يتعرض عمر السومة مهاجم الأهلي إلى انتقادات كبيرة منذ بداية الموسم الجاري، حيث يُحمله العديد من المحللين والنقاد والجماهير الجزء الأكبر من عجز فريقه على الوصول لمرمى الخصوم وإحراز الانتصارات وحصد النقاط، فهل يستحق المهاجم السوري كل هذا النقد؟ نُحاول الإجابة على السؤال من خلال رقم جديد بدأ يظهر في الإحصائيات الخاصة بكرة القدم، رقم الأهداف المتوقعة.
الأهلي لم يفز سوى في 3 مباريات من إجمالي 12 هذا الموسم في الدوري السعودي، ولم يُسجل سوى 14 هدفًا، وقد سجل السومة 3 أهداف فقط رغم لعبه 10 مباريات.
- اقرأ أيضًا | شأن نهائي آسيا .. نصيحة واقتراح من المريسل لجمهور الهلال ورئيسه
المهاجم السوري، وبعد مفاوضات طويلة وشاقة، جدد عقده مع الفريق الجداوي في يناير 2021 لينتهي صيف 2024، وذلك مقابل ما يقرب من 40 مليون ريال سعودي خلال المواسم الثلاثة.
البعض انتقد تلك الخطوة من مجلس إدارة الأهلي السابق برئاسة عبد الإله مؤمنة، إذ رأوا أن وقت المهاجم السوري مع الفريق انتهى ويجب تجديد الدماء والتعاقد مع مهاجم شاب لديه من الجوع والطموح ما يكفي لإعادة النادي لمنصات التتويج ... وقد كنت مع هذا الرأي تمامًا، خاصة أن السومة كذلك بحاجة إلى تجربة جديدة تُنعش طموحاته وتُجدد جوعه للأرقام والإنجازات.
الموسم الماضي والجاري شهدا تراجعًا واضحًا في أداء وأرقام السومة، إذ لم يُسجل الموسم الماضي سوى 12 هدفًا من 24 مباراة، فيما لم يستطع هذا الموسم إحراز أكثر من 3 أهداف أحدهم من ركلة جزاء.
الأرقام والإحصائيات تُساعد في كشف الكثير من الحقائق الفنية حول اللاعبين، وأحد هذه الأرقام رقم جديد ظهر مؤخرًا يُطلق عليه "الأهداف المتوقعة"، وهو رقم سنستخدمه اليوم لإيضاح الحالة الفنية لعمر السومة.
ما هو رقم "الأهداف المتوقعة"؟
الأهداف المتوقعة رقم إحصائي أسسه سام جرين من أوبتا عام 2012 وبدأ تطبيقه موسم 2013-2014، ويرمز ببساطة إلى جودة الفرص السانحة للفريق أو اللاعب ومدى إمكانية تحولها إلى أهداف.
ويعتمد الأمر في حساب "الأهداف المتوقعة" على عدة عوامل خاصة بالفرصة، أبرزها البُعد عن المرمى وزاوية التسديد ونوعية الفرصة ومدى جودة التمريرة الحاسمة والجزء المستخدم في التسديد، إن كان القدم أو الرأس.
رقم الأهداف المتوقعة يتراوح بين الـ0 والـ1، وكلما اقترب من الصفر يعني ذلك قلة جودة الفرصة وقلة إمكانية ترجمتها إلى هدف، والعكس صحيح.
الرقم له دلالات واضحة على الأداء الجماعي للفريق والفردي للاعبين، مثلًا إن كان "الأهداف المتوقعة" لأي فريق كبيرًا يعني أنه يصنع العديد من الفرص الجيدة والسهلة للمهاجمين، فيما إن كان صغيرًا فهو يعني أن الفرص السانحة للمهاجمين صعبة.
وإن سجل المهاجم عددًا من الأهداف يفوق "الأهداف المتوقعة" يعني هذا أنه بارع ويُجيد استغلال الفرص الصعبة، فيما لو سجل عددًا أقل يعني ذلك أنه يُهدر فرصًا سهلة من وضعيات جيدة للتسجيل.
وقد تطورت تلك الإحصائية في السنوات الأخيرة، وأصبحت تُحسب كذلك للفرص بخلاف ركلات الجزاء، وكذلك للتسديدات على المرمى، وللتمريرات الحاسمة، وأيضًا ظهرت إحصائيات خاصة بحراس المرمى تتعلق بعدد الأهداف المتوقعة ضدهم للكشف عن مدى جودتهم في التصدي للفرص الصعبة، وقد أصبحت الأرقام تُحسب للموسم كاملًا أو المباراة الواحدة.
ما هو عدد "الأهداف المتوقعة" للسومة خلال المواسم الخمسة الأخيرة؟
لاشك أبدًا أن السومة مهاجم كبير وقناص داخل منطقة الجزاء، يُجيد اللعب بالرأس واستغلال الفرص والتسديدات القريبة والبعيدة، ويُنفذ الكرات الثابتة بإتقان رائع، لكن المؤكد أيضًا أن مستواه والأهم رغبته وطموحه بدأ بالتراجع تدريجيًا في الموسمين الأخيرين.
