محمد النني .. قصة جديدة بحروف مصرية على الملاعب الإنجليزية، تثبت أن الصبر والاجتهاد والمثابرة، هي العناصر الأهم في كرة القدم بالوقت الحالي.
الموهبة مهمة ولا شك في ذلك، لكن كم عدد المواهب التي انتهت مبكراً بسبب الإهمال والاستهتار دون الحرص على التطور واستغلال الفرصة؟
أرسين فينجر مدرب آرسنال الأسبق، والذي جلب النني لآرسنال في 2016، خرج مؤخرًا للحديث عن أهم العوامل التي تتسبب في نجاح أي لاعب أو شخص في مجالات الحياة بشكل عام.
وقال فينجر في أحد البرامج بقناة "بي بي سي":"الأمر يعتمد بشكل كبير على الفرصة، أن يأتي أحدهم ويثق بك ويقرر فتح الطريق أمامك".
فينجر منح الفرصة للنني في البداية، ولكنه لم يستغلها وفشل في إثبات نفسه، ليعود ميكيل أرتيتا ليمنحه الفرصة مجدداً فماذا حدث؟
مبالغة في التقليل
EPAانتقال النني لآرسنال في يناير 2016، شهد ضجة كبيرة جداً خاصة في مصر، وبدأت الأنظار تتجه نحوه، لرؤية ما سيقدمه اللاعب في الدوري الأكثر إثارة في العالم.
الجماهير الإنجليزية لم تتعامل مع الصفقة بنفس الانبهار، حيث اعتبرت النني لاعبًا عاديًا سعره 5 مليون يورو فقط ولا يمكن توقع منه الكثير.
البداية كانت مميزة بهدف تاريخي في برشلونة، وسلسلة من العروض الجيدة، قبل أن يبدأ السقوط لنجم بازل السابق، وكأن الجميع انتظر رؤيته يسقط بهذه الطريقة.
إقرأ أيضًا .. خليفة فييرا ومصدر الطاقة في آرسنال .. الإشادات تتوالى على النني بعد قمة مانشستر
البعض كان يشعر بالدهشة بسبب تعاقد آرسنال مع النني، نظراً لعدم ظهوره بشكل مبهر في كل مرة كان يلعب فيها بصفة أساسية.
الضغوط ازدادت والنني لم يستطع المقاومة، ليفقد ثقته بنفسه ويقتصر دوره على الظهور في مباريات الكأس أو كبديل في الدقائق الأخيرة من كل مباراة هامة.
الأمر وصل إلى محاولات للتخلص منه، لينجح الأمر الموسم الماضي وينضم إلى بيشكتاش التركي، ليظهر بصورة جيدة ولكنها لم تكن مبهرة، ليعود من جديد لآرسنال.
الفرصة
Gettyميكيل أرتيتا صرح أكثر من مرة حول إعجابه بالنني، لأنه سبق أن لعب بجواره في آرسنال قبل الاعتزال، وأشاد بأهم شيء وهو شخصيته.
النني لا يشتكي كثيراً ولا يفتعل المشاكل، ينفذ ما يطلبه منه المدرب، ولن يعترض لو جلس كبديل، عكس زميله ماتيو جيندوزي الذي وجد نفسه خارج أسوار ملعب الإمارات بعد أشهر قليلة من تولي أرتيتا المهمة.
صاحب الـ28 سنة علم جيدًا أن هذه الفرصة ربما تكون الأخيرة له، ولا يمكن التفريط فيها، ليدخل الموسم بأقصى درجات التركيز.
تألق أمام ليفربول في كأس الدرع الخيرية، وكرر الأمر ذاته أمام فولهام، وحتى ضد الريدز في الدوري الإنجليزي منحه أرتيتا الأولوية على حساب جاكا.
تحول غير متوقع في مسيرة الدولي المصري، ليفرض نفسه كعنصر أساسي، دفع أرتيتا للاعتماد عليه ضد مانشستر يونايتد على ملعب أولد ترافورد.
الجماهير كانت في حالة صدمة بعد رؤية النني بالتشكيل الأساسي، في مباراة احتاج فيها الفريق للفوز بعد الهزيمة في 3 مباريات بالدوري.
النني كان رجل المباراة وفقًا للعديد من الآراء، الأمر الذي لم يكن وليد هذه اللحظة، بل كان نتاج التطور التصاعدي له منذ قدوم أرتيتا.
القادم أفضل
Gettyاللاعب المصري كان يتعرض للانتقادات في كل مناسبة، لأنه لا يفعل أي جديد، يكتفي بأسهل الحلول، التمرير للخلف أو إلى أقرب لاعب.
لا يقوم بأخطاء عديدة، لأنه لا يخاطر من الأساس، لا يلتحم ولكنه يكتفي بإغلاق زوايا التمرير على المنافس، الأمر الذي وصفه البعض بـ "التحليق".
النني لديه بعض السلبيات، ولكن هناك العديد من الإيجابيات، أهمها عدم التهور والطاقة الكبيرة التي يمتلكها في خط الوسط وتمريراته الجيدة ولياقته البدنية، فلماذا ظهرت هذه الإيجابيات الآن؟
الإجابة توماس بارتي، النجم الغاني الذي جاء من أتلتيكو مدريد، ليعفي شريكه من الالتحامات أمام مانشستر يونايتد، ليتكفل هو بهذه المهمة وينجح بصورة مبهرة.
تحليل | مانشستر وآرسنال .. بين دور النني المحوري وكارثة بوجبا
النني حصل على الحرية الكافية للضغط والانطلاق بالكرة، لنجد نسخة مختلفة تمامًا من الدولي المصري، نسخة أكثر حرية وثقة من الصورة السابقة.
إغلاق زوايا التمرير أصبح أكثر أهمية، وبدأت الجماهير ترى هذه الخاصية بصورة أوضح، لتدرك أهمية النني وقدراته، ليتحول من لاعب آخر وجندي مجهول، إلى مقاتل معروف وأدواره واضحة.
اللاعب أصبح الآن في المركز الثاني ضمن أولويات أرتيتا، على حساب داني سيبايوس وجرانيت جاكا، الفرصة التي يجب أن يستغلها حتى آخر لحظة.
تواجد النني بجوار بارتي، منح آرسنال انتصارًا ثمينًا على الشياطين الحمر، واستمرار هذه الثنائية ونجاحها بنفس الطريقة، سيجعل المصري بمثابة الصفقة الجديدة التي ستجعل القادم أفضل له ولفريقه.


