المنتخب السعودي

أساطير سعودية منسية | 142 مباراة مع الأخضر والنهاية سجين وحارس أمن

نواصل حديثنا عن نجوم وأساطير كرة القدم السعودية المنسية والتي قد لا يتذكرها جيدًا الجمهور الحالي، واليوم نصل لنجم الأهلي و الهلال  الذي كان أول من وصل إلى 100 مباراة مع المنتخب السعودي وانتهى به المطاف سجينًا وحارسًا للأمن.

حديثنا اليوم عن القصة المأساوية والدرامية لأحد أفضل مدافعي الدوري السعودي والأخضر على مدار تاريخه .. عبد الله سليمان زبرماوي.

البداية والمشوار مع الأهلي

وُلد عبد الله سليمان في 15 نوفمبر 1973 في حي المصفاة جنوب مدينة جدة غرب السعودية، وقد بدأ مسيرته الكروية بالانضمام لقطاع الناشئين في النادي الأهلي عام 1982 وترعرع به حتى وصل للفريق الأول.

عبد الله تحدث عن بدايته مع كرة القدم قائلًا "بدأت كرة القدم مثل الجميع في الشوارع والحواري، والدي كان مشجعًا كبيرًا للأهلي وكان دائم الحضور في الملاعب لتشجيعه، وقد دعمني وشجعني على لعب كرة القدم".

"انضممت للأهلي وكان عندي 12-13 عامًا، تحديدًا عام 1403 هجريًا، سجلت في فريق البراعم وتدرجت معهم حتى وصلت الفريق الأول وكان هذا عام 1409 هجريًا 1988 ميلاديًا، وقتها كان الأهلي يُعاني في الموسم السابق (1987-1988) وقد ضمن البقاء في الدرجة الممتازة بالفوز على القادسية في آخر مباراة من الموسم، تعاقدت الإدارة الجديدة في الموسم التالي مع المدرب سباستياو لازاروني وقامت بضخ دماء جديدة وكنت أنا من بين الذين اختارهم من فريق الشباب بالنادي".

أصبح عبد الله سليمان سريعًا أحد العناصر الأساسية في الأهلي، بل وبات أحد أفضل المدافعين في الدوري السعودي، لكنه رغم هذا لم يُوفق مع النادي على صعيد البطولات بسبب عوامل عديدة أبرزها عدم الاستقرار الإداري والفني.

لم يُحرز اللاعب الملقب بالرادار سوى لقب واحد مع الأهلي هو  كأس ولي العهد السعودي عام 1998 بعد الفوز على الشباب في المباراة النهائية، وكان هذا اللقب هو الأول للنادي بعد غياب 14 عامًا.

الرحيل عن الأهلي وارتداء قميص الهلال

صُدم الجمهور الأهلاوي عام 2001 بخبر انتقال مدافعهم الصلب عبد الله إلى سليمان لصفوف الهلال في صفقة كبيرة، فقد كان عبد الله سليمان أحد أبرز نجوم الدوري والمنتخب السعودي وشارك في كأس العالم وكأس آسيا.

كثرت الأقاويل حول سبب انتقال اللاعب صاحب الـ28 عامًا آنذاك وقد اتهم بالبحث عن المال، لكنه يُوضح بنفسه حقيقة رحيله بالقول "تحدث العديد من الناس حول سبب رحيلي عن الأهلي، لكن لم يصل أحد للكلام الصحيح ومن يعلمه لم يُصرح به. ما حدث أن النادي الأهلي هو من باع عقدي إلى الهلال، وكان ذلك برضاي بالطبع".

عبد الله سليمان أوضح خلال حديث له مع الإعلامي فيصل زيد أن الهلال حاول ضمه مرتين عامي 1996 و1998 ولكن الأهلي رفض تمامًا، وقد عاد الزعيم لمحاولة ثالثة عام 2000، وكانت البداية في معسكر المنتخب السعودي لكأس آسيا 2000 في لبنان.

يقول اللاعب عن ذلك "كنا ذلك الوقت في لبنان خلال كأس أمم آسيا 2000 وقد جاءني أحد لاعبي الهلال ولا أستطيع ذكر اسمه وأخبرني أن أحد المسؤولين في الهلال يُريد الحدث معي، وتحدثت بالفعل مع الشيخ عبد الرحمن بن سعيد وأخبرني برغبتهم ضمي للهلال".

