فلوريان فيرتس ما هو إلا انعكاس لـ"الاستفاقة المُزيفة" .. لام نجم ألمانيا على لقطة لا تستحق وعاقبه زملاؤه بضياع مجهوده أمام أيرلندا الشمالية!

في آخر مباراتين للمنتخب الألماني – قبل مواجهة الليلة – حقق فوزين سهلين أمام أيرلندا الشمالية (3-1) في سبتمبر الماضي، وأمام لوكسمبورج (4-0) في أكتوبر الجاري، ضمن تصفيات أوروبا المؤهلة للمونديال.

هذان الانتصاران جاءا بعد التعثر في أربع مباريات متتالية (1 تعادل – 3 هزائم)، بخلاف تذبذب في النتائج بين صعود وهبوط قبلها.

وقتها ظن البعض أن الألمانيين على وشك استفاقة جديدة قبل أشهر قليلة من كأس العالم 2026، لكن تبقى علامات الاستفهام الكبيرة قائمة..

المنتخب الذي حقق الألمانيون الفوز أمامهم بثلاثية مقابل هدف وحيد قبل شهر تقريبًا، ها هو يحقق أمامه فوزًا بشق الأنفس (1-0) الليلة، رغم فارق الإمكانات والأسماء والخبرات.

الشوط الثاني تحديدًا أحرج الألمانيين كثيرًا أمام أيرلندا الشمالية، فرغم الأداء الجيد بعض الشيء لكتيبة ناجلسمان في الشوط الأول – ليس جيدًا بدرجة كبيرة – إلا أن الخصم فرض سيطرته بشكل كبير على الشوط الثاني، وكان قريبًا من إدراك التعادل على أقل تقدير، إن لم يكن الفوز وخطف الثلاث نقاط كاملة.

ما حرم أيرلندا الشمالية من الفوز الليلة، ليس أفضلية الدفاع الألماني أو حتى حارسه أوليفر بومان، إنما فقط سوء التصرف في مناطق الخطورة للمانشافت.

بالانتقال للحديث عن الأداء الفردي، وتحديدًا لفوريان فيرتس؛ محترف ليفربول، والذي يراقبه الجميع دونًا عن بقية رفاقه في منتخب ألمانيا، نظرًا لصفقة الانتقال الضخمة التي نقلته من باير ليفركوزن إلى الريدز في الدوري الإنجليزي بالصيف الماضي مقابل أكثر من 125 مليون يورو..

صاحب الـ22 عامًا بعد مباراة رائعة قدمها أمام لوكسمبورج قبل أيام قليلة مع منتخب بلاده حتى وإن لم يسجل أو يصنع أهدافًا وقتها إلا أنه كان رائعًا على الجانب التكتيكي، عاد للمعاناة من جديد أمام أيرلندا الشمالية، تشبه كثيرًا معاناته في الدوري الإنجليزي، لكن الفارق أن حاله مع ألمانيا يشبه حال الكثير من زملائه من حوله.

فيرتس أمام أيرلندا الشمالية الليلة كان قريبًا من وضع اسمه في سجل اللقاء التهديفي من خلال خلق فرصتين لزملائه، لكن كلتاهما أُهدرت..

البداية كانت بعدما وقع الدفاع الأيرلندي الشمالي في خطأ بالدقيقة 19، لتصل الكرة إلى فيرتس الذي كان في طريقه للانفراد بحارس المرمى بايلي بيكوك فاريل، لكن الكرة تعثرت تحت أقدامه مع تجمع سريع لدفاع الخصم من حوله قبل التسديد، ليلجأ لتمرير كرة إلى الخلف، ردها زميله بتسديدة قوية في اتجاه المرمى، لكنها علت العارضة بقليل.

كذلك مع بداية الشوط الثاني، خلق فيرتس فرصة أخرى لزميله كريم أديمي، حيث مرر له كرة بينية في وسط الملعب، انطلق بها الأخير حتى وصل إلى داخل منطقة الجزاء، لكن تسديدته لم تكن متقنة، حيث سدد الكرة بجوار القائم بقليل.

