GOAL ONLY Salah gfxGoal AR

القائد الممزق: أزمة ديسمبر.. صلاح في مواجهة أشباح الماضي وليفربول محاصر براتب بعشرات الملايين!

مرة أخرى، وقبل ستة أسابيع فقط من انطلاق العرس الأفريقي، يجد محمد صلاح نفسه في قلب عاصفة مألوفة: أزمة النادي مقابل المنتخب.

الخبر الذي نشرته "ديلي ميل" واضح؛ حسام حسن، المدير الفني للمنتخب المصري، يملك كامل الحق في استدعاء قائده لمعسكر 8 ديسمبر، والذي تتخلله ودية قوية أمام نيجيريا، وفي المقابل، يملك ليفربول مباراتين لا تقبلان القسمة على اثنين في الأسبوع نفسه؛ موقعة حاسمة في دوري الأبطال ضد إنتر ميلان، وتحدٍ صعب في الدوري أمام برايتون.

هذه المرة، الأزمة ليست مجرد تضارب في المواعيد، إنها صراع معقد تدور رحاه على ثلاث جبهات: جبهة الماضي الأليم وخزن المصريين من صلاح، وجبهة الاحترافية الباردة وحق النادي، وجبهة ثالثة استراتيجية قد لا يراها الكثيرون، وهي: فرصة مصر الذهبية لاختبار الحياة بدون صلاح.

  • FBL-EUR-C1-LIVERPOOL-REAL MADRIDAFP

    المحور الأول: الماضي الأليم وعبء القائد

    لا يمكن قراءة أي مفاوضات حالية بين صلاح والمنتخب دون استدعاء أشباح الماضي، فالماضي الأليم ليس مجرد تعبير عاطفي؛ إنه حقيقة ملموسة. 

    الجماهير المصرية لم تنسَ بعد سيناريو كأس الأمم الأخيرة في كوت ديفوار، حين سقط القائد مصاباً وعاد سريعاً إلى ليفربول لاستكمال علاجه.

    بغض النظر عن منطقية القرار طبياً، فإن المشهد ترك جرحاً غائراً وشعوراً بالخذلان لدى قطاع كبير من المشجعين.

    بالنسبة لهم، صلاح ليس مجرد لاعب؛ إنه القائد والرمز الذي يُنتظر منه أن يبقى حتى الرمق الأخير، وهذا العبء العاطفي يضع صلاح تحت ضغط هائل. 

    أي غياب، حتى عن ودية، سيتم تفسيره فوراً من خلال عدسة الماضي بأنه تقصير في الواجب الوطني، وهو ما يجعله ممزقاً بين ما يمليه عليه قلبه كقائد وما يفرضه عليه الواقع.

  • إعلان
  • FBL-EUR-C1-LIVERPOOL-REAL MADRIDAFP

    المحور الثاني: راتب وقدره ومنطق ليفربول البارد

    على الجانب الآخر من المعادلة، يجلس نادي ليفربول، وهو المؤسسة التي تدفع لصلاح راتباً وقدره يتجاوز مئات الآلاف أسبوعياً، أو عشرات الملايين بلغة الجنيه المصري.

    من منظور الريدز، المسألة ليست عاطفية، بل هي استثمار بحت، فالنادي الإنجليزي يستثمر في صلاح ليفوز بالمباريات الرسمية، لا ليخسره من أجل مباريات ودية حتى وإن كانت تقود وتعد لبطولة رسمية لاحقة.

    من وجهة نظر ليفربول المقارنة تبدو ظالمة ولكنها واقعية: ما هي قيمة ودية نيجيريا التحضيرية مقارنة بمباراة في دوري أبطال أوروبا قد تحدد مصير ملايين اليوروهات ومستقبل الفريق في البطولة؟ أو مباراة في سباق الدوري الإنجليزي المحموم حيث كل نقطة تساوي ذهباً؟ ليفربول يرى أنه له كل الحق في أن يطالب نجمه الأول، الذي عاد لتوه إلى قمة مستواه، بأن يكون متاحاً للمعارك الرسمية.

    المخاطرة بإصابته في ودية، قبل أيام من البطولة الفعلية أو حتى مجرد خسارته وعدم خوضه لرسميات ليفربول، هو كابوس يتمنى النادي تجنبه بأي ثمن.

  • Mohamed Salah Egypt 2024Getty

    المحور الثالث: الفرصة الذهبية لحسام حسن

    هنا يكمن جوهر القصة الحقيقي، والزاوية التي يجب أن يركز عليها حسام حسن، فالسؤال الأهم ليس: هل يحق لحسام استدعاء صلاح؟ فالاجابة هي نعم، يحق له، بل: هل يحتاج حسام لاختبار صلاح أمام نيجيريا ودياً؟.

    الإجابة القاطعة هي لا، صلاح هو القطعة الوحيدة المضمونة في تشكيلة الفراعنة، والمدرب يعرف بالضبط ما يمكن أن يقدمه، لكن ماذا سيفعل حسام حسن لو - لا قدر الله - أُصيب صلاح في المباراة الثانية في كأس الأمم؟ أو نال بطاقة حمراء أو تراكمت عليه الإنذارات وأوقفته عن مباراة حاسمة؟

    هنا تتحول الأزمة المزعومة إلى فرصة ذهبية، غياب صلاح الاضطراري عن هذه الودية يجبر المدرب على تجربة الخطة ب.

    إنها الفرصة المثالية ليرى كيف سيتصرف الفريق تكتيكياً وهو محروم من نقطة قوته العظمى، كيف سيتحرك عمر مرموش؟ من سيأخذ المبادرة؟ كيف سيبني الفريق هجماته دون الاعتماد الكلي على انطلاقات صلاح؟

    الاعتماد المفرط على صلاح كان تاريخياً إدماناً يضر بالمنتخب بقدر ما يفيده، وهذه الودية، بدون صلاح، هي معسكر حقيقي لاختبار هذا الفطام التكتيكي. 

    أن تذهب إلى بطولة كبرى وأنت تملك خطة أ بوجود صلاح وخطة ب مُجرّبة وفعالة في غيابه، هو قمة الذكاء الاستراتيجي.

    بدلاً من الدخول في صدام إعلامي، يمكن لحسام حسن أن يربح على جميع الجبهات: يضمن وصول قائده سليماً بدنياً وذهنياً قبل البطولة، وفي الوقت نفسه، يكون قد جرّب خيارات تكتيكية بديلة، ومنح الثقة لباقي المهاجمين، هذا هو الانتصار الحقيقي.

  • FBL-ENG-PR-LIVERPOOL-ASTON VILLAAFP

    بيت القصيد: الحل الوسط

    يقف صلاح حائراً في المنتصف، ممزقاً بين واجب القائد الذي تطالبه به الجماهير، والتزام الموظف المحترف الذي يطالبه به ناديه، وكلاهما على حق من زاويته، والصدام لن يفيد أحداً.

    يكمن الحل ليس في الصدام، بل في التنسيق الذكي، فالسيناريو الأفضل للجميع واضح: أن يلعب صلاح مباراتيه الرسميتين مع ليفربول، ثم ينضم للمعسكر متأخراً، حتى لو لم يشارك في الودية.

    بهذا يكسب ليفربول نجمه في مبارياته الحاسمة، ويكسب المنتخب قائده معنوياً في المعسكر، والأهم، يكسب حسام حسن 90 دقيقة ذهبية لتجربة خطة بديلة واقعية.

    هذه الأزمة، إذا أُديرت بذكاء، قد تكون أفضل تحضير للمنتخب قبل كأس الأمم.