"منتخب الساجدين" أكثر ما اشتاقت له جماهير الكرة المصرية في السنوات الأخيرة، المنتخب الذي هيمن على القارة الإفريقية، وتوج بثلاث نسخ كأس أمم إفريقيا على التوالي أعوام 2006 و2008 و2010، بقيادة المعلم حسن شحاتة.
منذ 11 عامًا واختفت تمامًا هيبة الفراعنة بالقارة السمراء، حتى أنهم غابوا عن ثلاث نسخ متتالية من البطولة أعوام 2012 و2013 و2015.
هذا التخبط الكبير أفقد المنتخب المصري مكانته في إفريقيا، فأصبحت منتخبات أخرى كانت متأخرة عنه هي صاحبة الريادة الآن، كمنتخب الجزائر والمغرب والكاميرون والسنغال وغيرها.
أيام قليلة تفصل مصر عن مشاركتها الـ25 في البطولة القارية، والغريب أن الحديث في بعض وسائل الإعلام المصرية عن استبعاد الفراعنة من إمكانية تحقيق اللقب، حتى أن المدير الفني للفريق كارلوس كيروش، خرج وأعلنها أنه غير مطالب بتحقيق اللقب، إنما هدفه التأهل لكأس العالم قطر 2022، في نغمة جديدة على الكرة المصرية.
عدة أسباب تقف وراء هذه الحالة التي وصل لها المنتخب المصري في السنوات الأخيرة، نستعرضها في السطور التالية..
الجمود:
gettyالآن إذا نظرت إلى منتخب كالجزائر تجد أن غالبية لاعبيه محترفين في الدوريات الأوروبية الكبرى، منتخب كالمغرب لديها عديد اللاعبين البارزين في أوروبا، أما المنتخب المصري فتجمد مكانه..
على المستوى المحلي لم تنجح الكرة المصرية في التطور بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ورغم امتلاكها أحد أفضل اللاعبين في العالم؛ جناح ليفربول محمد صلاح إلا أن المحترفين المصريين لم ينجحوا في عكس تجاربهم الأوروبية على أداء المنتخب.
هناك محمود حسن "تريزيجيه"؛ محترف أستون فيلا، محمد النني؛ محترف آرسنال، أحمد حسن "كوكا"؛ محترف قونيا سبور، عمرو وردة؛ محترف باوك اليوناني، هؤلاء هم المحترفين الذين اعتمد عليهم المنتخب في السنوات الأخيرة، وجميعهم لم يقدم البصمة المطلوبة، ربما باستثناء فقط تريزيجيه، الذي يعد أفضلهم.
وفي الوقت الذي أصاب الجمود الكرة المصرية، طورت المنتخبات الأخرى من نفسها، حتى أخفت ملامح الفراعنة.
غياب الهوية:
getty imagesهوية؟ تعبير غائب عن المنتخب المصري منذ رحيل حسن شحاتة، بوب برادلي، شوقي غريب، هيكتور كوبر، خافيير أجيري وحسام البدري، مدربون تعاقبوا على قيادة الفراعنة، فطمسوا ملامحه..
منهم من يعتمد على الجانب الهجومي، ومنهم من يعتمد على طريقة دفاعية بحتة، ومنهم من يعتمد التوازن بين الدفاع والهجوم، كل يأتي ويطبق فكره الخاص بعيدًا عن المعطيات التي أمامه، بعيدًا عن هوية المنتخب، بل فرض كل منهم هويته الخاصة، فتخبط الأداء في فترات قصيرة وبهتت الصورة في الأخير.
تم تعيين أكثر من مستشار فني لاتحاد الكرة المصري، لكنه مجرد منصب صوري، فالمدرب الذي يتم التعاقد معه، يهدم كل ما سبقه، ويبدأ في البناء من جديد بحسب تفكيره الخاص، رغم أن قيادة المنتخبات تختلف كليًا عن الأندية.
المنتخبات الكبرى في العالم تتفق جميع فئاتها السنية على طريقة لعب موحدة، حتى يسير التسلسل بشكل جيد، وتبقى هوية المنتخب موجودة مع اختلاف المدربين والفئات والأجيال، لكن المنتخب المصري غير!
وهذا ينقلنا إلى سبب آخر ألا وهو..
سوء التخطيط الإداري:
otherتغلغل الفساد في اتحاد الكرة المصري في السنوات الأخيرة، وساءت الأوضاع أكثر منذ رحيل سمير زاهر، فلم يعد الاستقرار هدفًا ولا التخطيط هدفًا، المصالح الشخصية تحكم..
يظهر ذلك جليًا في التعامل مع النجم محمد صلاح، الذي كان يهدف المجلس السابق برئاسة هاني أبو ريدة، للاستفادة منه بعيدًا عن مصلحة المنتخب الفنية.
أزمات كثيرة أقحم مجلس أبو ريدة، صلاح بها، فخلق حاجزًا نفسيًا بين اللاعب ووجوده بالمنتخب.
كذلك غابت معايير التعاقد مع المدربين، لا تفهم لماذا تم التعاقد مع هذا وذاك؟، وتم إقحام المنتخب في مشكلات كما حدث في كأس العالم روسيا 2018، وغابت العقوبات كما حدث في كأس إفريقيا 2019، وغيرها من الأسباب الإدارية التي انعكست على المنتخب في الملعب.
اعتزال جيل الساجدين:
ربما كان من المفترض أن تكون هذه النقطة هي السبب الأول في غياب الفراعنة عن ساحة التتويج القارية في الـ11 عامًا الأخيرة، فأي فريق لا يتأثر باعتزال أحمد حسن، محمد أبو تريكة، وائل جمعة، عصام الحضري، حسني عبد ربه وغيرهم من كتيبة الساجدين التي شكلها حسن شحاتة؟
لكن إذا تم تجنب كافة الأسباب السابقة، ربما ما كان الوضع ليسوء إلى هذه الدرجة، لكن جميعها أسباب تجمعت وكونت منتخب هزيل بلا هوية ولا شخصية.
اقرأ أيضًا..
كأس إفريقيا 2021 .. عهد دولي جديد لصلاح وصراع أسطوري مع إيتو
محللون ومديرين .. أين هم نجوم منتخب مصر المتوجين بأمم إفريقيا 2010 الآن؟
لماذا تم استبعاد أفشة من قائمة مصر في كأس الأمم الإفريقية 2021؟


