كرة القدم كانت ومازالت في نظر العديد لعبة الرجال، إذ رغم التقدم الكبير في الكرة النسائية وتواجد لاعبات بجودة عالية، إلا أن مقاليد الحكم خارج الملاعب ظلت بأيدي الرجال .. مع هذا، فهناك عدة نساء اخترقن ذلك الحاجز وفرضن أنفسهن على اللعبة الأشهر في العالم. جول النسخة العربية يُطلق سلسلة جديدة تتحدث عن أبرز النساء في عالم الساحرة المستديرة.
حلقتنا اليوم عن جيني هيرموسو .. ابنة مدريد التي صنعت التاريخ في برشلونة وحطمت روبياليس
رغم موهبتها وقدراتها التهديفية المذهلة وأرقامها التاريخية ومسيرتها الحافلة باللحظات الرائعة والألقاب الثمينة، إلا أن جينيفر هيرموسو لم تنال تلك المساحة في الإعلام والسوشيال ميديا ولم يتردد اسمها بتلك الصورة في حديث مشجعي ومشجعات كرة القدم إلا بعد الليلة التاريخية التي قضت على لويس روبياليس رئيس اتحاد كرة القدم الإسباني.
لنبدأ القصة من البداية .. وُلدت جيني في أحد أحياء مدريد يوم 9 مايو 1990، وقد بدأت ممارسة كرة القدم منذ الصغر، تأثرًا بجدها حارس مرمى أتلتيكو مدريد، وقد انضمت بالفعل إلى صفوف النادي بعدما اجتازت الاختبارات بنجاح وهي في عامها الـ12.
لعبت جيني مباراتها الأولى مع أتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني للسيدات الدرجة الثانية عام 2004 وسجلت خلالها هدفها الأول مع الفريق، ومن هنا كانت البداية، حيث تألقت فيما بعد وسجلت في الموسم التالي هدف الصعود إلى دوري الدرجة الأولى، وقد غادرت النادي باتجاه رايو فاييكانو عام 2010.
فازت هيرموسو باللقب الأول للدوري الإسباني مع رايو فاييكانو وقد سجلت هدف الحسم، وبقيت في الفريق حتى انتقلت إلى السويد في مارس 2013 بعد إفلاس الشركة المالكة لناديها الإسباني، ولكنها لم تستمر غادر إسبانيا سوى موسم واحد، إذ عادت بعدها وتحديدًا في يناير 2014 لكن لارتداء قميص برشلونة.
بدأت جيني صناعة التاريخ في البارسا، حيث ساهمت في نصف موسمها الأول بإحراز 9 أهداف منها هدف الفوز بالدوري ضد فريقها السابق، أتلتيكو مدريد، وكذلك هدف الفوز بالكأس، وقد فازت بالدوري في الموسم التالي، لكن الأمر لم يسر جماعيًا جيدًا للفريق ولكنها تُوجت بلقب هداف الدوري في موسم 2016-2017.
غادرت إسبانيا من جديد صيف 2017 لتلعب موسمًا واحدًا مع باريس سان جيرمان تعود في نهايته إلى نقطة البداية، أتلتيكو مدريد، لكنها غادرت بعد موسم واحد عائده إلى كتالونيا لتنضم إلى البارسا وتتحول إلى ماكينة أهداف.
حطمت هيرموسو التاريخ في برشلونة بعدما أصبحت الهداف التاريخي للفريق برصيد 181 هدفًا، وهو رقم حُطم فيما بعد بواسطة أليكسيا بوتياس، وقد غادرت من جديد إسبانيا صيف 2022 إلى باتشوكا المكسيكي وقد وُصفت تلك الصفقة بأنها الأفضل والأهم في تاريخ كرة القدم النسائية في أمريكا الجنوبية، وقد استمرت مع الفريق حتى يناير الماضي حيث انتقلت إلى فريق تايجرز المكسيكي.
