Diogo Jota HD

دموع صلاح وكلمات روبرتسون .. وفاة جوتا لم تهدم موسم ليفربول ولكن "آلام الدقيقة 20" غير قابلة للتجاهل

ليت كرة القدم بهذه السهولة، فكنا سنجد تفسيرات واضحة لكل شيء، تألق أحدهم وانهيار الآخر، ولكنها تحتمل الكثير من وجهات النظر المتناقضة التي بها بعض الوجاهة ومن الصعب إثبات عدم صحتها.

عدم وجود حقيقة مطلقة وواضحة في اللعبة، يجعلنا نسأل .. ماذا يحدث في ليفربول؟ فريق تحول من بطل بلا منافس في الدوري الإنجليزي مع آرني سلوت، إلى فريق متعثر متفكك بلا هوية تحت قيادة نفس المدرب.

الهولندي الذي كان مُلهما بعد رحيل يورجن كلوب، تحول إلى شخص آخر يختلق كافة الأعذار الممكنة لهبوط مستوى فريقه، لدرجة أنه تحجج بقيام الفرق بتغيير خطتها وتشكيلتها عندما تلعب أمام الريدز، وأن البعض الآخر يعتمد على الكرات الثابتة، وكأنهم بحاجة للحصول على إذن منه قبل اختيار طريقة اللعب!

الغريب، أنه من بين كافة الأعذار، هناك سبب واحد رفض سلوت استخدامه، وهو الحادث الأليم بوفاة نجم الفريق ديوجو جوتا وشقيقه في 3 يوليو الماضي، حيث قال إنه ربما يكون هناك تأثير ولكنه ليس العنصر الرئيسي!

  • Liverpool FC v Atletico de Madrid - UEFA Champions League 2025/26 League Phase MD1Getty Images Sport

    اللاعبون بشر قبل كل شيء

    مهما تظاهر اللاعبون بأنهم أقوياء ذهنيًا ويستطيعون تحمل كل شيء أي كان، هناك جانب آخر إنساني لا يظهر خلف الميكروفونات في المؤتمرات الصحفية وأمام الشاشات، وهي اللحظات التي يشعر فيها هؤلاء بالضعف.

    في الحقيقة هم مثلك تمامًا، وبعضهم قد يكون أضعف منك ولا يتحمل أشياء تخطاها البعض، مثل البرازيلي أدريانو الذي انتهت مسيرته تمامًا بعد وفاة والده.

    ديوجو جوتا كان حالة خاصة، ليس نجمًا كبيرًا ولم يحمل مكانة محمد صلاح أو فيرجيل فان دايك أو أليسون وترنت أرنولد في ليفربول، ولكنه شخصية محبوبة لا يمكن أن تكرهها، يجلس كبديل ولا يشتكي، لا توجد له خلافات واضحة أو مشاكل أو أزمات سلوكية سواء مع يورجن كلوب أو سلوت.

    حقيقة أن هذا الشخص الطيب يتعرض إلى هذا الحادث الأليم ليختفي فجأة من الحياة ستكون صادمة بكل تأكيد لمن حوله، ومن المنطقي أن تطاردهم صورته وتظهر في أذهانهم مع أي موقف يذكرهم به.

    وما يجعل الأمور أسوأ، هي قصة جوتا بالتحديد، الوفاة الصادمة دون أي مقدمات أو معاناة من مرض، حصل على الدوري الإنجليزي وفاز مع البرتغال بدوري الأمم الأوروبية، ثم تزوج من حبيبته ورفيقة طفولته ثم انتهى كل ذلك في لمح البصر.

    تخيل أن تحتفل مع صديقك بهذا الإنجاز ثم تذهب إلى زفافه، لتسمع فجأة أنه فارق الحياة! من الطبيعي والمنطقي أن تشعر أولًا بعدم الاستيعاب قبل أن تستوعب الأمر بالتدريج وتدخل في حالة أخرى من الحزن العميق.

  • إعلان
  • Liverpool v Aston Villa - Premier LeagueGetty Images Sport

    أشياء لا يمكن إنكارها

    بعد تأهل اسكتلندا بشكل رسمي إلى كأس العالم 2026 بالفوز على الدنمارك 4/2 في 18 نوفمبر الجاري، ظهر لنا جليًا إلى أين تذهب عقول لاعبي ليفربول حتى في لحظات السعادة الغامرة.

    أندي روبرتسون مدافع اسكلتندا قال بعد المباراة، إن هذا التأهل يُذكره كثيرًا بجوتا، وأنهما تحدثا كثيرًا عن تلك البطولة ورغبتهما في اللعب بها بعد غياب كل منهما عن نسخة 2022، حيث تغيب البرتغالي للإصابة ولم يشارك المنتخب الاسكتلندي بالمسابقة.

    روبرتسون قال بشكل عفوي:"لم أستطع إخراج صديقي ديوجو جوتا من رأسي، كنت في ورطة بعض الشيء في غرفتي بسبب كل ما دار في ذهني".

    تخيل أن هذا ما حدث في احتفال تاريخي بالتأهل لكأس العالم، في مناسبة لا تخص جوتا على الإطلاق، فما بالك بما يحدث في الدقيقة 20 من كل مباراة، عندما يغني مشجعو ليفربول أغنية البرتغالي المفضلة!

    دموع محمد صلاح أمام بورنموث في افتتاح البريميرليج لا يمكن تجاهلها، وكذلك محاولة تقليد احتفاله الشهير، كلها أشياء تعكس أن جوتا لا يزال عالقًا في الأذهان.

    صلاح سبق أن قال بنفسه:"لم أتخيل أبدًا أنه سيحدث شيئًا ما يجعلني أخشى العودة إلى ليفربول بعد العطلة الصيفية، زملاء الفريق يأتون ويرحلون، ولكن ليس بهذه الطريقة، سيكون من الصعب تقبل حقيقة عدم وجوده".

