يحول التراب إلى ذهب .. لهذا يريد مانشستر يونايتد خطف قلب المشروع السعودي من نيوكاسل

قبل فترة طويلة من تعيينه مسؤولاً عن مستقبل كرة القدم في إنجلترا رحل أشوورث، من نادى نورويتش سيتي عندما كان شابًا، وقضى فترات مع فرق إيستبورن تاون وسانت ليوناردز، بالإضافة إلى السفر إلى الولايات المتحدة للعب مع فريق ويست فلوريدا فيوري، ثم عمل أيضًا كمدرس للتربية البدنية.

وسرعان ما اكتشف أشوورث، أن مواهبه يمكن استغلالها بشكل أفضل خارج الملعب وليس داخله وحصل على أول شهادة تدريب له عندما كان مراهقًا، وبعد انتهاء مسيرته الكروية المتواضعة، تولى منصب مدير أكاديمية بيتربورو.

وبعد مرور عام، تم تعيينه مديرًا لمركز التميز في كامبريدج يونايتد وبدأ يلفت الأنظار لدرجة أنه في مارس 2004، عينه إيدي بوثرويد، للمساعدة في إدارة مركز تنمية الشباب في وست بروميتش.

أدى رحيل بوثرويد، إلى ليدز يونايتد إلى بدء صعود أشوورث، إلى القمة وقام وست بروميتش بترقيته إلى أعلى منصب، كمسؤولاً عن تنمية الشباب.

وأعجب رئيس النادي بأداء آشوورث، في هذا المنصب، وبعد ثلاث سنوات من توليه منصبه، تم ترقيته مرة أخرى، إلى منصب المدير الرياضي والفني وكان هذا القرار خطوة جريئة للغاية.

وأثنى توني موبراي، مدرب وست بروميتش فى ذلك الوقت على رئيس النادى وأشوورث في لقائه مع صحيفة "ذا أثلتيك" وقال:" لقد أخذ دان الكثير من العبء عني حتى أنني سأعتبر جيريمي بيس صاحب رؤية لتعيينه، آشوورث، جيد جدًا في جمع الناس معًا وتحقيق أقصى استفادة من كل شخص".

لم يكن موبراي، هو الوحيد الذي أعجب بأشوورث، خلال فترة عمله مع وست بروميتش فبحلول أوائل عام 2010، بدأ وسطاء كرة القدم الإنجليزية يلاحظون أهميته.

وفي عام 2012، كان منتخب إنجلترا في أدنى مستوياته وفشل في التتويج بأى لقب وكان فريق السيدات يصل إلى نهاية حقبة هوب باول، وتزامن كل ذلك مع نهائيات البطولة المخيبة للآمال في عام 2011 و 2013.

ومع هذا التدهور بدأ أشوورث، العمل كمدير للتنمية في إنجلترا وتم تكليفه بمهمة صعبة وهى تنظيم مستويات فرق الرجال والسيدات والشباب، وتجسد عمل أشوورث، في الحمض النووي الإنجليزي المتألق الآن.

قال أشوورث، في عام 2014: "باعتبارنا دولة كرة قدم فقد تميزنا منذ فترة طويلة بشغفنا وروحنا القتالية وجهدنا".

وكانت خطة أشوورث، عبارة عن نظام يوضح أسلوب اللعب الجماعي لمختلف فرق إنجلترا والنقاط الأساسية فى هذه الخطة هي "السيطرة على الاستحواذ بذكاء، واختيار الوقت المناسب للتقدم في اللعب واختراق الخصم والسعي لاستعادة الاستحواذ بذكاء وفي أقرب وقت ممكن وبأكبر قدر من الكفاءة".

وكان هناك تركيز على التوحيد عبر الفئات العمرية أيضًا وتابع: "ستلعب فرق التطوير الإنجليزية بمرونة تكتيكية، متأثرة بملف اللاعبين ومتطلبات المباراة أو المنافسة".

