Achraf Hakimi Yassir Zabiri (Goal Only)Goal AR

أشبال الأطلس يغزون العالم على خطى الكبار: درس مغربي قاسٍ لمصر والسعودية .. وحكيمي ليس رجل المرحلة الوحيد!

كتب منتخب المغرب للشباب، سطرًا جديدًا في السجل الذهبي الذي يقدمه أسود الأطلس، بمختلف فئاته؛ سواءً المنتخب الأول، الشباب، الناشئين، السيدات، في الفترة الأخيرة، والتي وضعته بقوة على الخريطة العالمية، حيث لم يعد يرضى فقط بـ"المشاركة"، ولم يتوقف طموحه عند عبارة "الذهاب في البطولة بعيدًا"، بل صار يشارك في البطولات العالمية من أجل التتويج بها.

المنتخب المغربي كتب التاريخ، وتأهل إلى نهائي كأس العالم للشباب تحت 20 عامًا "تشيلي 2025"، بعد الفوز على فرنسا، حامل اللقب في 2013، بركلات الترجيح، بعد مواجهة مثيرة في نصف النهائي، انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله.

هو باختصار، المنتخب الذي يعمل في صمت، ويترك إنجازاته تتحدث عنه، فبات مصدر خطورة كبير لجميع المنافسين، ولعله هو المنتخب العربي الوحيد الذي يمكن وصفه - حاليًا - بأنه تخلى عن عباءة القارة، وصار اهتمامه هو غزو العالم.

  • FBL-CAN-2024-MOR-CODAFP

    ماذا قدمت الكرة المغربية في آخر سنوات؟

    المنتخب المغربي سطر تاريخًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وأثبت أن نجاحه ليس وليد الصدفة، بل منظومة "شاملة" شهدت تطورًا كبيرًا في جميع الفئات، والتي يمكن أن نسطر إنجازاتها في السطور التالية..

    - منتخب المغرب الأول يفوز بالمركز الرابع في نهائيات كأس العالم "قطر 2022"، ويحقق أكبر إنجاز عربي وإفريقي في تاريخ المونديال.

    - منتخب المغرب للشباب يتأهل إلى نهائي كأس العالم تحت 20 عامًا "تشيلي 2025"، ليصبح ثاني العرب المتأهلين للنهائي بعد قطر "1981"، مع إمكانية التتويج باللقب.

    - منتخب المغرب تحت 23 عامًا، يفوز بالميدالية البرونزية في دورة الألعاب الأولمبية "باريس 2024".

    - منتخب المغرب للسيدات يتأهل إلى نهائي كأس أمم إفريقيا "مرتين"، ويفوز بفضيتين، ويصبح أول منتخب عربي يشارك في كأس العالم للسيدات.

    - منتخب المغرب يتوج بكأس أمم إفريقيا للمحليين "2024"، ويصبح الأكثر تتويجًا باللقب، برصيد 3 نسخ.

  • إعلان
  • 2018-06-26 Saudi Arabia EgyptGetty Images

    درس قاسي لمصر والسعودية

    لماذا ذكرتُ الكرتين في مصر والسعودية على وجه التحديد، رغم أن "درس" الكرة المغربية يمكن تعميمه لكل أرجاء المنتخبات العربية؟ باختصار لأن الدولتين يمثلان نموذجين بارزين على الساحة.

    الكرة المصرية

    إذا تحدثتُ عن الكرة المصرية على سبيل المثال، فإنها قدمت تاريخًا كبيرًا للكرة العربية والإفريقية، إلا أن أبرز ما تتسم به في الوقت الحالي، هو الآتي..

    - التغنّي بالماضي، والتحدث باستمرار عن إنجاز الفراعنة صاحب البطولات السبع في كأس أمم إفريقيا.

    - الإنجاز يتوقف على نتائج الأهلي في البطولات الإفريقية والدولية، أو أرقام محمد صلاح مع ليفربول.

    (في هذه النقطة، يمكن تسليط الضوء أيضًا على ما قدمه بيراميدز هذا العام، بين الفوز بدوري أبطال إفريقيا وكأس القارات الثلاث، وفوز الزمالك بالكونفدرالية والسوبر الإفريقي).

    - قلة الاهتمام بالمواهب الشابّة، والتوقف عند محطة الحلم القاري و"شرف" المشاركة المونديالية، فضلًا عن بعض المشكلات الإدارية التي تطفو على السطح بين حين وآخر، مثل مطالبة لاعبي منتخب مصر بمستحقاتهم المتأخرة على مدار 8 شهور، عن مشاركتهم في أولمبياد باريس، والفوز بالمركز الرابع.

    الكرة السعودية

    أما عن الكرة السعودية، فإنها تملك تاريخًا لا ينسى عربيًا وآسيويًا، إلا أن هناك سمة أيضًا تطفو على اللعبة في المملكة، وهي كالآتي..

    - الاهتمام بتدعيم الأندية بالصفقات العالمية بشكل أثر على مشاركة اللاعب المحلي، فبدا تأثيره واضحًا على أداء المنتخب الأول، وفق ما أوضحه المدرب هيرفي رينارد، وقبله روبرتو مانشيني.

    - قلة المحترفين في أوروبا؛ وفي هذه النقطة، يمكن القول إن هناك لاعبين سعوديين تلقوا عروضًا خارجية، في الآونة الأخيرة، إلا أن أنديتهم حالوا دون احترافهم، على غرار عبد الله رديف وطلال حاجي، فصار الحل هو إعارتهم لأندية أخرى في دوري روشن، دون التفكير في "صقل" موهبتهم في القارة العجوز، أو آخرين لا يستمرون كثيرًا في الخارج، كما حدث مع عبد الملك الجابر وفيصل الغامدي.