"أخبرته بأن عقدي مازال مستمرًا مع الأهلي لمدة 4 أشهر، وطلب مني أن أوقع لهم عند انتهاء عقدي وهو سيتولون الأمور مع الأهلي، لكني رفضت وطلبت منهم الحديث مع الإدارة الأهلاوية لضمي لأن النادي لم يُقصر معي أبدًا، رد علي قائلًا أنهم تحدثوا سابقًا مع الأمير محمد ولم يتجاوب معهم فأجبته أنني كذلك لن أدخل في صدام معه لأن علاقتي معه كانت جيدة".

"في النهاية طلب مني عبد الرحمن بن سعيد أن أتحدث أنا مع الأمير محمد، وقد أخبرته بالفعل وسألني عن رأيي وقلت له الرأي رأيك".

تابع "علمت بعدها أن الأمير بن محمد كان رافضًا للفكرة لكن أحد الأشخاص القريبين منهم أبلغه أن تلك خطة بين عبد الله والهلاليين للضغط عليه والحصول على مقدم عقد، في هذا الوقت النادي كان يُعاني ماليًا وكان هناك حاجة للمال لإقامة معسكرات خارجية لفرق اليد والطائرة".

"تحدثوا مع الأمير محمد من جديد وأخبروه أن الأفضل هو بيع عبد الله سليمان للهلال لتوفير المال اللازم وفي نفس الوقت خوفًا من توقيعي للهلال دون علم الأهلي وبالتالي حصول النادي على مبلغ قليل تبعًا لنظام المقاصة الذي كان معمولًا به آنذاك في الدوري السعودي".

"تحدثت إدارة الأهلي بالفعل مع المسؤولين في الهلال وطلبوا الحصول على مليون ريال سعودي ثمنًا لعقدي، وتمت الصفقة بالفعل".

تجربة الهلال ... حلوة ومرة

وصف عبد الله سليمان تجربة الهلال بأنها حلوة ومرة في نفس الوقت، الحلاوة كانت في التعرف على أجواء جديدة وتحقيق بطولات كثيرة وهو ما سمح له الاجتماع بشخصيات كبيرة لم يُتاح لهم مقابلتهم خلال تواجده مع الأهلي.

المرار في تلك التجربة يقول عنه عبد الله "التجربة كانت مرة لأني بقيت دون لعب في العام الأول من عقدي، قيل لي أنه رؤية فنية لكنني رغم هذا كنت أساسيًا مع المنتخب السعودي ولم يكن أي مدافع من الأساسيين في الهلال مع الأخضر".

المدافع الصلب حقق نجاحًا ملحوظًا مع الهلال على مستوى البطولات بالفعل، إذ توج معه بكأس ولي العهد وكأس خادم الحرمين الشريفين وكأس الكؤوس الآسيوية، لكن هذا النجاح لم يكن على مستوى اللعب والأداء إذ كان محل انتقادات جماهيرية كثيرة لتراجع مستواه.

تاريخ ذهبي مع المنتخب السعودي

عبد الله سليمان حقق الكثير من النجاح على مستوى الأندية، لكنه نجاح لا يُقارن أبدًا بنجاحه وتفوقه مع المنتخب السعودي الذي انضم له مبكرًا جدًا.

مباراة سليمان الأولى مع الأخضر كانت لقاء الفوز على نيوزلندا وديًا 3-1 في 18 إبريل 1993 ولم يكن قد وصل عامه الـ20 بعد.

مشوار الرادار مع المنتخب السعودي كان رائعًا بالفعل، إذ ظل لمدة 8 سنوات تقريبًا قلب الدفاع الأساسي والصلب في دفاع الأخضر مع اختلاف المدربين والأجيال.

البداية الحقيقية كانت لقاء المغرب في كأس العالم 1994 حين شارك بديلًا بعد إصابة زميله عواد العنزي، وقد لعب المباراة التالية في دور المجموعات أمام بلجيكا ومن ثم مواجهة دور الـ16 أمام السويد.

عبد الله سليمان زبرماوي السعوديةSocial

خاض سليمان بعدها دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية في اليابان 1994 ضمن منتخب السعودية تحت 23 عامًا، وبعدها كأس الخليج وكأس القارات 1995 مع الفريق الأول.

