ميسي إلى إنتر ميامي .. صفقة ستغير الدوري الأمريكي بأكمله

في عام 2020، وجد ميسي نفسه في مفترق طرق، لأول مرة في مسيرته، مع مشاكل عقده مع برشلونة. كما نعلم جميعًا، قرر في النهاية البقاء في برشلونة لموسم واحد آخر، لكن ذلك الصيف، ظهرت علامات تدهور بين النجم العالمي، والنادي الذي كان يعتبره بيته الوحيد.

في الصيف التالي، كان ميسي حرًا من أجل الانتقال إلى أي نادٍ يختاره. وللمرة الأولى في مسيرته، كان ميسي بدون نادٍ. لاحقًا، انضم إلى باريس سان جيرمان، وكانت هذه أول علامة حقيقية، للأمل للأندية خارج كتالونيا.

وفي الدوري الممتاز الأمريكي، كان نادي إنتر ميامي، هو الأكثر استعدادًا لتلبية معايير ميسي. لسنوات، وسعى لبناء فريق يجذب النجم الأرجنتيني. وأحد التوقيعات الكبيرة الأولى لهم، زميله السابق في برشلونة، جونزالو هيجواين، الذي تحدث بشكل مشرق عن تجربته في النادي قبل اعتزاله.

ميسي يحب المنطقة، وغالبًا ما يقضي إجازاته في جنوب فلوريدا، وهو مكان يتميز بتعدد ثقافات أمريكا الشمالية، والجنوبية. وجود بيكهام في النادي لم يكن سوى مكمل للصفقة، ليساعد في وصول ميسي.

ومع ذلك، لم يكن بيكهام هو المفتاح لإتمام الصفقة، بل المساهمة الكبيرة من قبل الملاك كانت عاملًا أساسيًا.

حيث صرح خوسيه ماس، لصحيفة ميامي هيرالد في عام 2021 قائلاً:" عملت بجد جنبًا إلى جنب مع ديفيد، ولدينا طموحات بجلب أفضل اللاعبين هنا، وليو ميسي لاعب جيله، وقد يعتبر أفضل لاعب في التاريخ. أنا متفائل بأنه سيشارك بقميص إنتر ميامي، لأنني أعتقد أن ذلك سيكمل إرث أعظم لاعب في جيلنا وسيتوافق مع طموحات النادي، لبناء فريق عالمي".

في النهاية، كان ماس على حق: ميسي ذاهب. وحدث ذلك، بعد عمل كبير من النادي الأمريكي.

الأمر الرئيسي هو أن هذه الصفقة، ليست مهمة فقط لإنتر ميامي، بل لكرة القدم الأمريكية بشكل عام.

وفقًا لصحيفة "ذي أثلتيك"، لعب شركاء الدوري الأمريكي، أبل، وأديداس، دورًا كبيرًا في تسهيل الصفقة، وربما هما السبب الأكبر في قرار ميسي النهائي، بالانتقال إلى الولايات المتحدة.

شركة أبل، التي أصبحت المنصة الرسمية لمشاهدة مباريات الدوري الأمريكي، بعد أن وقعت اتفاقًا لمدة 10 سنوات بقيمة مليارات الدولارات، عرضت على ميسي نصيبًا من الإيرادات التي تُولد من المشتركين الجدد للدوري، كما أعلنت عن مسلسل وثائقي منفصل، مع ميسي يروي انتصاره في كأس العالم.

أما أديداس، فهي شريكة في تصميم القمصان للدوري الأمريكي، وشريكة ميسي منذ فترة طويلة. ووفقًا لـ"ذي أثلتيك" سيتلقى الأرجنتيني نسبة من أي زيادة في أرباح الشركة نتيجة لوصوله إلى الدوري الأمريكي.

وأخيرًا، كان من المتوقع منذ فترة طويلة أن يقدم الدوري الأمريكي، عرضًا مماثلاً لميسي كما فعل مع بيكهام، الذي استخدم شرطًا في عقده الأول، لشراء حق تأسيس إنتر ميامي بقيمة 25 مليون دولار فقط. من الواضح أن المال ليس العامل الوحيد المحفز لميسي.

رغم أن العرض المالي الذي قدمه الدوري الأمريكي مميز، إلا أنه يقارن بما عُرض على ميسي للانتقال إلى الهلال السعودي. نادي الهلال، واحد من أربعة أندية تم الاستحواذ عليها مؤخرًا، من قِبل صندوق الاستثمار السعودي، وقدم لميسي أكثر من 400 مليون دولار سنويًا.

وتمكن الدوري مؤخرًا، من جذب لاعبين بارزين مثل كريستيانو رونالدو، وكريم بنزيما، مقابل عروض ضخمة مماثلة، ويقال أن لاعبين مثل نجولو كانتي، وسيرخيو راموس سيصلون قريبًا أيضًا.