اللاعب عبر بنفسه عن ذلك حين طالب الإدارة في الموسم الماضي بدعم الفريق وتقديم "مهر الدوري" لمنافسة الكبار على الألقاب والعودة للعب في دوري أبطال آسيا.
السومة بدأ مسيرته مع الأهلي موسم 2014-2015، لكن الإحصائية الخاصة بعدد الأهداف المتوقعة موجودة للدوري السعودي بدءًا من موسم 2017-2018.
العقيد وخلال مواسم، 2017-2018 و2018-2019 و2019-2020، كان يُسجل دومًا عددًا من الأهداف يفوق الأهداف المتوقعة، فيما أصبح المنحنى في الانخفاض في الموسمين الأخيرين، حيث سجل عددًا أقل من الأهداف المتوقعة.
السومة خلال موسم 2017-2018 سجل 11 هدفًا خلال 14 مباراة، إذ غاب طويلًا للإصابة، وقد كان عدد الأهداف المتوقعة له 9.78، فيما عدد الأهداف المتوقعة دون ركلات الجزاء 8.99.
Goal ARخلال موسم 2018-2019، سجل اللاعب 19 هدفًا، وكان عدد الأهداف المتوقعة له 15.46، فيما عددها دون ركلات الجزاء وصل إلى 12.3، وقد سدد السومة هذا الموسم 4 ركلات جزاء سجلها جميعًا.
خلال موسم 2029-2020، أحرز صاحب الـ32 عامًا 19 هدفًا أيضًا، وكان عدد الأهداف المتوقعة له 20.59، فيما عددها دون ركلات جزاء كان 17.44، وقد سدد اللاعب هذا الموسم 4 ركلات جزاء لم يُسجل سوى نصفها، ولهذا نلحظ أن أهدافه جاءت أقل من الأهداف المتوقعة المتضمنة لركلات الجزاء.
كما نلاحظ، كانت الأمور إيجابية جدًا .. السومة كان قادرًا على استغلال الفرص الصعبة وأنصاف الفرص لإحراز الأهداف، ودومًا كانت أهدافه تفوق أهدافه المتوقعة مما كان يُساعد الأهلي كثيرًا على حصد النقاط حتى لو كانت منظومته الهجومية ليست بالجودة المطلوبة .. أي أن اللاعب كان يُعوض ذلك النقص بأدائه الفردي الرائع.
انقلب الحال في الموسمين الأخيرين، إذ لم يُسجل السومة في الموسم الماضي سوى 9 أهداف خلال 24 مباراة، رغم أن الأهداف المتوقعة له كانت 16.66، والأهداف دون ركلات الجزاء كانت 12.71، وقد سدد 5 ركلات جزاء هذا الموسم سجل 3 وأهدر 2.
هذا الموسم، سجل اللاعب 3 أهداف كما أسلفت، وقد بلغ عدد أهدافه المتوقعة 3.84، ودون ركلات الجزاء وصل إلى 3.05، وقد سدد ركلة جزاء نجح في إحرازها.
هل انتهى زمن السومة مع الأهلي؟
الأرقام السلبية قد تبدو لك ليست بالكبيرة خاصة هذا الموسم .. هذا صحيح، لكنها تؤكد أن السومة لم يعد يُساعد الأهلي بأدائه الفردي وأهدافه من الفرص الصعبة، بل أصبح يحتاج إلى فرص جيدة ومنظومة قوية لصناعة الفرص ليُسجل .. أي لم يعد السومة المخيب الذي يُسجل من أنصاف الفرص.
هل الأهلي مضطر لدفع 3.3 مليون دولار سنويًا لمهاجم لا يُسجل الفرص الصعبة؟ بالتأكيد لا.
دعني أخبرك فقط أن هدافي الدوري لياندري تاوامبا وأوديون إيجالو برصيد 9 أهداف يتفوقان بشكل مذهل في تلك الإحصائية.
مهاجم التعاون سجل 9 أهداف رغم أن أهدافه المتوقعة هذا الموسم كانت 4.69، فيما أهداف نجم الشباب المتوقعة كانت 6.37.
كريم بركاوي مهاجم الرائد سجل 7 أهداف والأهداف المتوقعة له بلغت 4.87، فيما الأهداف المتوقعة لرومارينيو صاحب الـ7 أهداف كانت 6.95.
كما نرى .. كل أولئك المهاجمين ساعدوا فرقهم جيدًا لتفادي بعض المباريات الصعبة، أولئك أنقذوا فرقهم من الخسارة في ظل أداء سيئ هجوميًا بإحرازهم أهدافًا صعبة ومن أنصاف الفرص.
شخصيًا مقتنع تمامًا أن السومة لديه بعد ما يُقدمه في الملاعب، لكن بعيدًا عن الأهلي وليس بقميصه ... اللاعب مل من أزمات النادي الإدارية والمالية، فقد طموحه مع الفريق والأمل في إمكانية تحسن الأمور والعودة إلى المنافسة .. هذا جعله يفقد الرغبة في العطاء والتضحية لصالح القميص الأهلاوي.
الحل الأفضل للطرفين انتهاء العلاقة بالتراضي والود، ليبحث كل منهما عن جوع وطموح جديد .. الأهلي عن مهاجم مازالت لديه الرغبة والسومة عن فريق يُنعش له طموحاته ويُعيد له رغبته.


