مهزلة "الاستحواذ" على مانشستر يونايتد .. استمرار عائلة جليزر وخبرة جيم راتكليف أول خطوة في تعافي الشياطين الحمر!

كان رد الفعل السائد على التطورات الأخيرة لمستقبل مانشستر يونايتد هو الارتباك، حيث صرح قائد يونايتد السابق جاري نيفيل، الذي كان من أشد المنتقدين لملكية جليزر في السنوات الماضية، أن استثمار الأقلية "يترك أسئلة أكثر من الإجابات" وطرح 16 سؤالًا خاصًا حول كيفية تأثير راتكليف على النادي.

وبالنظر إلى أن خطوة الاستحواذ على النادي كانت مبهمة وغير واضحة منذ البداية، فليس مفاجئًا من النهاية غير المرضية للعديد من المشجعين والذين كانوا يريدوا رحيل عائلة جليزر وكان معظمهم يؤيدون البيع الكامل الذي وعد به الشيخ جاسم.

وجاء نص بيان مانشستر يونايتد في البداية على النحو التالي: "سينظر مجلس الإدارة في جميع البدائل الإستراتيجية، بما في ذلك الاستثمار الجديد في النادي، أو البيع، أو المعاملات الأخرى المتعلقة بالشركة".

وحتى يوم السبت الماضي وانتشار أخبار أن الشيخ جاسم على وشك الانسحاب من عملية التفاوض، وكانت مصادر قريبة من الملياردير القطري قد تحدثت في أغسطس الماضي على أنهم لم يتلقوا أي رد من اليونايتد فيما يتعلق بالعرض، وقالوا إنهم قلقون بشان أن تكون عائلة جليزر لا ترغب في بيع النادي، وهذه الأمور تسببت في انخفاض سعر سهم النادي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق.

والتزام يونايتد الصمت بشأن هذا الأمر ولم يتحدث راتكليف، أو الشيخ جاسم ويناقشون خططهما بسبب اتفاقية السرية.

استمر وضع مانشستر يونايتد في التدهور وتراجع النادي عن عقده المتفق عليه مع ديفيد دي خيا وأحدث فوضى حقيقية في قضية ميسون جرينوود، حيث أمضى اللاعب 6 أشهر في تحقيق داخلي بسبب اتهامه بالتعدي الجنسي قبل موافقة الإدارة على إعادة دمجه في الفريق، لكن النادي تراجع عن قراره بعد موجة من الغضب.

ولعب الفريق كل مباراة له في أولد ترافورد محاطًا باحتجاجات المشجعين، وبحلول أواخر سبتمبر، كان يونايتد قد تعرض بالفعل لثلاث هزائم على أرضه، وهو عدد أكبر مما كان عليه في الموسم الماضي.

وإذا تم تأكيد أن راتكليف، سيكون "مستثمر أقلية" من قبل مجلس الإدارة، قد يتفاقم غضب الجمهور وطالبت مجموعة 1958، التي نظمت معظم الاحتجاجات خلال العام الماضي، بالبيع الكامل فقط وتخشى السلطات من تنظيم مظاهرة قبل المباراة التالية على ملعب أولد ترافورد ضد كوبنهاجن، في دوري الأبطال.

كان الشيخ جاسم هو الأمل الوحيد في البيع الكامل لنادي مانشستر يونايتد لأن مؤسسته كانت الوحيدة التى أرادت شراء النادي بالكامل وبدا عرض المصرفي القطري جذابًا للغاية للجماهير حيث وعد بتسوية ديون النادي واستثمار 1.7 مليار دولار في البنية التحتية وكان سينهي سيطرة عائلة جليزر المكروهة.

لكن اهتمام رجل الأعمال القطري بمانشستر يونايتد كان محاطًا بالغموض فلم يعرف أحدًا أي معلومات عنه ولم يفعل شيئًا لتغيير ذلك، ولم يكن هناك سوى صورة واحدة متداولة له وقال أشخاص في دوائر الأعمال القطرية إنه شخصية غير معروفة، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لشخص يعرض شراء نادي كرة قدم بمليارات الدولارات.

وعندما دعا يونايتد مؤسسة الشيخ جاسم إلى أولد ترافورد للقاء المديرين ومناقشة عرضهم، كان الشيخ جاسم غائبًا! كيف يمكن لشخص يريد شراء أكبر نادٍ في العالم أن يفوت مثل هذا الاجتماع المهم؟، على عكس راتكليف، الذي حضر والتقط الصور خارج الملعب وصافح إريك تين هاج.

وربما كان الشيخ جاسم هو واجهة لعرض من دولة قطر فقط، وذكرت تقارير أن رئيس نادي باريس سان جيرمان ناصر الخليفي، ورئيس مجلس إدارة قطر للاستثمار الرياضي، كان متورطًا بشكل كبير في هذا الأمر.

وهناك عداء متزايد بين الدوري الإنجليزي تجاه الأندية المملوكة للدولة بعد استثمار أبو ظبي في مانشستر سيتي وملكية السعودية لنيوكاسل يونايتد، ومن المقرر أن تتخذ هيئة تنظيم كرة القدم التي اقترحتها حكومة إنجلترا موقفًا متشددًا تجاه الأندية المدعومة من الدولة.