تألق سليمان بعد ذلك في كأس آسيا 1996 والتي تُوج بها الأخضر بعد الفوز على الإمارات بركلات الجزاء الترجيحية، وشارك كذلك في كأس العالم عامي 1998 و2002.

خاض المدافع الصلب 142 مباراة مع المنتخب السعودي تضمنت العديد من البطولات على مستوى الخليج والعرب وآسيا والعالم، وكانت آخر مبارياته مواجهة إيرلندا في كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.

وحسب الاتحاد الدولي فيفا، فقد خاض عبد الله سليمان 118 مباراة دولية مع المنتخب السعودي وهو أول لاعب في تاريخ الأخضر يصل لحاجز الـ100 مباراة دولية في إنجاز ذهبي.

نهاية مأساوية ... دراما السجن والعمل حارسًا للأمن

صُدم الجمهور السعودي في إبريل 2004 بقرار منع عبد الله سليمان من السفر ومن ثم سجنه على ذمة قضايا مالية، ذلك بعدما خاض مباراة الهلال ضد الأهلي في نصف نهائي كأس ولي العهد السعودي في مارس 2004.

قال عبد الله لصحيفة عكاظ من داخل سجنه عام 2004 "سُجنت بسبب مطالبات مالية تُقدر بمليوني ريال سعودي، الجزء الأكبر منها والبالغ 1.5 مليون ريال كان نتيجة كفالتي أحد الأشخاص الذي لم يُسدد الكفالة، وقد طالبني أصحاب المديونية بالمال كوني الكفيل ولأنهم ظنوا أنني قادر على السداد".

أضاف "أما المبلغ المتبقي وهو نصف مليون ريال سعودي تقريبًا فهو حقوق خاصة في ذمتي لبعض الأشخاص، وقد كان هناك اتفاقًا بيننا على التسديد بنظام الأقساط لكنهم استغلوا فرصة وجودي في السجن وطالبوا بالحقوق كاملة ولم أستطع جمع المبلغ المطلوب".

حاول بعض المسؤولين في كرة القدم السعودية مساعدة عبد الله سليمان وجمع المال اللازم لإخراجه من السجن لكن لم ينجحوا في كامل المبلغ ليُسجن لمدة عامين تقريبًا.

عبد الله سليمان زبرماوي السعوديةSocial

غادر اللاعب بعدما تكفل بالمبلغ الأمير خالد بن عبد الله ورئيس الاتحاد السابق "منصور البلوي" وفاعل خير لم يكشف عنه سليمان في البداية لرغبته الخاصة وبعد وفاته قال أنه الشيخ خالد بن محفوظ عضو شرف نادي الاتحاد في حوار مع صحيفة الشرق عام 2012.

حاول المدافع الأسطوري العمل في مجال التدريب أو الإدارة لكن كل محاولاته باءت بالفشل، ليتجه للعمل كحارس أمن في أحد العقارات في جدة، وقد ظهر على فضائية "MBC" السعودية من مقر عمله عام 2011 وأثار استياء وتعاطف جميع من شاهد تلك الحلقة من برنامج "بالمرمى".

وكان آخر حوار أجراه اللاعب مع الإعلامي فيصل زيد عام 2019 وأكد خلاله أن حلمه هو الحصول على وظيفة ثابتة.

وقد قال عن وضعه الحالي "الوضع الحالي سيئ لكن الأمل قوي في الله ودومًا الحمد لله، لست موظفًا حاليًا وأبحث عن وظيفة لائقة، عملت سابقًا في وظائف مثل حارس أمن وغيرها لكنها لم تكن الوظيفة المناسبة والقادرة على مساعدتي لتسديد التزاماتي".

أتم قائلًا والحسرة تملأ صوته "لا أمتلك بيتًا ولا أمتلك سيارة كذلك، وأبحث عن وظيفة جيدة تساعدني على الحياة وسداد التزاماتي المالية".

هذه كانت نهاية المدافع الأسطوري الذي أبلغ بأنه تخطى حاجز الـ100 مباراة (تحديدًا 118) مع الأخضر وهو داخل سجن الملز في الرياض.

إعلان