والجانب الآخر يوضح بالتفصيل الشكل الذي سيبدو عليه "لاعب إنجلترا المستقبلي"، مع التركيز على العناصر "الفنية والتكتيكية والجسدية والنفسية والاجتماعية" وكان هناك حاجة ماسة إلى هذا النهج الشامل، حيث أن جزءًا من فشل "الجيل الذهبي" لإنجلترا يرجع إلى عدم قدرة اللاعبين من أندية الدوري المتنافسة على وضع المنافسات جانبًا عندما يلتقون في المعسكرات الدولية، فضلاً عن الإجهاد الذهني الجماعي الذي عانى منه الكثير من اللاعبين لسنوات.

وخلال فترة وجود أشوورث، مع إنجلترا ارتفعت شعبية جميع الفرق الإنجليزية بشكل كبير، وكان السبب الرئيسي لذلك هو قواعد السلوك الصارمة التي تم تنفيذها.

لعبت جهود أشوورث، دورًا كبيرًا فى تغيير حظوظ كرة القدم في إنجلترا ونسبة كبيرة من اللاعبين المشاركين في نهائيات كأس العالم 2018 ويورو 2020 هم أبناء رؤية أشوورث.

وطبق ذلك النجاح على مستوى الشباب أيضًا، حيث حصل أشوورث، على كأس موريس بورلاز لعام 2017 وهي جائزة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الممنوحة للتشكيلة الدولية التي حققت أكبر قدر من النجاح في منافسات الفئات العمرية للرجال.

وقد زادت جودة الموارد المتاحة لتطوير المدربين بشكل كبير تحت قيادة أشوورث، ولكنه تورط في فضيحة هزت اتحاد كرة القدم الإنجليزى في عام 2017 حيث اتهمت إيني ألوكو، أسطورة إنجلترا مدرب الفريق سامبسون، "بدلالات عنصرية ومتحيزة" تجاه زميله في الفريق.

وتمت تبرئة سامبسون، قبل إقالته لاحقًا بسبب وجود علاقة غير لائقة مع أحد اللاعبات خلال فترة وجوده في أكاديمية بريستول، لكن رابطة اللاعبين المحترفين انتقدت التحقيق الذي تم تحت إشراف أشوورث، ووصفته بأنه "لم يبحث عن الحقيقة". ودافع ساوثجيت، مدرب الأسود الثلاثة، عن أشوورث علنًا في أعقاب الحادث، قائلاً :" إنه يريد دائمًا العمل بشكل أخلاقي وبالطريقة الصحيحة".

بغض النظر عن حادثة سامبسون، فقد كان هناك الكثير من الثناء على العمل الذي قام به أشوورث، مع منتخب إنجلترا ويعد بول سيمبسون، المدرب السابق للمنتخب الإنجليزى تحت 20 عامًا واحدًا من العديد الذين نسبوا الفضل إلى أشوورث، بالإضافة إلى ساوثجيت، ورئيس فرق التطوير مات كروكر.

وقال سيمبسون لصحيفة "ميرور": "لقد كان بمثابة المحفز للتغيير الكامل للعقلية في الاتحاد الإنجليزي والعمل الذي قام به أحدث الكثير من التغييرات، ومع صعود جاريث مع الفريق الأول، خلق بيئة يستمتعون فيها جميعًا، لقد ابتعدنا عما كنا عليه قبل بضع سنوات".

وبعد تأهل إنجلترا إلى الدور نصف النهائي لكأس العالم 2018، قال ساوثجيت، مدرب الأسود الثلاثة: "هذا بفضل الجميع، والدعم الذي قدمه لنا الاتحاد الإنجليزي والاستثمار في الفرق، وما يتم إنجازه في تنمية الشباب، ودان أشوورث، على وجه الخصوص الذي وضع هذه الخطط وقد أتت بثمارها".

إن نجاحات أشوورث، الأخيرة لا تقتصر على المستوى الدولى فقط، ففي عام 2018، تم اختياره من قبل نادي برايتون ليكون المدير التقنى للفريق وكانت مسؤولياته هى نفسها مع وست بروميتش حيث كان دوره، على حد تعبيره، هو "الإشراف على الجانب الكروي للنادي والربط بين الأقسام المختلفة".

