في تاريخ كرة القدم هناك محطات تغير الكثير في اللعبة، تغييرات فنية أو صعود فرق بصورة ملحمية أو حتى صفقات تركت بصمتها في التاريخ.
ريال مدريد لا ينسى جلب دي ستيفانو في الخمسينات وفيجو وزيدان في الألفية وكريستيانو رونالدو عام 2010، برشلونة ضم يوهان كرويف في السبعينات ليغير من تاريخه وغيرها من الصفقات التي صنعت جزءًا كبيرًا من تاريخ العديد من الأندية.
وفي أغسطس 2017 حدثت الصفقة التي ربما لم تغير الكثير من مصير الفريقين ولكنّها قلبت موازين سوق الانتقالات للأبد؛ نيمار رحل إلى باريس سان جيرمان مقابل 222 مليون يورو كأغلى صفقة في التاريخ.
لفهم كيفية تأثير هذه الصفقة على حالة التضخم ستجد أنّ قبله كانت أغلى صفقة هي تعاقد مانشستر يونايتد مع بول بوجبا من يوفنتوس مقابل 105 مليون يورو
ولكن بعده حدثت أكثر من صفقة تجاوزت حاجز المائة مليون يورو مثل كيليان مبابي إلى سان جيرمان، فيليني كوتينيو وعثمان ديمبيلي وأنطوان جريزمان إلى برشلونة، جواو فيليكس إلى أتلتيكو مدريد والقائمة تطول.
سوق الانتقالات تغير، وأكثر المتضررين هي المواهب الشابة.
لماذا التضخم؟
Getty Imagesلو نظرنا إلى سوق الانتقالات، نجد أنّ أغلب – إن لم يكن كل – الصفقات تتم بمبالغ أكثر من القيمة السوقية، ولكن بنسبة قليلة لا تتجاوز مرة ونصف.
للتوضيح، بوجبا حينما رحل إلى مانشستر يونايتد كانت قيمته السوقية 80 مليون يورو، وجاريث بيل وصل إلى 70 مليون يورو قبل الرحيل إلى ريال مدريد مقابل 100 مليون يورو.
الفارق في هذه الصفقات بين القيمة السوقية والمبلغ المدفوع ليس ضخمًا، فقط 20 أو 30 مليون يورو، وهناك صفقات كان الفارق فقط 10 ملايين يورو، حتى حدثت صفقة نيمار.
القيمة السوقية لنيمار في 2017 وصلت إلى 100 مليون يورو، ولكن اللاعب غادر بأكثر من ضعف هذا المبلغ، مما أدى لانهيار معيار التفاوض وأصبح رقم 100 مليون معتاد.
ديمبيلي وفيليكس
Getty Imagesبالنسب المئوية.. بداية فيليكس أفضل من جريزمان!
استغل وكلاء الأعمال والفرق المعتادة على إيجاد المواهب وصقلها وبيعها الفرصة للحصول على أكبر عائد مادي من اللاعبين، والأمر نجح.
برشلونة حاول تعويض نيمار سريعًا فاضطر لدفع 110 مليون لجلب عثمان ديمبيلي من بوروسيا دورتموند رغم أنّه كان معروضًا على البلوجرانا قبلها بعام واحد مقابل 12 مليون يورو.
في الصيف الماضي تكرر الأمر مع أتلتيكو مدريد، فمغادرة جريزمان الحتمية جعلت النادي يبحث عن صفقة سريعة لإعادة بناء الفريق وجاء الاختيار على جواو فيليكس.
وبسبب إصرار بنفيكا على الشرط الجزائي المقدر بمبلغ 120 مليون يورو، قرر الروخي بلانكوس دفع 126 مليون يورو ليتمكن من تقسيط عملية الدفع بدلًا من دفع القيمة كلها على دفعة واحدة.
المطالب أكبر
Getty Imagesديمبيلي كان موهبة رائعة مع دورتموند ولكنّه وجد نفسه بين ليلة وضحاها أغلى صفقة في تاريخ فريق كبير بحجم برشلونة، نتحدث عن فريق يطلب الكثير والكثير وحتى الفوز بلقب الدوري لعامين على التوالي لا يرضي طموح الجمهور.
التحول الذي عاشه اللاعب لم ينعكس عليه بشكل جيد، فرغم أنّه لم يتغير عما كان عليه في دورتموند، ولكن سلوكياته مع فريق ينافس في كل البطولات أثر عليه داخل الملعب وأصبح يخرج من إصابة ليقع في غيرها.
فيليكس هو الآخر عانى كثيرًا، فاللاعب الذي قدّم موسمًا استثنائيًا في بنفيكا، جاء ليحل محل نجم الفريق الأول والذي أنقذ أتلتيكو مديد في عديد المناسبات ولولاه لما حققت كتيبة دييجو سيميوني الفوز في العديد من المباريات.
جاء أيضًا في فترة إحلال وتجديد وتغيير العديد من الأسماء داخل النادي ليصبح مطالبًا بالكثير، بل وأكثر حتى من قدراته.
صحيح الضغط في أتلتيكو أقل من برشلونة، لكن بالطبع أكبر من بنفيكا حتى أنّ اللاعب نفسه يشعر بالحنين لأيامه السابقة.
التضخم وارتفاع الأسعار وبيع مواهب بمبالغ تفوق 100 مليون يورو جعلهم ملزمون بالتعامل كنجوم رغم صغر سنهم وقلة خبرتهم مما قد يجعل هذه الصفقات فاشلة رغم امتلاك أصحابها لموهبة استثنائية.
لو أنّ تاريخ كرة القدم يستطيع الحديث فربما لعن نيمار وباريس سان جيرمان لأنهما دفعا ضعف المبلغ المستحق للاعب وغيّرا شكل سوق الانتقالات للأبد!