    - الإنجاز يتوقف على نتائج الهلال في البطولات الآسيوية والدولية، مع ظهور الأهلي مؤخرًا على الساحة القارية.

    - التغني بإنجاز "الفوز على الأرجنتين في كأس العالم"، و"فوز الهلال على مانشستر سيتي في مونديال الأندية"، دون تقييم شامل لمسيرة الفريقين في البطولتين.

  • Morocco's forward Ayoub El Kaabi celebrates scoringGetty Images

    الكرة المغربية .. نقطة إيجابية وأخرى سلبية

    إن أبرز ما يميز الكرة المغربية، هو تغيير "عقلية" اللاعب المغربي، فصار البناء من الأسفل إلى الأعلى واضحًا، والاهتمام بالتطوير يشمل جميع الجهات، ناهيك عن الاهتمام بإرسال المحترفين إلى أوروبا باستمرار.

    نقطة أخرى، هي اهتمام منتخب المغرب في المشاركة بجميع البطولات الممكنة، ولعل أبرز مثال على ذلك، هو بطولة "كأس أمم إفريقيا للمحليين"، التي يجد فيها أرضًا خصبة لتجربة المواهب في الدوري المحلي، لتكون بوابتهم نحو الاحتراف الخارجي، كما حدث مع "أيوب الكعبي"، الذي توج بالبطولة مرتين، وسجل 9 أهداف في نسخة واحدة، لتكون بوابته للاحتراف، قبل أن يسجل تاريخًا مع أولمبياكوس اليوناني، بالتتويج بأولى بطولة قارية في تاريخه، وهي "دوري المؤتمر الأوروبي".

    النقطة الثالثة، هي تعميم التطوير في جميع النواحي، دون التركيز على المنتخب الأول فقط، أو انتظار نتائج نادٍ معين في بطولة قارية، فصرنا نشاهد منتخب السيدات الذي يحقق أفضل النتائج على المستوى العربي، بعد وصوله إلى نهائي إفريقيا مرتين، وتأهله إلى دور الـ16 من كأس العالم للسيدات.

    النقطة الرابعة: التخلي عن التغني بالماضي، كأن يقال تأهل المنتخب المغربي إلى الدور الثاني في مونديال 1986 أو فوزه بكأس أمم إفريقيا 1976، بل العمل على تقديم مواهب جديدة، هدفها كتابة تاريخ جديد، على المستوى العالمي.

    أما عن النقطة السلبية، فهي تتمثل في "تراجع الأندية"، إذا ما قورنت بأداء المنتخبات، ولعل أبرز دليل على ذلك، ما شهدناه من أداء الوداد في كأس العالم للأندية 2025، بثلاث هزائم متتالية، ناهيك عن قلة الظهور على ساحة التتويج، في دوري أبطال إفريقيا، والتي باتت تعتمد أيضًا بشكل كبير، على نتائج الوداد الذي سجل آخر تتويج مغربي باللقب في 2022.

    هذه النقطة أيضًا لا تعد قاعدة عامة، والدليل قفزة نهضة بركان الذي توج بكأس الكونفدرالية ثلاث مرات في آخر 5 سنوات، فضلًا عن الرجاء الذي توج بكأس الملك سلمان للأندية العربية.

  • FBL-FRA-LIGUE1-TOULOUSE-PSGAFP

    مواهب مغربية

    وعلى غرار لاعبين عرب كتبوا تاريخًا "مؤخرًا" في قارة أوروبا، مثل محمد صلاح ورياض محرز، فإن الكرة المغربية قدمت أيضًا، أشرف حكيمي، أبرز المحترفين المغاربة في الساحة حاليًا، والذي توج بدوري أبطال أوروبا مرتين مع ريال مدريد وباريس سان جيرمان، وبلغ نهائي كأس العالم للأندية 2025.

    وهناك أيضًا سفيان رحيمي، أحد المواهب التي كشفت عنها بطولة إفريقيا للمحليين، ليحترف بعدها في العين الإماراتي، ويقود فريقه للتتويج بدوري أبطال آسيا، كما ساهم بأهدافه الثمانية في فوز المغرب ببرونزية أولمبياد باريس 2024.

    الأمثلة المغربية لا تتوقف، بين تقديم نماذج على غرار براهيم دياز وأيوب الكعبي، وعبد الصمد الزلزولي ويوسف النصيري، وأيضًا نماذج أخرى تألقت في الساحة العربية، مثل رحيمي وعبد الرزاق حمد الله، الذي ينافس على الهداف التاريخي لدوري المحترفين السعودي.

    ولعلّ كأس العالم للشباب، قد كشفت عن مواهب مغربية أخرى، تملك خبرة الاحتراف في أوروبا، وتنتظر فقط رؤية الكبار، مثل ياسر زابيري، مهاجم فاماليكو البرتغالي، الذي سجل ثلاثة أهداف في المونديال، وساهم في تقدم الأسود أمام فرنسا في نصف النهائي.

    باختصار، ما تقدمه الكرة المغربية، يعد إنجازًا عربيًا بكل المقاييس، حيث صار تواجد أسود الأطلس في البطولات العالمية، محل اهتمام كبير من كافة أنحاء العالم، ولكن يبقى أن يواصل مسؤولو الكرة المغربية "البناء"، دون أن يصبح هذا التطور مجرد مرحلة فقط، حيث أن النتائج الأخيرة تقول إن النموذج المغربي هو الأفضل عربيًا وإفريقيًا في الوقت الحالي.