لقد كان لميسي ارتباط مع البلد، حيث كان سفيرًا للسياحة. وتعرض للإيقاف من قبل باريس سان جيرمان، في وقت سابق هذا العام بسبب قيامه برحلة إلى السعودية، بعد خسارة الفريق بالدوري الفرنسي. ومع ذلك، اختار ميسي أمريكا، حيث يمكن أن يصبح نجمًا لامعًا.

حاول الدوري الأمريكي لسنوات، التخلص من لقب "دوري المتقاعدين"، الذي أطلقه عليه العالم كله، بسبب تجاهله على مدار السنوات الخمس الماضية تقريبًا، التوجه نحو لاعبين أصغر سنًا، مثل زميل ميسي في كأس العالم، تياجو ألمادا.

لكن، يظل هناك مكان للوجوه المألوفة، حيث انضم لاعبون مثل لورينزو إنسيني، وشاكيري خلال الموسم الماضي. ولكن لا أحد من هؤلاء اللاعبين يقترب من ميسي، سواء على أرض الملعب، أو خارجه.

قد لا يكون ميسي بكامل قدرته كما كان في برشلونة، ولكن يظل واحدًا من أفضل خمسة لاعبين في العالم، ومن بين المرشحين الأوفر حظًا للفوز بجائزة الكرة الذهبية هذا العام، بعد أن قاد الأرجنتين تقريبًا بمفرده للفوز بكأس العالم. كما سجل 21 هدفًا وصنع 20، مع باريس سان جيرمان في جميع المسابقات الموسم الماضي، مما يجعله يسجل مشاركة في هدف، لكل مباراة في 41 مباراة لعبها.

وهذا ما يجعل هذه الخطوة مثيرة للاهتمام. ليست هذه مجرد صفقة لميسي للحصول على أجر أخير. بل يسعى نحو كوبا أمريكا، وكأس العالم 2026. الأرجنتيني ليس جاهزًا للتقاعد، إنه لاعب متميز، وإذا كان التاريخ مؤشرًا فإنه لن يخيب الآمال.

منذ تأسيس الفريق، كان هدف إنتر ميامي، أن يصبح علامة تجارية عالمية. بالطبع، تواجد بيكهام يزيد من فرصهم في تحقيق هذا الهدف، ولكن النادي لم يكن ناجحًا بما يكفي بالمجال الرياضي، ليصبح لاعبًا رئيسيًا من حيث الأهمية الدولية.

لكن مع قدوم ميسي تأتي الأهمية الدولية. ستكون كل الأعين متجهة نحو ميامي منذ لحظة وصول البرغوث، مما يضع الفريق على الفور في الصدارة، بأمريكا الشمالية. يكفي أن ننظر إلى تأثير رونالدو على النصر، معرفة التأثير الذي سيحدثه لاعب بتلك الشهرة، على النادي.

أما فيما يتعلق بالتواجد على أرض الملعب، فسيصبح ميسي على الفور أفضل لاعب في الدوري الأمريكي، رغم أنه سيواجه بعض التحديات الكبيرة.

لكنه ليونيل ميسي. لقد كان محل للانتقادات لمدة 15 عامًا. ومن المرجح جدًا أن يتكيف، ويسيطر على المشهد. يحتاج ميامي الآن إلى بناء فريق يتماشى مع البرغوث، ويستغل نقاط قوته. لديهم الوقت للتفكير في ذلك. أهم شيء كان الحصول على ميسي في الفريق.

لن يتغير رأي الناس تجاه الدوري الأمريكي، خلال أيام، لكن كرة القدم الأمريكية تلعب دور اللحاق ببقية العالم. فالدوري موجود منذ أقل من 30 عامًا، على الأقل. لكن انتقال ميسي هو تغيير حقيقي لهم، أكبر من بيكهام، ونعم، أكبر من بيلي في تلك السنوات السابقة، مع نيويورك كوزموس.

لقد تغير العالم منذ انتقال بيكهام، وبيلي، وبدأوا الكرة الأمريكية. وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العالم أكثر انفتاحًا قليلاً، انتقال ميسي إلى لأمريكا ليس لمغادرة الأضواء، ولكن لجلبها معه.

ستكون الأعين من جميع أنحاء العالم على الدوري، طوال فترة وجود ميسي. ومن المرجح أن يكون المزيد من المشجعين في الأرجنتين، وبرشلونة، وأي مكان آخر يتابعون الدوري. ستتضاعف الرعاية التجارية، وسيتزايد الحضور بالتأكيد.

لكن بغض النظر عن ميسي، ستستمر عبارات "دوري التقاعد"، وسينتقد البعض ميسي لهذا الانتقال، ويتساءلون لماذا اختار الذهاب إلى الولايات المتحدة، عندما كان لديه وقت للعب في أوروبا.

لكن لن يتهم الدوري الأمريكي بكل ذلك، فوجود ميسي لديهم كوجه لكرة القدم، ومع اقتراب كأس العالم، لن يكون هناك وقت أفضل لمتابعة إنتر ميامي بقيادة ميسي، ويبدو أن هذه ليست سوى البداية.