قد ساعد الدور العملي الذي لعبه راتكليف في الفوز على عائلة جليزر، حيث سافر هو ورفاقه إلى الولايات المتحدة للقاء العائلة قبل وقت طويل من إعلان المراجعة الاستراتيجية، قائلين إن الأمريكيين كانوا "ساحرين ولطيفين للغاية، على الرغم من الهجوم الذي يتعرضوا له".

إن شخصية راتكليف، وذكائه التجاري، ساعده على أن يصبح واحداً من أغنى الرجال في بريطانيا، وقاده إلى التفوق على الشيخ جاسم، ودفعه في النهاية إلى دفع ثمن باهظ مقابل حصته البالغة 25%.

العديد من المشجعين الذين كانوا حريصين في البداية على راتكليف بسبب دعمه الدائم لجذور يونايتد ومانشستر، انقلبوا عليه منذ ذلك الحين، واصفين إياه بالخائن لأنه خفض حصته بناءً على طلب عائلة جليزر ولن يحظى بشعبية لدى العديد من المؤيدين ولكن ينبغي الترحيب به لأن راتكليف، هو مشجع حقيقي ليونايتد وكان في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999.

وقال راتكليف: "هذه هي ذكرياتي الكروية الأكثر استثنائية، لم يكن من المفترض أن نفوز قبل هذه الدقائق الثلاث المجنونة ثلاث دقائق لن تنساها أبدًا في حياتك،" وعلى الرغم من أن الشيخ جاسم أطلق على مؤسسته Nine Two اسم جيل "فئة 92" في يونايتد، إلا أنه لم يكن لديه قصص مرتبطة بمتابعة الفريق.

الأهم من ذلك، هو خبرة راتكليف، بعد سنوات من المشاركة في الجانب الرياضي حيث تشارك شركته INEOS في فريق مرسيدس للفورمولا 1 وتمتلك أحد أكبر الفرق في مجال ركوب الدراجات، بالإضافة إلى نادي نيس الفرنسي، وفريق لوزان سبورت بالدوري السويسري.

وبعد بضع سنوات من الفوضى، حقق نيس بداية رائعة في موسم الدوري الفرنسي واحتل المركز الثاني في الجدول خلف باريس سان جيرمان، وكان المدير الرياضي ديفيد برايلسفورد، هو العقل المدبر لهيمنة فريق سكاي على ركوب الدراجات بين عامي 2010 و2019، ومن المتوقع أن ينضم إلى مانشستر يونايتد، ويمكن لشركة INEOS أيضًا أن تفتخر بخبرة الرئيس التنفيذي الرياضي جان كلود بلان، الرئيس التنفيذي السابق ليوفنتوس وباريس سان جيرمان.

وسيكون ذلك بمثابة تحسين لكبار المسؤولين الحاليين في يونايتد حيث يتولى الرئيس التنفيذي ريتشارد أرنولد، منصبه منذ عام 2022 بعد أن انضم كمدير تجاري، بينما تمت ترقية المدير الرياضي جون مورتوج، إلى هذا المنصب بعد أن عمل كمدير كرة قدم، وتشمل تعاقدات مورتوج الأخيرة جادون سانشو، الذي تم طرده حاليًا من الفريق بعد خلافه مع تين هاج، وأندريه أونانا، الذي بدأ بداية كارثية لمسيرته مع الشياطين الحمر.

من المتوقع أن يلعب راتكليف، دورًا كبيرًا في إدارة يونايتد، ويشتهر بأنه لا يرحم وعلى سبيل المثال انتقاداته اللاذعة ليونايتد في مقابلة عام 2019 مع صحيفة "التايمز" حيث قال: "لا تريد شركة INEOS أبدًا أن تكون المال الغبي، مانشستر في مأزق كبير جدًا فلم يختاروا المدير الفني بشكل صحيح، لقد أنفقوا مبالغ هائلة منذ رحيل فيرجسون ولكن كانوا فقراء بشكل مثير للصدمة، لأكون صادقًا".

وتابع: "لدينا نهج مختلف هنا، لنكون أذكياء يجب الاهتمام بالقاعدة الشعبية، ومحاولة العثور على المواهب الشابة ويبدو أن بعض الأندية لديها القدرة على القيام بذلك، مثل ساوثامبتون وليل".

ويجب على راتكليف، أيضًا توفير بعض الاهتمام والحضور المستمر في المباريات التي يحتاج فيها الفريق للدعم فلم يتم رؤية عائلة جليزر في أولد ترافورد منذ سنوات، ولم يظهر سوى أفرام جليزر، في المباريات مؤخرًا حيث حضر نهائيات كأس الاتحاد الإنجليزي للرجال والسيدات الموسم الماضي والتتويج بكأس كاراباو.

الأمريكيون يكرهون الدعاية ولم يكن لديهم أي تفاعل مع المؤيدين لهم عكس رجل الأعمال البريطاني الذي يتمتع بسجل قوي في التعامل مع مشجعي نيس وسيكون ذلك تغييرًا مرحبًا به، وسيكون راتكليف، حريصًا على إثارة الإعجاب وهناك بالفعل اقتراحات بأنه يريد توسيع سعة ملعب أولد ترافورد إلى 90 ألف متفرج.