إن لم أكن الأسعد حينها فأنا من الأسعد حتمًا بذلك القرار التاريخي الذي أعلن إلغاء الدوري الأولمبي وتلك المرحلة التي اعتبرتها "منطقة الراحة والضياع" لِكلَا من اللاعب والنادي.
فاللاعب في أهم فترة عمرية وفترة التكوين الحقيقية لشخصيته وصقل موهبته ووضعه في تحدٍّ حقيقي، لتعطيه بعد ذلك إجازة لمدة ٣ مواسم حيث سيلعب دون أي ضغوط وأكبر حافز له أن يتابعه مدرب الفريق الأول وهو أمر قد يحصل حتى مع لاعب في درجة الناشئين أن جئنا للواقع.
اقرأ أيضًا | رسالة تحذيرية للنصر بشأن نواف العقيدي
أما بالنسبة للنادي، فالأكيد لديهم فرصة أطول للحفاظ على اللاعب لكن بدون أدنى اهتمام بمدى تطوره القائم أولًا على الحافز والتحدي والتجربة والاحتكاك والذي سيحرم منه اللاعب بعدم تصعيده بشكل مباشر وبالتالي نسبة أن تهدر هذه الطاقة والموهبة أصبحت أكبر.
وحتى على سبيل الإنجازات الوطنية قد فقدت الكثير، وإن ذكرت لي أن هناك من استفاد من هذه التجربة سأقول أن أغلب من صعد من الأولمبي حينها كان يستحق منذ درجة الشباب إن كان صاحب موهبة فعلاً وأنت قمت بتأخيره لا أكثر وربما جازفت بذلك لأننا سنكرر دوماً سن المراهقة هو أيضًا سن التكوين للاعب وشخصيته وحالته الذهنية والبدنية وهذا الأساس الذي يبنى عليه اللاعب في أي مكان في العالم.
ومنذ أن الغي القرار بدأت أنباء تتحدث عن تجربة الدوري الرديف، "والذي كنت قد تحدثت عليه أيضا منذ أكثر من ٥ مواسم"، والذي وإن كان له بعض العيوب كونك تخلق منطقة راحة أخرى نظراً لانعدام الحافز أو حتى زيادة المصاريف على الأندية، وهو ما يبرر رفض بعض الأندية له، إلا أن له القليل من الفائدة لن أنكرها مقارنة مع الدوري الأولمبي "بشرط" وضع تحت ذلك مليون خط بأن لا تجعلها منطقة راحة جديدة دون أدنى تنافس، بمعنى ضع الحوافز للنادي وللاعب في هذا الدوري ثم ضع آلية تقلل من المصاريف الإضافية.
وان كنت بعد كل هذا سأكرر لك عندما تتحدث فعلاً عن صناعة النجم فيجب أن تتحدث عن حجم المشقّة والتحديات الذي يجب أن تخوضها الموهبة حتى في دوري من ٧ أو ٨ أجانب وصعوبات في حجز أماكن أساسية بعكس السابق، وهو ما أنتج لنا جيل قام بترويض القارة بتحقيقه لقب تحت ٢٣ عامًا دون أن يدخل مرماه أي هدف.
والجميل أن غالبية المشاركين في هذا الإنجاز يلعبون للفريق الأول في أنديتهم من موسم وأكثر وهو ما يحقق الغاية وهو الوسيلة حتى يكون هذا اللاعب نواة لمنتخب أول لسنين أطول فعلاً بدلاً من أن ننظر عن لاعب بعمر ٢٤ عاما أنه لا يزال صغيرًا ويجب الصبر عليه رغم أنك وبمقارنة بسيطة ستجد أنه في هذا العمر أصبح العديد من لاعبي العالم أعمدة أساسية وبعضهم كان الأفضل في ناديه أو دوري بلاده …
وحتى نضع لهذا المقال قيمة يجب ألا نمر مرور الكرام على تجربة هذا المنتخب في هذه البطولة التي تشرفت بمشاهدة كل دقيقة فيها من اللقاء الأول ورهانات سعد الشهري التي أثبتت نجاحها سواء في الاختيارات بشكل عام أو حتى التشكيل أثناء المباريات أو حتى اختياره لأماكن الضغط وتشكيله والذي كان خط الدفاع الأول فعلاً وأعطى لنا رقماً صعبا أن يكسر على مدار السنين، حتى هجومياً فعدد الأهداف واختلاف المسجلين يختصر لك الكثير، وبرغم أنني أتمنى الحديث عن أكثر من لاعب إلا أنني في كل مرة أتذكر آخرين يستحقون الإشادة معهم وهو ما ينصف عمل مسؤول وأجهزة فنية وإدارية لهم جزيل الشكر على ما قدموه.
هذا المنتخب بارقة أمل كبيرة لأن يكمل الجيل التاريخي الحالي للكرة السعودية وهذا الشيء قد بدأ منذ فترة خصوصاً ونحن نرى أمثال سعود وحسان وفراس مع المنتخب الأول بشكل دائم وآخرين تم دعوتهم من رينارد في فترات مختلفة دون أن ننسى أو نتناسى أن هناك غيرهم في الأندية ممن يشار لهم بالبنان أمثال مصعب الجوير والذي غيبته الإصابة عن هذا المنتخب وآخرين غيره في كل نادٍ والذين يستحقون هذه الفرصة وسيجدونها مستقبلاً كونهم يعلمون حجم التحدي ويقاتلون لأجل الفرصة فعلاً في دوري يعد الأصعب والأقوى، لا أن نخلق لهم مناطق راحة من جديد.
ألف مبروك للوطن هذه الأفراح المتتالية، والسؤال الأهم متى سيأتي الذهب للمنتخب الأول يا ترى؟ .. أمل أن نجد الإجابة في 2023م - بحول الله وقوته - خصوصًا وكل العوامل التي أمامي الآن تقول إن هذه النسخة ستشهد المشاركة الأفضل من سنين سواء من أخطائنا التي تعلمنا منها قبل كل شيء إلى الجهاز الفني إلى الجيل الحالي التاريخي، الذي يصل للمونديال الثاني تواليًا إلى الجيل الجديد الذي سَيُطْعِمُهُ وسيكمل نواقصه لمواصلة هذه الإنجازات الكبرى، وتسعد جميع أبناء الوطن باستثناء من يرون المنتخب بألوان أخرى غير الأخضر.