  • FBL-EUR-C1-REAL MADRID-PRESSERAFP

    رحل الأصدقاء ولكن!

    الصديق المقرب لجوتا في ليفربول كان الحارس الأيرلندي  كويمين كيليهير، ولكنه رحل إلى برينتفورد، وأيضًا لويس دياز جمعته صداقة قوية به وغادر هو الآخر إلى بايرن ميونخ.

    وحتى ترنت ألكسندر أرنولد، الظهير الإنجليزي الذي تشارك غرفة الملابس مع جوتا لسنوات توجه هو الآخر في الصيف إلى ريال مدريد، كما أن ليفربول يدخل الموسم بفريق جديد نوعًا ما بعد الصفقات الضخمة، بضم فلوريان فيرتس وميلوش كيركيز وجيريمي فريمبونج وألكساندر إيزاك وهوجو إيكيتيكي وجيوفاني ليوني.

    إذن هل من المنطقي أن نلوم وفاة جوتا على المستوى الكارثي لفيرتس وإيزاك على وجه التحديد؟ بالتأكيد لا، ولكن كرة القدم لعبة جماعية وانخفاض مردود الفريق بشكل عام قد يؤثر بشكل أو بآخر.

    معظم أفراد الفريق الذي زامل جوتا يعاني من انخفاض وتخبط في المستوى، ولعل أبرزهم فيرجيل فان دايك وروبرتسون وصلاح وأليكسيس ماك أليستر وكودي جاكبو وإبراهيما كوناتي وغيرهم.

    دون هاتشينسون لاعب وست هام وإيفرتون السابق قال عن هذا الأمر في تصريحات لشبكة "TNT Sports" عقب هزيمة ليفربول الكارثية 4/1 أمام آيندهوفن:"إنها محادثة غير مريحة عندما نتطرق إلى ما حدث مع جوتا، لو كنت مكانهم لعانيت بشكل كبير".

    وأضاف:"لو كنت مكان أرني سلوت لما عرفت كيف سأتعامل مع الأمر، وظيفته إدارة الفريق من الناحية الكروية، في الوقت الذي يسيطر فيه الحزن على لاعبيه ويظهر في أعينهم".

  • Davide Astori Fiorentina Serie A

    هذا ما فعله فيورنتينا عندما توفي أستوري

    نادي فيورنتينا الإيطالي تلقى صدمة مماثلة في 4 مارس 2018 بوفاة قائده دافيد أستوري، وما حدث بعدها يختلف تمامًا، وهي واقعة يجب استدعائها والاستشهاد بها على وضع ليفربول الحالي.

    فيورنتينا فاز في 5 مباريات متتالية بعد وفاة أستوري، ليكمل سلسلة تاريخية بتحقيق الانتصار 6 مرات متتالية في الدوري الإيطالي للمرة الأولى منذ عام 1960، حيث خاض أستوري مباراة واحدة من هذه الانطلاقة قبل وفاته.

    الصدمة كانت شديدة للغاية وقتها ولا تقل عن ما حدث مع جوتا، حيث روى ريكاردو سابونارا لاعب الفريق القصة الكاملة لهذه المأساة في حوار مع مجلة سبورتويك.

    صانع ألعاب الفريق الإيطالي قال إن العديد من المشاهد لا تزال تطارده، أستوري يتغيب عن وجبة الإفطار، ظهور سيارة إسعاف خارج فندق الفريق، ثم ظهور ستيفانو بيولي بوجه حزين وشاحب، دموع وحيرة، بعض اللاعبين ساروا بلا هدف تائهين في الممرات، والبعض الآخر جلس بصمت خارج غرفة أستوري ينظرون إلى الجدران.

    سابونارا قال:"نتحدث عنه بين الحين والآخر، نتذكره ونسأل أنفسنا ماذا كان سيفعل أو يتصرف في هذا الموقف، من الصعب في بعض الأحيان ذكر اسمه، يجب علينا أن نحتفظ بالألم الذي شعرنا به محبوسًا بداخلنا".

    تلك الكلمات تنقل لنا صورة واقعية لما قد يكون الواقع في ليفربول، والغريب أن تلك الانتفاضة التي مر بها فيورنتينا للتعامل مع الألم بعد وفاة أستوري، يبدو أنها حدثت بالفعل مع الريدز بانطلاقة الموسم، عندما فاز الفريق في 5 مباريات متتالية، أغلبها في اللحظات الأخيرة، وأظهر قوة عقلية جعلت البعض يظن أن الدوري قد حُسم لهم بالفعل، ولكن فور التعرض لانتكاسة انهار كل شيء!

    وهنا قد يكون وصلنا إلى تفسير منطقي نوعًا ما، ولكنه ليس حقيقة مطلقة أو يقترب منها، نعم ليفربول لديه مشاكل تكتيكية وعدم انسجام وقلة سيطرة من أرني سلوت وغياب للابتكار وهبوط في المستوى للعديد من النجوم، لكن وفاة جوتا جعلت الأمر أصعب، وأضرت الفريق من الناحية العقلية والذهنية، وجعلته أقل قدرة على التعافي من الهزائم.

    هل وجود يورجن كلوب كشخص ملهم كان سيغير أي شيء؟ احتمال وارد جدًا،  ولكن مهما كانت الأسباب والظروف، ليفربول خسر 9 مباريات وفاز في 3 فقط في آخر 12 مباراة خاضها، وعلى سلوت إيجاد الحلول، سواء كانت فنية أو نفسية من خلال الطبيب المعالج للفريق، وإن لم يحدث ذلك فالإقالة تنتظره قريبًا!