شغب وهداف خفي وصواريخ تعشقها الجماهير .. ظواهر مُلفتة في دور المجموعات ليورو 2024

الكرة الحديثة فرضت علينا العديد من المتغيرات والاستخدامات المستحدثة في كل مركز، خاصة بخط الهجوم، وهو ما دفع البعض للاعتقاد أن مركز المهاجم الصريح الكلاسيكي أصبح على وشك الانفراد.

ولكن يورو 2024 أعادت الحياة لهذا المركز، وهو ما ظهر في ألمانيا بتألق نيكلاس فولكروج على حساب كاي هافيرتس الذي يلعب كمهاجم بخواص جديدة ومختلفة.

فولكروج سجل هدفين وأثبت أحقيته في اللعب كأساسي، ويتأخر بهدف واحد فقط عن مهاجم كلاسيكي آخر على صدارة هدافي اليورو، وهو جيورجيس ميكاوتادزي نجم جورجيا الذي سجل 3 أهداف حتى الآن.

سنجد كذلك نماذج أخرى كلاسيكية نجحت في البطولة مثل الهولندي فاوت فيخورست، والثنائي الدنماركي جوناس ويند وراسموس هويلند، ومثلهما في سلوفينيا بنجامين شيشكو وأندراز سبورار، والإسباني ألفارو موراتا.

تفرد هذه النسخة لم يتوقف فقط على ما يحدث في الملعب، بل أيضًا المدرجات تتمتع بظهور أعداد ضخمة من الجماهير لكل منتخبات البطولة، حيث ظهرت العديد من الملاعب وهي كاملة العدد.

الأمر لم يتوقف فقط على المدرجات، بل شاهدنا في العديد من المقاطع وجود أعداد كبيرة من الجمهور خارج الملاعب لمتابعة مباريات بلادها بشغف وحماس.

والآن مع ظاهرة سلبية أفسدت الأجواء الممتعة في اليورو، وهي بوقوع العديد من الشجارات العنيفة بين الجماهير في شوارع ألمانيا.

كالعادة تصدر الجمهور الإنجليزي المشهد بظهور بعض المشاهد المؤسفة لشجارات عنيفة مع جماهير أخرى، أسفرت عن وقوع إصابات وملاحقة الشرطة للمتورطين.

مشجعو الأسود الثلاثة قاموا كذلك بمهاجمة عائلات نجوم الفريق في المدرجات، وقذفوهم بالمشروبات الكحولية الغزيرة، بسبب المستوى المحبط للفريق وتعادله أمام كل من الدنمارك وسلوفينيا.

وحدثت كذلك أزمات أخرى بين منتخبات البلقان وأبرزها ألبانيا وكرواتيا وصربيا وسلوفينيا، بصورة كانت أكثر إثارة وندية من مستوى هذه الفرق التي لم يتأهل منها لدور الـ16 سوى سلوفينيا.

عندما نتحدث عن الكرة الجميلة، فمن الطبيعي أن تتصدر منتخبات مثل إسبانيا وألمانيا وبلجيكا وإنجلترا وهولندا للمشهد، ولكن الواقع مختلف تمامًا في اليورو.

وجدنا منتخبات أضعف نسبيًا مثل النمسا تحت قيادة رالف رانجنيك تقدم كرة ممتعة وتتغلب على هولندا 3/2، ونفس الأمر قدمته جورجيا التي صعقت البرتغال بهدفين دون رد تحت قيادة ويلي سانيول، لتتأهل إلى دور الـ16 في واحدة من أكبر المفاجآت.

رومانيا كذلك كانت ضمن المفاجآت السعيدة في البطولة، ونجحت في التأهل لمواجهة هولندا في مرحلة خروج المغلوب، بينما أبدعت ألبانيا كذلك لكنها ودعت البطولة مبكرًا، باحتلالها المركز الرابع بالمجموعة الثانية برصيد نقطة واحدة فقط.

تعتبر المجموعة الخامسة واحدة من ضمن الأغرب، ليس في تاريخ اليورو فقط، ولكن في جميع البطولات الكبرى، بسبب الطريقة التي تم حسم المتأهلين بها.

منافسات المجموعة انتهت بحصول كل من رومانيا وبلجيكا وسلوفاكيا وأوكرانيا على 4 نقاط لكل منهم، وهو ما يعكس الإثارة والتكافؤ الغريب في مستويات ونتائج كل فريق.

الأمر انتهى بتأهل كل من رومانيا بفارق الأهداف، حيث سجلت 4 واهتزت شباكها 3 مرات، وجاءت بعدها بلجيكا في المركز الثاني ثم سلوفاكيا كأفضل ثالث، وودعت أوكرانيا البطولة لأن فارق الأهداف لديها كان -2.

الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قرر تجربة قاعدة جديدة في المسابقة المقامة حاليًا في ألمانيا، والتي تنص على منع جميع اللاعبين باستثناء قائد الفريق، من الاقتراب من الحكام للتشكيك في أي قرار، مع منح البطاقة الصفراء لأي لاعب يخالف هذه القاعدة.

