Ernesto Valverde Barcelona 2019-20Getty

عن فالفيردي .. كبش فداء نحر هُوية برشلونة

رحل إرنستو فالفيري عن برشلونة ليصبح أول مدرب يتعرض للإقالة منذ الهولندي لويس فان جال قبل 17 عامًا كاملة.

لم تؤثر فيه زلزلة "أنفيلد" أو طوفان "أوليمبيكو" أو فوز برشلونة بأداء هزيل ومهارة فردية خالصة من المنقذ ليونيل ميسي ولكنّ أطاح به أنخيل كوريا بعد أنّ أثبت أن تقديم أفضل 80 دقيقة في مسيرتك لا تكفي للفوز بالألقاب!

من سخرية القدر أنّ انتقاد صاحب الـ 55 عامًا بدأ بسبب المستوى السيء وهُوية برشلونة المسلوبة وتحفظ المدرب المبالغ فيه وتراجعه للدفاع حتى وهو يلعب أمام أضعف الفرق وأقلها خطورة، ومع ذلك لم تقترب رقبته أبدًا من المشنقة.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

ولكن حينما خاض مباراة هجومية بامتياز وسيطر واستحوذ لكن النتيجة خانته وجد نفسه راحلًا غير مأسوف عليه. لربما هذا درس للجميع أنّه لو وضعت النتيجة فقط معيارًا للنجاح فأنت تحفر قبرك بيدك. لا تدع ميكافيلي يقنعك بالعكس.

فالفيردي اُتهم كثيرًا بإهدار هُوية برشلونة وتبديد أحلام يوهان كرويف وتدمير الجيل الذهبي. ولكن هل كان الرجل سببًا في كل هذا حقًا؟

خيبة أمل روما وصدمة ليفربول ومحطات ساهمت في الإطاحة بفالفيردي من برشلونة

هُوية مؤقتة

Lionel Messi Tata Martino Barcelona Getafe Copa del Rey 01082014Getty Images

في 2012 أعلن بيب جوارديولا رحيله عن برشلونة بعد أن أرجع ذلك لكونه غير قادر على تقديم المزيد، ولكن الحقيقة أنّ خلافاته مع إدارة ساندرو روسيل ومعاونه جوسيب ماريا بارتوميو وصلت إلى طريق مسدود ليقرر المغادرة.

جاء صديق كفاحه تيتو فلانوفا ليقدم أفضل موسم في الدوري الإسباني لبرشلونة وتحقيق النقاط المائة ولكنّه خسر مقابل ذلك دوري الأبطال بصورة فاضحة.

مرضه بالسرطان، وعدم قدرته على التواجد مع الفريق، وتقديم مباريات تليق بهُوية الفريق حتى أنّ 2012-2013 هو الموسم الوحيد الذي شهد لقاءً لعب فيه 11 لاعبًا من أكاديمية اللاماسيا بصورة أساسية، جعلت الموسم يمر باحتفالية للرجل على الفوز بالدوري.

وهنا بدأ العد التنازلي

جاء تاتا مارتينو من البرازيل، لا أحد يدري لماذا وأين وكيف؟ وحتى لو كان ميسي السبب فوقتها روسيل هو من وقّع العقد.

لم ينتظر الأرجنتيني كثيرًا ليأتي يوم 22 سبتمبر 2013 ويواجه رايو فاييكانو فينتصر الفريق برباعية نظيفة ولكن يخسر الاستحواذ للمرة الأولى بعد 317 مباراة كاملة وبالتحديد منذ الخسارة من ريال مدريد في 7 مايو 2008.

نعم، برشلونة لم يعد الطرف المسيطر، كان الأكثر فعالية وسجل الأهداف وجلب النقاط، والجمهور وقتها قبل الأمر ولم يرى غضاضة أن يخسر البلوجرانا الاستحواذ طالما يقدم الفريق بداية جيدة في الموسم.

وبدأت الأمور في التراجع، وبدأ القبول بالتنازلات، لينتهي الأمر بخسارة النادي الكتالوني لكل شيء ويخرج دون بطولات بعد خمس مواسم متتالية لم يعرف النادي سوى الاحتفالات.

على الحبال

Messi Neymar Suarez

الأرقام تنصفه والمواقف تخذله.. هل استحق فالفيردي الإقالة؟

رحل مارتينو وجاء لويس إنريكي، الحديث عن فلسفة وهُوية برشلونة وأنّ الأرجنتيني لم يكن أبدًا مناسبًا بدأ يظهر، والآن الجميع في انتظار الثوري اللوتشو ليعيد مجد كرويف.

إنريكي كان يعشق الهجوم ولكنّه عدّل من فلسفة النادي فلم يعد خط الوسط هو من يمرر ويصنع ويخلق الثغرات، ولم تعد للتمريرات القصيرة والقطرية أهمية تُذكر لأن هناك السلاح السري. الـ MSN.

ميسي، سواريز ونيمار، ثلاثي هجومي فتاك، متفاهم في الملعب ويمتلك لامركزية مميزة وكل لاعب لديه ما يجعله مكملًا للآخر، أما دور خط الوسط فأصبح فقط حماية الثلاثي الهجومي أو كما يقول الإنجليز "doing the dirty work" بدلًا من المهاجمين.

والنتيجة هي موسم خيالي حصد فيه البلوجرانا الثلاثية، ثم انطلاقة موسم ثاني رائعة حتى أبريل حينما رحل كرويف ورحلت معه آخر وضمات فلسفة برشلونة.

الاعتماد على المهارات الفردية وحدها لا يكفي ولا يستمر طويلًا، ولذلك كان موسم 2016-2017 هو الأسوأ منذ سنوات وحتى الفوز بالكأس وحده لم يكفي.

كبش الفداء

Bartomeu Valverde BarcelonaGetty Images

فالفيردي جاء ولم يقدم نفسه أبدًا على أنّه المدرب المهوس باللعب التموضعي – عكس خليفته كيكي سيتين – جاء ليحمل وزر من سبقوه ويُظهر بوضوح أنّ هُوية برشلونة ماتت ودُفنت وأنّ للاعبين أمثال باولينيو وراكيتيش مكانًا في الشكل الجديد للبلوجرنا.

فالفيردي لم يقضي على فلسفة برشلونة، بل جاء وجدها تحتضر ليكمل عليها ويدعها ترحل في هدوء والجمهور يقف محتفلًا بنتائج دون أداء وينسى المتابع ما حققه هذا الجيل منذ سنوات حينما تمسك بعقيدة النادي.

لا يمكن لوم إرنستو، أو ربما نلومه لأنه قبل المشاركة في هذه اللعبة، ولكن قبل الحديث عن فالفيردي يجب توجيه أصابع الاتهام لبارتوميو الذي قتل كل ما يتعلق بالفلسفة، وأفسد أكاديمية اللاماسيا وترك مواهبها ترحل قبل الأوان بل وجلب مدربين لا يعرفون حتى قيمة النادي. 

فالفيردي كان ترسًا لما وصل إليه برشلونة، ولكن الآلة التخريبية الحقيقة توجد هناك في مقر رئاسة النادي.

تولي سيتين تدريب النادي لا يكفي لإعادة هُوية البلوجرانا، ولكن لابد من مشروع قادم من رئيس يؤمن ويثق بأفكار كرويف التي نجحت مرتين وحققت ما لا يتوقعه أحد!

إعلان