Olivier Giroud Zinedine Zidane Thierry Henry France GFXGetty/Goal

الظلم البيِّن.. الأرقام تضع جيرو بين هنري وزيدان، فلماذا تسحقه الجماهير؟

في بعض الأحيان تغلب الأهواء على المنطق، وتغلب اللقطات على المجمل، هذا ما يمكن أن يصف رأي الجماهير في أوليفيه جيرو، مهاجم تشيلسي، الذي يحظى بقبول من جميع خبراء كرة القدم، لكنه لم يحظ يومًا بربع هذا القبول من جماهير الساحرة المستديرة.

يقول ديدييه ديشان، المدير الفني لمنتخب فرنسا عن سبب إصراره على جيرو رغم ما يتعرض له من انتقادات "كثيرًا ما نتحدث  عنه وكثيرًا ما يتم استنكاره، أقول أنها أمور غير عادلة تحدث له".

وفي كل سوق انتقالات، تجد اهتمامًا من أغلب أندية العالم بجيرو، فمثلًا في الصيف الماضي كان مثار اهتمام توتنهام وإنتر، ووصل الأمر لربطه ببرشلونة في فترة من الفترات، العودة إلى فرنسا تطرح دومًا، فرق إنجلترا كلها تنظر إليه عن كثب، في النهاية يقرر فرانك لامبارد الإبقاء عليه ولا يتوقف عن مدحه حتى وإن كان بديلًا.

وعندما يُنظر إلى آراء المدربين الكبار فيه، فتجد اتفاقًا على قدراته العظيمة، فهل هناك أعظم من شهادة عملاقين كبيب جوارديولا وجوزيه مورينيو؟ هل هناك دلالة أكثر من حديث بطل العالم ديشان؟ حتى زملائه لم يتوقفوا عن الإشادة به.

لكن تنظر إلى الجانب الآخر وتحديدًا إلى المدرجات، تجد الجماهير تكرهه، ليس فقط كراهية، فإن كانت كراهية ممزوجة باحترام للقدرات مثلًا، لصار الأمر طبيعيًا، لكن على النقيض، الكراهية ممزوجة باقتناع بأنه لاعب مثير للسخرية وضعيف فنيًا.

صحيح أن تجربة جيرو في آرسنال لم تكن عظيمة، ولكنها أبدًا لم تكن فاشلة كما حاول البعض الترويج لهذا الشيء، وصحيح أن للمهاجم الفرنسي سقطاته، لكن الأكيد أنه لا يستحق هذا السحق والسخرية الدائمة منه من قبل الجماهير.

هل هذا نتاج رأي فني فقط؟ في واقع الأمر أن الأمر برمته تؤكده أرقام وإحصائيات دقيقة، إنها أرقام تضع صاحب الـ32 عامًا في خانة أساطير اللعبة الحقيقيين، في وقتٍ تقارنه فيه بعض الجماهير بينتنرمثلًا.

رونالدو يهدد سيفوري في مئويته ويتفوق على ميسي بعد انتصار يوفنتوس على جنوى

هداف بالفطرة مع الأندية

Olivier Giroud Chelsea 2020Getty

ما الذي يحتاجه المهاجم ليُصنف بالجيد أو السيئ؟ أمران، الأول والأهم هو إحراز الأهداف، والثاني هو قدرته على المساعدة سواءً بفتح المساحات أو اللعب كمحطة أو أمور من هذا القبيل.

إذًا، فهل نجح جيرو في الأمرين؟ الواقع أن كارهيه يقولون أنه ينجح في الثاني ويفشل في الأولى، لكن من أجل هذه الإدعاءات الكاذبة خُلقت الأرقام، التي تدحض الأمر شكلًا وموضوعًا.

على صعيد التهديف، أحرز جيرو 217 هدفًا في 513 مباراة بقميص الأندية التي مثلّها سواءً في فرنسا أو في إنجلترا.

على صعيد الدوري الفرنسي، كان جيرو هو هداف البطولة في موسم 2011-12 بقميص مونبيليه، عندما أحرز 21 هدفًا للفريق المعتاد التواجد في منتصف الجدول، وقاده لتحقيق لقب الليج آ التاريخي على حساب باريس سان جيرمان الواعد حينها.