لكن بعيدًا عن تلك الفرصتين، لم يظهر فلوريان بشكل مؤثر في المباراة، رغم أن هذا المنتخب "أيرلندا الشمالية" شهد أحد أهدافه في التصفيات في سبتمبر الماضي ضمن الثلاثية التي سجلها المانشافت وقتها.

أما المثير للسخرية أنه وجه اللوم لزميله راوم؛ الذي صنع هدف المباراة الوحيد، في الدقيقة 48 من عمر المباراة، بعدما ارتكب خطأ على أطراف وسط ملعب ألمانيا!

فيرتس وقتها نظر لراوم رافعًا يده باستغراب، قبل أن يتدارك الموقف برسم ابتسامة بسيطة على وجهه، متراجعًا عن الموقف سريعًا.

قبل مباراة الليلة، علق يوليان ناجلسمان؛ المدير الفني للمنتخب الألماني، على أداء أيرلندا الشمالية قائلًا: "منتخبهم يعتمد على اللعب المباشر والكثير من الكرات الطولية، لذا علينا القتال على الكرة الثانية بشكل جيد".

هذا التعليق اعتبره بعض من جمهور الخصم أنه إهانة وتقليل إلا أن ناجلسمان خرج بعدها معتذرًا مؤكدًا أنه كلامه فُهم بشكل خاطئ فقط، قائلًا: "إذا كان أحدهم فهم الأمر بهذه الطريقة، فأنا آسف".

لكن بعد الأداء الذي ظهر به منتخب أيرلندا الشمالية والذي أحرج الألمانيين، يبدو أن على ناجلسمان أن يعتذر للخصم أولًا مرة ثانية، ولجماهير بلاده ثانيًا على حالة القلق التي سيطرت عليهم طوال اللقاء، خاصةً في الدقائق الأخيرة مع الانتفاضة الأيرلندية.

بعيدًا عن لوم ألمانيا ولاعبيها في السطور السابقة، فقد تحقق العرض بالخروج بالثلاث نقاط في الأخير، لكن ماذا عن موقف المنتخب الألماني من التأهل لكأس العالم 2026؟

بعد الصورة المخجلة التي ظهر بها الألمانيون في كأس العالم قطر 2022، بالوداع من دور المجموعات بأربع نقاط فقط، لا مجال أمام اللاعبين سوى مصالحة الجماهير في نسخة 2026، وبالتالي لا بد من التأهل والعبور من التصفيات الأوروبية..

حاليًا الكرة في ملعب كتيبة ناجلسمان، حيث أمامهم مباراتين حاسمتين في نوفمبر المقبل أمام لوكسمبورج ثم سلوفاكيا.

الفوز في هاتين المباراتين يعني حسم التأهل بشكل رسمي، لكن التعثر في أي منهما يجعل الحسم في يد نتائج المنافسين.

الخوف في هذا الجانب يبقى من مواجهة سلوفاكيا بالأساس، حيث تتساوى في النقاط مع ألمانيا (9 لكل منهما)، لكنها تتأخر بفارق الأهداف فقط عن المانشافت ما يجعلها في وصافة المجموعة الأولى.

فوز ألمانيا أمام لوكسمبورج يبدو على الورق سهلًا - وإن كان غير مضمونًا بالطبع نظرًا للتراجع الفني الذي شهدناه الليلة أمام أيرلندا الشمالية بجانب مفاجآت كرة القدم – لكن القلق الأكبر من مواجهة سلوفاكيا في ختام التصفيات.

سلوفاكيا بالفعل حرمت الألمانيين من ثلاث نقاط مهمة في مشوار التصفيات المونديالية الحالية، بعدما انتصر عليهم بثنائية نظيفة في الجولة الأولى، فهل تفعلها مجددًا وتجعل مصيرها من التأهل لكأس العالم 2026 مهددًا؟ سنرى الشهر المقبل!