المستقبل الكبير، ففي الموسم المقبل سيكون الملكي مجتمعًا للنجوم الكبار وهو ما يعيد للأذهان فريق الجلاكتيكوس التاريخي الذي ضم أسماءً لامعة مثل فيجو، زيدان، بيكهام، رونالدو، روبرتو كارلوس، راموس وكاسياس.

لكن هذه الأسماء رغم قوتها لم تستطع تحقيق نجاحات كبرى تناسب قيمتها في وجود مدربين مثل كارلوس كيروش و فيسنتي ديل بوسكي، لذلك "جلاكتيكوس 2025" سيكون تحت قيادة شخصية بحجم أنشيلوتي قادرة على إدارة هذا الكم الضخم من النجوم وتحقيق أكبر استفادة منها.

TOD TV