رحل الثنائي باتريس كارتيرون ورينيه فايلر عن الزمالك والأهلي على الترتيب قبل انتهاء الموسم وخاصة دوري أبطال أفريقيا، إذ تلقى الأول عرضًا مغريًا من نادي التعاون السعودي فيما حالت الظروف الأسرية استمرار الثاني مع بطل الدوري المصري.
مسيرة المدربين مع الناديين كانت ممتازة، كارتيرون تُوج بالسوبر الأفريقي على حساب الترجي التونسي والسوبر المصري أمام الأهلي وتأهل لنصف نهائي دوري أبطال أفريقيا وصنع للزمالك هوية تكتيكية محددة خاصة في المباريات الكبيرة والصعبة، وقد التف الجمهور حوله بقوة ونال دعم الإدارة واللاعبين.
فايلر نجح في افتتاح موسمه بالفوز بالسوبر المصري أمام الزمالك وبعدها نجح بالتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا وتُوج بالدوري المصري، وقد قدم أداءً مذهلًا مع الأهلي حتى توقف الدوري في مارس الماضي بسبب أزمة فيروس كورونا الجديد (كوفيد 19).
- اقرأ أيضًا | فيديو | إبراهيموفيتش في حوار تخيلي: لعن الله يوم أن طلبت "الفيراري" من ميدو، والأهلي لا يقف على أحد
رحل المدربان بعد أحداث مثيرة للجدل، وقد تركا بالتأكيد آثارًا سلبية لرحيلهما المفاجئ والصادم، لكن من رحيله كان صاحب الآثار السلبية الأكبر على فريقه؟ هذا ما نناقشه ..
باعتقادي أن رحيل المدرب الفرنسي عن الزمالك هو الأكثر سلبية على الفريق من الجوانب الفنية والنفسية من تلك الآثار التي صاحبت رحيل السويسري عن الأهلي.
نفسيًا لأن رحيله جاء صادمًا وسريعًا ودون أي مقدمات، حدث بين يوم وليلة، إلى جانب أنه كان قريبًا من جميع اللاعبين وليس لديه خلافات مع أحد، كما أنه ترك بصمة واضحة على أداء عدد من اللاعبين مثل يوسف أوباما وأشرف بنشرقي وطارق حامد ومنح الفرصة لعدد من الشباب وعلى رأسهم أسامة فيصل وأحمد عيد.
على الجانب الآخر، رحيل فايلر بدأ التمهيد له منذ شهر تقريبًا، حين اقترن اسمه ببيراميدز وعدد من الأندية السعودية، ومن ثم حين بدأ الحديث عن البند الذي يسمح له بالرحيل دون شروط جزائية في الأيام العشرة الأولى من أكتوبر، وحُسم الأمر قبل 10 أيام تقريبًا حين طفت الخلافات مع إدارة الأهلي إلى السطح.
Goal Arabicهذا الرحيل التدريجي عن الأهلي قلل من الصدمة لدى اللاعبين بالتأكيد، وجعلهم يتقبلون الفكرة رويدًا رويدًا، وإن وضعنا هذا بجانب أن المدرب السويسري بطباعه الحادة نسبيًا كانت له خلافات مع بعض اللاعبين وعلى رأسهم صالح جمعة، بجانب إصراره على عدد من العناصر للاعتماد عليهم مع إهمال آخرين مثل محمود وحيد ... كل هذا جعل من رحيله أقل تأثيرًا سلبيًا من الناحية النفسية على اللاعبين.
الشق الفني وهو الأهم يدعم كذلك هذا الرأي، لماذا؟ لأن أسلوب لعب كارتيرون جعل من الزمالك فريقًا أفضل وأقوى خاصة في المباريات الكبيرة ومواجهات الكؤوس، فيما أسلوب لعب فايلر الممتاز لم يُغير كثيرًا من هوية الأهلي أو أفكاره.
كارتيرون باعتماده على الدفاع المنظم القوي جدًا والهجمات المرتدة الحادة السريعة باستخدام أشرف بنشرقي وأحمد سيد زيزو ولمسات فرجاني ساسي استطاع الفوز على خصمين من العيار الثقيل هما الترجي والأهلي، والجميل أنه استطاع إخراج أفضل ما لدى لاعبيه وتوظيفهم في أدوار مناسبة جدًا لقدراتهم.
وهذا الأمر كان مستمرًا في المباريات الكبيرة وليس وليد الصدفة، لكن بالطبع عانى المدرب في المباريات الأقل قوة والمنافسين الذين لا يُهاجمون كثيرًا، ولذا أرى أن الزمالك مع كارتيرون كان مرشحًا بقوة لنيل اللقب القاري وأي بطولة تُلعب بنظام خروج المغلوب، فيما سيعيش معه وضعًا صعبًا في الدوري المصري ولن يكن الفوز به سهلًا معه.
هذا الأمر يجعل من رحيل كارتيرون يخل بالهوية الفنية ومنظومة أداء الزمالك، وقد كانت إدارة الزمالك ذكية جدًا في بحثها عن مدرب يمتلك أفكارًا قريبة ولذا كانت المفاضلة بين كريستيان جروس وجوسفالدو فيريرا وفي النهاية تم اختيار خيمي باتشيكو وهو أيضًا مدرب صاحب نزعة دفاعية واعتماد على الهجمات المرتدة.
فايلر على الجانب الآخر حسن وطور أداء الأهلي بوضوح، وعالج أخطاء كانت موجودة تحت قيادة سلفه مارتين لاسارتي، وأعاد رمضان صبحي إلى مستواه الممتاز وجعله معه لاعبًا يُجيد إحراز الأهداف وليس فقط عنصرًا مهمًا في المنظومة الهجومية.
Goal Arabicلكن الملاحظ أن فايلر لم يخلق أسلوب لعب جديد للأهلي، لعب بنظام الاستحواذ والبناء الجيد للهجمات واللعب السريع من الأطراف، وكل تلك أساليب وأفكار فنية اعتاد الأهلي تطبيقها في الملعب، سواء أمام الكبار أم الصغار.
ذلك يجعل من رحيله والتعاقد مع أي مدرب جديد يمر دون مشاكل فنية تُذكر، وقد كان اختيار الأهلي ذكيًا أيضًا بالتعاقد مع بيتسو موسيماني الذي صنع ثورة في صن داونز ويلعب بطريقة وأفكار مشابهة كثيرًا لتلك الخاصة بفايلر، لكن لو تم اختيار أي مدرب آخر لما وجد الفريق صعوبة في التأقلم معه لأن أفكار السويسري هي الرائجة حاليًا بجانب أن الأهلي غالبًا ما يتعاقد مع مدربين ينتمون لنفس المدرسة التكتيكية.