وقال أشوورث، في مقابلة مع "صوت المدربين": "أنا في مركز القيادة، وأربط أقسام كرة القدم السبع وهم جراهام بوتر، وهوب باول، مدرب فريق السيدات، وبول وينستانلي، رئيس التوظيف والتحليل، وديفيد وير، مدير القروض، وجون مورلينج، مدير الأكاديمية، وآدم بريت، رئيس قسم العلوم الطبية والرياضية، وجيمس بيل وكارا ليا موسلي، المسؤولون عن علم النفس والصحة العقلية".

وكان عمل أشوورث، في برايتون عبارة عن نظام متماسك، يشبه فلسفة إنجلترا، وتابع: "نحن نقدر صفات الاستحواذ التي يتمتع بها مدافعونا أكثر من بعض الأندية الأخرى لذلك سواء كنا نشتري لاعبًا، أو ندرب شابًا في الأكاديمية، أو نجد مدربًا أو نعير لاعبًا، فإننا نفكر في الحصول على أقصى استفادة من مدافعينا عندما تكون لديهم الكرة".

وتم اعتبار فريق برايتون مثالاً لأندية الدوري الإنجليزي النموذجية في السنوات الأخيرة، حيث تفوق في العديد من المجالات، بما في ذلك تنمية الشباب والصفقات.

عندما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على نادي نيوكاسل، لم يكن من المفاجئ أن يكون أشوورث، على رأس قائمة الأهداف للنادى واستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتم حسم الصفقة، وبدأ أشوورث، العمل مع نيوكاسل في بداية الموسم الماضي.

وقال ملاك النادي: "دان هو الشخص المثالي لهذا المنصب المهم للغاية إنه يتمتع بسجل حافل في كرة القدم ويسعدنا انضمامه إلى نيوكاسل يونايتد قبل الموسم الجديد".

وقبل وصوله، أجرى أشوورث، تحليلًا مطولًا لجميع جوانب النادي، ووضع الأساس لما يتوقع النادي أن يكون حقبة طويلة الأمد من النجاح.

وكان فريق نيوكاسل يأمل في أن يكون أشوورث، على رأس النادى لسنوات قادمة ولكن يبدو أنه يستعد للخروج المبكر لأحد منافسيهم.

لم يضيع السير جيم راتكليف وشركاؤه، أى وقت لتطوير مانشستر يونايتد منذ تأكيد استحواذهم حيث نجحوا فى خطف المدير التنفيذي لمانشستر سيتي عمر برادة، وسيتم تخفيض رتبة جون مورتوج، إذا لم يغادر عندما يتم تغيير النظام الرياضي الجديد.

ومن المتوقع أن يعمل أشوورث، بطريقة مماثلة لما فعله في برايتون ونيوكاسل، وقد يكون له تأثير أكبر على الصفقات بعد سجل يونايتد السيئ في الآونة الأخيرة.

ووفقًا لصحيفة "الإندبندنت" فإن أشوورث، سيحصل على بعض المساعدة في هذا المجال، مع توقع تعيين رئيس جديد للتوظيف قريبًا ولكن هناك بعض المعوقات التى يجب التفاوض عليه قبل انضمامه رسميًا إلى اليونايتد وهى شروط نيوكاسل.

من المقرر أن يطالب نادى نيوكاسل بتعويض قدره 20 مليون جنيه إسترليني من مانشستر يونايتد للتخلى عن أشوورث، وقد يتردد الشياطين الحمر في دفع مثل المبلغ الباهظ للمدير التنفيذي، ولكن إذا رفضوا فإن شروط إجازة أشوورث، تعني أنه لن يتمكن من البدء في أولد ترافورد حتى عام 2026.

فهل سيوافق يونايتد على شروط نيوكاسل؟ إنه قرار صعب، لكن سيكون بمثابة اختبار جيد لراتكليف، الذي تحدث بعد تأكيد استحواذه على 25% من أسهم الشياطين الحمر عن تخطيط طويل المدى، ويشير السجل الحافل لأشوورث، على أنه الشخص المثالى لبناء اليونايتد حيث يتمتع بخبرة طويلة وفلسفة ناجحة وهو الأمر الذي كان يفتقده النادى لسنوات.

وإذا كان راتكليف، جادًا في إصلاح يونايتد على كل المستويات، فعليه أن يجازف ويخطف أشوورث، من نيوكاسل.