جرت العادة أن يتم المبالغة في التجارب التدريبية الشابة، تلك التي يقودها أساطير نهايات التسعينات وبدايات الألفية الجديدة، المبالغة في رفع سقف التوقعات وصلت إلى ذروتها بعد نجاح زين الدين زيدان في تحقيق ثلاثة بطولات متتالية لدوري أبطال أوروبا، بعد 4 سنوات فقط من انتهاء رحلة جوارديولا التاريخية مع برشلونة.
منذ ذلك الحين دخل كلود ماكيليلي وباتريك فييرا وسولاري وستيفين جيرارد وفرانك لامبارد وكلارنس سيدورف وفيليبو إنزاجي وجينارو جاتوزو وآخرون عالم التدريب، ليس ذلك فقط، بل أن جزء منهم أشرف على فرق كبيرة وتمت مطالبته بالمنافسة على الألقاب، بالطبع زيدان لا يملك السر وحده، لذا فلا مانع من أن نكرر تجربته مرة أخرى.




مع شروع لامبارد في مسيرته التدريبية حصل على الكثير من الإشادات، وذلك من أجل وصوله إلى الملحق المؤهل للبريميرليج مع ديربي كاونتي، الفريق الذي لم يرشحه أحد لأي شيء في ظل وجود ليدز يونايتد وأستون فيلا وشيفيلد ونورويتش سيتي، ولكنه رغم ذلك كان قاب قوسين أو أدنى من الصعود إلى الدوري الممتاز، قبل أن يخطف أستون فيلا منه بطاقة الصعود.
موسم كان كفيلًا بأن يثق تشيلسي في أسطورته الأبرز وهدافه التاريخي لكي يشرف على المرحلة المقبلة للبلوز، خاصة وأنه لا يوجد مدرب كبير مستعد للمغامرة في ظروف كتلك التي يمر بها الفريق، تشكيل متوسط وحرمان من التعاقدات ورحيل حتى لأبرز نجومه طيلة السنوات الماضية إيدين هازارد.
لامبارد تولى المسؤولية منذ بداية الموسم، وسط ترقب من الجميع لتجربة أخرى يتجاوز فيها سقف الطموحات كما فعل مع ديربي كاونتي، في وقت اشترط فيه سوبر فرانكي ألا تتم محاسبته على أي شيء طالما تواجد وسط العشر الأوائل على سلم الترتيب، وهو محق في ذلك بالنظر إلى الإمكانيات المتاحة.
المهم أن الرجل قرر أن ينتهج أسلوبًا هجوميًا وكرة قدم متوازنة، ولكنه لم يمتلك الإمكانيات اللازمة لتطبيق ذلك، الرجل يستعد لترسيخ مبادئ جديدة في كرة القدم، الكرة الإنجليزية على موعد مع فلسفة لامباردية جديدة، كل هذا بالطبع تم استنتاجه بعد شوط مباراته الرسمية الأولى، ومن ثم التأكيد عليه بعد خسارة السوبر الأوروبي رغم التفوق على كلوب.
Getty Imagesالمبالغة في تقييم عمل لامبارد على الرغم من أن الرجل بالفعل ظهر بشكل جيد تسبب في نسف العمل كاملًا، وهو ما يحدث مع أي شيء في كرة القدم وخارجها، دائمًا ما تقود المبالغة في تمجيد أي شيء إلى المبالغة في نسفه كليًا، على الرغم من أن الصواب دائمًا ما يكون بين هذا وذاك.
المعطيات الموجودة تجعلنا نتفق على أن لامبارد يمتلك أفكارًا جديدة يسعى من أجل تطبيقها بالاعتماد على العناصر المتاحة، ولكنه لم يثبت بعد إمكانية ترجمة أفكاره تلك إلى كرة قدم حقيقية، ولنا في تجربة تييري هنري مع موناكو خير مثال على هذه القصة، والتي بالمناسبة لا تعطي مؤشرًا على فشل الرجل كمدرب بالضرورة، الأمور متشعبة لدرجة تجعلها غير قابلة للأحكام السريعة والمُعلبة في كلمة واحدة.
قرار تشيلسي بتعيين لامبارد لاقى هجومًا على الرغم من نجاح الرجل في تخطي سقف التوقعات، وذلك لأن الإحصائيات والأرقام تشير إلى أن نتائج ديربي كاونتي مع سوبر فرانكي لم تعبر إطلاقًا عن تفوق الفريق على خصومه، بل أن الأهداف المتوقعة كانت أكثر بكثير مما سجله الفريق وأقل بكثير مما تلقاه، وهو ما يبرز مبدأ الصدفة والذي لا يتكرر كثيرًا وفقًا للمتعارف عليه، خاصة إذا اختلفت المعطيات تمامًا.
في المقابل قال البعض إن الأهداف المتوقعة والإحصائيات لا تعبر بشكل كلي عن عمل المدرب، وأن النتائج النهائية في حال استمرت لفترة طويلة من الزمن فإنها بالضرورة لا تأتي عن طريق الحظ فقط، وهذا ما تم الرهان من خلاله على لامبارد في تجربة جديدة بطموحات أكبر.
ماسون مونت، هل اكتشف لامبارد خليفته في تشيلسي؟!
في النهاية لا يمكننا إعطاء حكمًا نهائيًا على تجربة لامبارد بعد 3 مباريات رسمية فقط، النجاح والفشل يحتاج إلى أكثر من ذلك لكي يتأكد، ما يمكننا القيام به الآن هو الاعتراف أن الرجل يمتلك مشروعًا، وصفه يحتاج إلى أن نراقب الوضع أكثر دون التفكير في التجارب المماثلة، أن نتعامل فقط مع الرجل على حدى وننسى أن هنري قد فشل مع موناكو، أو أنه السوبر فرانكي الهداف التاريخي لتشيلسي وأحد أبرز لاعبي الوسط في تاريخ كرة القدم.