وهو الأمر الذي جاء بنتيجة إيجابية للغاية، وتسبب إلى تقليل الاحتجاجات بين اللاعبين وبعضهم البعض، كما منح الحكام المزيد من المساحة الشخصية في الملعب، لعدم اقتراب اللاعبين منهم للاعتراض.

وتسبب نجاح هذه القاعدة في ظهور مقترحات بتطبيقها في الدوريات الكبرى بداية من الموسم القادم، وكانت اللجنة الفنية للحكام في إسبانيا هي أول من يتخذ هذه المبادرة.

استمرارًا لظهور التكنولوجيا في ملاعب كرة القدم، اعتمد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على خاصية جديدة للكشف عن حالات لمسات اليد في اللقطات المثيرة والهامة.

الواقعة الأبرز كانت في الدقيقة 87 من مباراة بلجيكا وسلوفاكيا، عندما سجل روميلو لوكاكو هدفًا في شباك الفريق الخصم ولكن الحكم ألغاء بعد الرجوع لتقنية الفيديو بسبب لمسة يد على زميله لويس أوبيندا.

وظهرت التقنية للمرة الأولى، باستخدام الترددات الصوتية الدقيقة، للكشف عن حالات لمسات اليد في مختلف الأوضاع التشريحية للاعب، لتسهيل المهمة على الحكم الرئيسي وطاقم حكام الفيديو.

وبالحديث عن الأهداف الملغية عمومًا، سنجد أن لوكاكو هو الضحية الأكبر في اليورو، بعدما سجل 3 أهداف لم يتم احتساب أي منهم، بواقع هدفين في سلوفاكيا وهدف آخر في رومانيا.

وبجانب ما تعرض له مهاجم تشيلسي المُعار لروما، شهد اليورو العديد من الأهداف الملغية الأخرى عن طريق تقنية الفيديو لأسباب مختلفة.

يحتل جيورجيس ميكاوتادزي مهاجم جورجيا البالغ من العمر 23 سنة، صدارة هدافي اليورو برصيد 3 أهداف خلال مرحلة المجموعات، ولكن في الحقيقة هو ليس الهداف الأبرز بالبطولة.

الأهداف الذاتية هي من تحتل الصدارة بفارق شاسع، بعدما اهتزت الشباك 7 مرات في اليورو من النيران الصديقة، كان أبرزها هدف الفوز لإسبانيا على إيطاليا عن طريق ريكاردو كالافيوري في مرماه.

ولا تعتبر هذه الظاهرة جديدة على اليورو، حيث تكرر نفس الأمر في النسخة السابقة 2020، والتي شهدت تسجيل 11 هدفًا من أهداف عكسية بالبطولة كلها.

الأهداف من خارج منطقة الجزاء تتمتع بشعبية خاصة لدى الجماهير، ولعل يورو 2024 من أبرز المناسبات التي أشبعت فيها الجماهير رغبتها في الاستمتاع بهذه اللقطات.

المسابقة شهدت تسجيل 15 هدفًا من خارج المنطقة حتى الآن في دور المجموعات فقط، وهو ما يتخطى كأس العالم 2022 الذي شهد تسجيل 13 هدفًا على مدار البطولة.

ولعل من ضمن النماذج الأبرز والأجمل لهذه الأهداف، كان الصاروخ الذي أطلقه التركي أردا جولر في شباك جورجيا، والتسديدة المتقنة للدنماركي مورتين هيولماند في التعادل مع إنجلترا 1/1.

واحدة من الظواهر السلبية الواضحة في اليورو، تتمثل في المستوى المتواضع للعديد من النجوم بالبطولة، رغم الآمال الضخمة المُعلقة عليهم من الجماهير.

جود بيلينجهام نجم ريال مدريد دخل اليورو وهو يطمح في قيادة إنجلترا للمجد، من أجل المنافسة على الكرة الذهبية، ولكن يبدو أن مستواه الصادم سيكون أحد أسباب خروج الفريق المبكر من البطولة.

نفس الأمر بالنسبة لزميله هاري كين المتألق مع بايرن ميونخ، بوكايو ساكا الذي تمتع بموسم مميز مع آرسنال، وفيل فودين الحاصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي.

فيرجيل فان دايك الذي استعاد بريقه مع ليفربول الموسم الماضي، تعرض لانتقادات عنيفة للغاية بسبب مستواه المتواضع مع هولندا، وظهرت اتهامات صريحة له بعدم اللعب بنفس الحماس والشغف الذي يظهر عليه مع الريدز.

وسنجد كذلك أن كريستيانو رونالدو لم يسجل أي أهداف مع البرتغال في دور المجموعات، وهي واقعة نادرة وغير مسبوقة لنجم النصر الذي اكتفى بتمريرة حاسمة واحدة، مع الوضع في الاعتبار ظهوره بصورة جيدة ضد تركيا وتشيكيا.

وأخيرًا كيليان مبابي الذي سجل هدفًا وحيدًا في شباك بولندا، لكنه لم يظهر بالمستوى المعهود له، متأثرًا بإصابته القوية بكسر في الأنف أمام النمسا في الجولة الأولى.