أعلنت حكومة ولاية ريو دي جانيرو عن طرح الملعب للبيع ضمن خطة لجمع الأموال، بسبب أزمة مالية كبرى. هذا الصرح، الذي شهد نهائيي كأس العالم عامي 1950 و2014 ويُعد معقل ناديي فلامنجو وفلومينينسي، يُعتبر رمزًا وطنيًا. وقد أثارت خطة خصخصته غضبًا شعبيًا عارمًا خوفًا من تآكل تراث كرة القدم البرازيلي.
AFPأزمة كبرى في البرازيل بسبب ملعب ماراكانا
وفقًا لصحيفة "ماركا" الإسبانية، تحاول حكومة ولاية ريو تخفيف عبء دين متصاعد للإدارة المركزية البرازيلية تبلغ قيمته حوالي 1.7 مليار جنيه إسترليني، ومستحق السداد في عام 2026. وتعاني ولاية ريو دي جانيرو من أزمة مالية هيكلية منذ سنوات، تفاقمت بسبب تكاليف استضافة الأحداث الكبرى والركود الاقتصادي، مما دفعها للبحث عن حلول جذرية.
ويُقال إن ملعب ماراكانا، الذي استضاف نهائيات كأس العالم في عامي 1950 و2014، يكلف الولاية ما يقرب من 140,000 جنيه إسترليني لكل مباراة كأعمال صيانة. يرى رودريجو أموريم، رئيس اللجنة التشريعية المشرفة على الاقتراح، أن بيع الملعب يمكن أن يدر أكثر من 279 مليون جنيه إسترليني لريو. وشدد على أن تكاليف صيانة الصرح الأيقوني، الذي يضم أيضًا مجمع "ألديا ماراكانا" (Aldeia Maracana)، أصبحت لا يمكن تحملها في ميزانية الولاية.
Getty Images Sportتعديلات حديثة على برنامج بيع الأصول
وفقًا للتقارير، فإن خطوة إدراج الملعب في مشروع قانون الخصخصة الخاص بالولاية تأتي في أعقاب تعديلات حديثة على برنامج بيع الأصول في ريو. فمن بين 48 عقارًا تم تخصيصها للبيع في البداية، تم استبعاد 16 عقارًا وإضافة 30 عقارًا آخر - ومن بينها مجمع ماراكانا. وقد ادّعى المسؤولون بأن التخارج من ممتلكات الدولة غير المستغلة بالقدر الكافي أو المكلفة سيساعد في جمع الأموال وتجنب المزيد من التدهور المالي. لاحظ أموريم أن الهدف ليس مجرد تحقيق الربح، بل إعادة إحياء الأصول العامة الخاملة أو التي تتكبد خسائر لاستخدامها بشكل أكثر إنتاجية.
وأضاف أن الاقتراح الكامل سيُطرح للتصويت أمام الجمعية التشريعية لولاية ريو في الأسابيع المقبلة.
وكانت المحاولات السابقة لخصخصة ملعب ماراكانا قد أثارت جدلاً، بما في ذلك خطة عام 2011 شارك فيها رجل الأعمال إيكي باتيستا، والتي تم التخلي عنها لاحقًا.
غضب واسع في البرازيل وراء مقترح بيع ملعب ماراكانا
أثار قرار طرح ملعب ماراكانا للبيع غضبًا شعبيًا عارمًا في جميع أنحاء البرازيل. لا يُنظر إلى الملعب كمجرد مبنى، بل كـ "رمز وطني" وجزء حيوي لا يتجزأ من الهوية الرياضية والثقافية لريو والبلاد بأكملها. ووصف رد الفعل الشعبي بـ "العنيف"، حيث حذر النقاد والمواطنون من أن بيع هذا الصرح الأسطوري ينطوي على مخاطرة جسيمة.
يتمثل الخوف الأكبر في أن خصخصة الملعب، الذي شهد لحظات تاريخية خالدة مثل "الماراكانازو"، ستؤدي حتمًا إلى تآكل تراث كرة القدم البرازيلي العميق وتجريد الأمة من أحد أهم رموزها الثقافية. وتشمل المخاوف المحددة ارتفاعًا هائلاً في أسعار التذاكر، مما يجعله بعيدًا عن متناول الجماهير العادية، واحتمالية تغيير اسم الملعب التاريخي لأغراض تجارية، أو حتى التأثير على عقود الأندية المقيمة مثل فلامنجو وفلومينينسي.
Getty Images Sportمعلومات عن ملعب ماراكانا التاريخي في البرازيل
افتُتح الملعب عام 1950، وشهد يومًا ما حضورًا جماهيريًا حطم الأرقام القياسية بلغ حوالي 200,000 متفرج في خسارة البرازيل الصادمة 2-1 أمام الأوروغواي في نهائي كأس العالم لذلك العام، وهو حدث خُلد باسم "ماراكانازو"، والذي يُعتبر جرحًا غائرًا في الذاكرة الوطنية البرازيلية.
يتشارك ناديا فلامنجو وفلومينينسي حاليًا الملعب الذي يتسع لـ 78,838 متفرجًا لخوض مبارياتهما على أرضهما، ما يجعله جزءًا حيويًا من الهوية الرياضية والثقافية لريو. خضع الصرح لثلاث عمليات تجديد كبرى منذ افتتاحه. الأولى، بين عامي 1999 و 2000، حولت مناطق الوقوف إلى مقاعد، مما قلص السعة الاستيعابية من 173,850 إلى 103,000 متفرج.
أدت ترقية ثانية بين عامي 2005 و 2007 إلى خفض السعة مرة أخرى إلى حوالي 88,000 متفرج، بينما أدت عملية تجديد ثالثة شاملة قبل كأس العالم 2014 إلى وصوله لسعته الحالية. بعيدًا عن كرة القدم، استضاف ماراكانا أيضًا حفلات افتتاح وختام دورة الألعاب الأولمبية ريو 2016، بالإضافة إلى حفلات موسيقية وفعاليات ثقافية لا حصر لها، مما رسخ مكانته كواحد من أكثر المعالم شهرة في العالم.