حصيلة تلك المسيرة الممتازة على صعيد الأندية كانت 15 لقبًا أبرزها دوري أبطال أوروبا مع البارسا و7 ألقاب للدوري الإسباني، وقد فازت بلقب هداف الدوري الإسباني 4 مرات.
مشوار صاحبة الـ34 عامًا مع منتخب إسبانيا بدأت مع منتخبات الشابات، حيث تواجدت عام 2007 مع منتخب تحت 19 عامًا، قبل أن تنال دعوتها الأولى لتمثيل المنتخب الأول عام 2011 لكنها لعبت لأول مرة خلال مواجهة تركيا في يونيو 2012 وتأخر الهدف الأول إلى يناير 2013 وكان خلال مواجهة روسيا وديًا.
شاركت في يورو السيدات 2013 وبعدها في كأس العالم للسيدات 2015 وهنا ربما كانت بداية ظهور شخصيتها المتمردة، حيث شاركت مع اللاعبات في تمرد قاد في النهاية إلى الإطاحة بالمدرب، والسبب الرئيسي كان وضعها على مقاعد البدلاء في مباراتي إسبانيا الثانية والثالثة في دور المجموعات وخروج المنتخب من الدور الأول.
خيبة الأمل تواصلت في يورو السيدات 2017 وكأس العالم للسيدات 2019، لكن المنتخب حقق أخيرًا الحلم بالفوز بكأس العالم 2023 في كندا، وقد سجلت 3 أهداف منها هدفين في مرمى زامبيا وكانت تلك مباراتها الـ100 مع المنتخب، وقد فازت هيرموسو بثاني أفضل لاعبه بعد زميلتها أيتانا بونماتي.
كل هذا أبهر مشجعي ومشجعات كرة القدم النسائية والمنتخب الإسباني للسيدات ونادي برشلونة للسيدات، لكنه لم يُثر أبدًا اهتمام مشجعي الجزء "الرجالي" لكرة القدم أو متابعي الرياضة بشكل عام أو حتى القصص الجدلية والحوادث المثيرة والغريبة، لكن كل ذلك تغير بعد نهائي مونديال 2023 للسيدات الذي فاز به إسبانيا على إنجلترا بهدف نظيف.
اللقاء انتهى بشكل عادي، لكن ما غير عادي كانت تصرف لويس روبياليس رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم، حيث قام بتقبيل هيرموسو بقوة وبشكل غير لائق أبدًا على فمها مما عرضه لحملة من الانتقادات العنيفة شارك فيها العديد من الأشخاص أبرزهم رئيس الوزراء الإسباني.
.jpg?format=pjpg&auto=webp&width=3840&quality=60)
Goal / Getty / The Sunاتحاد الكرة الإسباني برر تصرف رئيسه في البداية ووصفه بالمتبادل، لكن اللاعبة نفت ذلك تمامًا وبعدها بدأت بحصد تعاطف العالم أجمع والبداية بزميلاتها في المنتخب، حيث أكدن رفضهم اللعب حتى إقالة الرئيس، ورغم تحدي روبياليس الجميع في البداية وتأكيده أنه لن يستقيل إلا أنه رضخ فيما بعد واستقال خلال حواره مع الصحفي بيرس مورجان.
الأمر لم يتوقف هنا أبدًا، حيث وصل إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم والمحاكم في إسبانيا، وقد عاقب الأول روبياليس بمنعه من ممارسة أي نشاط رياضي لمدة 3 سنوات فيما يُطالب الادعاء العام في المحكمة بسجنه لمدة عامين ونصف بجانب عقوبات أخرى.
القضية ربما أغلقت في أروقة فيفا وقريبة من ذلك في ساحات المحاكم الإسبانية، لكن صداها وتأثيرها مازال مستمرًا حتى يومنا هذا في الإعلام والسوشيال ميديا وقد أصبحت مثالًا للتصرفات المتهورة والغبية من المسؤولين وأصبحت جيني هيرموسو أبرز اسم في كرة القدم النسائية لكن ليس لموهبتها وإنجازاتها بل بسبب تلك القبلة والقضية.