إجمالي ما سجله جيرو في فرنسا بين الدرجتين الأولى والثانية 65 هدفًا، كان هذا كافيًا لجذب كل الأندية الكبرى له في مطلع العقد المنتهي، لينتقل إلى آرسنال، فماذا فعل مع الجانرز؟

في 253 مباراة بقميص النادي اللندني، سجل جيرو 105 هدفًا على مدار 7 سنوات، باستثناء كريستيانو رونالدو وميسي وتلك الأساطير، من الصعب أن تجد لاعبًا يٌحقق أرقامًا قريبة من هذه أبدًا.

الآن، يلعب جيرو مع تشيلسي، وكم أحرز بقميص البلوز؟ 35 هدفًا في 100 مشاركة، الغريب أن أغلبها كبديل، هذه الأرقام تقول الكثير عن قدرات الفرنسي وتُنهي على حديث فوائده الخفية مقابل أنه ليس بالهداف.

آخر إنجازات جيرو كانت بأنه بات اللاعب الوحيد في تاريخ تشيلسي الذي يحرز أربعة أهداف في مباراة واحدة بدوري أبطال أوروبا، فعلها الفرنسي ورغم ذلك يُنظر إليه كمحطة لا هداف!

يكتب التاريخ مع المنتخب الفرنسي

Olivier Giroud Francehttps://www.gettyimages.fr/detail/photo-d'actualit%C3%A9/frances-forward-olivier-giroud-celebrates-after-photo-dactualit%C3%A9/1228943848

إذا لم يكن جيرو محظوظًا بالقدر الكافي على صعيد الأندية في أن تبروز مجهوداته بتحقيق ألقاب منذ مونبيليه، فقد ذهب لآرسنال في فترة عصيبة، وتشيلسي ليس أفضل حالًا أيضًا، فإنه أيضًا لم يكن محظوظًا بأن تبروز مجهوداته بالصورة المناسبة مع منتخب فرنسا.

الواقع أن جيرو عندما يُقارن في فرنسا فإنه لا يقارن سوى بتيري هنري، ويمكن أن يصنف باعتباره أحد أساطير منتخب الديوك، هذا ليس رأيًا فنيًا أو فرديًا، بل إنه رأي تدعمه الأرقام.

خلال 105 مباراة لعبها جيرو بقميص منتخب فرنسا، أحرز 44 هدفًا ما بين المونديال وكأس الأمم الأوروبية وتصفيات البطولتين وكذلك دوري أمم أوروبا، ليكون بذلك هو الهداف الثاني للمنتخب عبر تاريخه بعد هنري، الذي سجل 51 هدفًا.

حظوظ جيرو في معادلة رقم هنري قائمة بالفعل، فمشاركته أكيدة في ظل تواجد ديشان الذي يقتنع كثيرًا به، فهل يُعقل أن يكون المرشح الأول ليكون هداف منتخب بحجم فرنسا بهذا السوء الذي تحاول بعض الجماهير تصويره به؟

في كأس العالم الذي حققه فرنسا صحيح أن جيرو لم يسجل، لكن هنا ظهرت الميزة الثانية التي جعلته يتواجد في كل المباريات تقريبًا ولا يستغني عنه المدرب بل ويشيد به.

لقد جمع جيرو بين القدرة على التسجيل بغزارة والقدرة على مساعدة فريقه بمهارات أخرى، هذا ما تؤكده الأرقام ويؤيده جميع المدربين الكبار حول العالم، لكنه واجه سوء حظ بأن جهوده لم تتوّج بالصورة المثالية التي تُضفي عليه هالة إعلامية، بل على النقيض، نسيّ الناس ما قدمه واكتفوا بتذكر لقطاته السيئة والنهاية.. بدلًا من أن يكون في مكانة تيري هنري وزين الدين زيدان،  ظلم بيِّن تعرض له أحد أفضل المهاجمين في العالم.

إعلان