لا مزيد من "الأموال الغبية" .. دليل مانشستر يونايتد لتقليص الفجوة مع السيتي

بعد مرور فترة طويلة على تصريح مويس، أصبح عدد الألقاب بين الفريقين مانشستر يونايتد 20 والسيتي 9، كما فاز فريق جوارديولا، بأول لقب لدوري أبطال أوروبا فى تاريخيهم وهم المرشحون للفوز بالكأس الأوروبية مرة أخرى هذا الموسم بينما ودع اليونايتد البطولة من دور المجموعات واحتلوا المركز الأخير فى مجموعتهم، وقد يفشلوا فى التأهل للبطولة بالموسم القادم.

ويتفوق السيتي أيضًا على اليونايتد فى الناحية المالية، وفى تصنيف "Deloitte Money "League، الذي يصنف الأندية الأوروبية وفقًا للإيرادات.

وقال راتكليف: "إذا نظرت إلى نادٍ مثل مانشستر سيتي، ترى أن لديهم هيكلًا جيدًا وبيئة تنافسية"، وذكر راتكليف، السيتي ثماني مرات خلال حديثه الذى استمر لمدة ساعة مع وسائل الإعلام المجتمعة وقال: "حسنًا، إنهم أحد أفضل الفرق فى العالم".

وتابع: "لدينا الكثير لنتعلمه من جارنا السيتى والجار الآخر ليفربول، ولكنهم العدو في النهاية ولا يوجد شيء أرغب فيه أكثر من طرد كل منهما من مكانه".

بعد البحث في جميع أنحاء مانشستر عن الأدوات التى ستجعل اليونايتد قوة لا يستهان به، يسير راتكليف، بالضبط كما فعل السيتي عندما استحوذت عليه مجموعة أبو ظبي يونايتد في عام 2008، بقيادة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.

ووفقًا لصحيفة "الإندبندنت" اعتاد بريان ماروود، المدير الإداري لمجموعة سيتي لكرة القدم، أن يمرعمدًا بالقرب من ملعب أولد ترافورد في طريقه إلى العمل ليذكر نفسه "كيف يبدو التميز".

وكان تشيلسي يتطلع أيضًا إلى يونايتد عندما استحوذ عليه رومان أبراموفيتش في عام 2003، وقام على الفور بالتعاقد مع الرئيس التنفيذي للشياطين الحمر بيتر كينيون، ولم يستغرق راتكليف، وقتًا طويلاً لاتخاذ خطوة مماثلة، وبعد أقل من شهر من موافقته على شراء حصة فى اليونايتد بنسبة 27.7% أقنع عمر برادة، بمغادرة السيتي وعينه الرئيس التنفيذي الجديد ليونايتد.

وانضم برادة، إلى السيتي لأول مرة في عام 2011 كرئيس لتطوير الأعمال الدولية وتم ترقيته أكثر من مرة حتى أصبح مديرًا لعمليات كرة القدم في مجموعة سيتي لكرة القدم وكان مسؤولاً عن عقود اللاعبين الجدد وكانت أول صفقة كبيرة له هو التوقيع مع إيمريك لابورت، في عام 2018 ومنذ ذلك الحين، كان لعمر الفضل في مساعدة السيتي في التعاقد مع هالاند وجاك جريليش.

أكد برادة أن السيتي، مع بعض الاستثناءات يقومون بأعمال احترافية في سوق الانتقالات، ونادرًا ما يدفعون مبالغ زائدة للاعبين وقد ساعد النادي على "إبعاد العاطفة عن القرارات".

ولا بد أن اتزانه العقلى قد نال إعجاب راتكليف، الذي انتقد منذ فترة طويلة انتقالات يونايتد، حتى قبل أن يعلن عن رغبته في شراء حصة في النادي.

ووصف راتكليف، صفقات يونايتد بأنها "سيئة بشكل صادم" في مقابلة عام 2019 مع صحيفة "التايمز" وقال إن ضم فريد بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني كشف "المال الغبي" لليونايتد وتابع:"شركة إنيوس لا تريد أبدًا أن تكون المال الغبي في مانشستر، أبدًا، أبدًا".

وبعد اكتمال استحواذه على اليونايتد قال "لبي بي سي":" إن إبرام صفقات باهظة الثمن لن يكون على جدول الأعمال ونحن بحاجة إلى السير نحو الحلول الصحيحة وليس اللجوء إلى الحلول الخاطئة وإنفاق الأموال ببذخ في الصيف ليس هو الحل".

إن مفتاح الحصول على اللاعبين الجيدين بسعر مناسب هو تعيين مدير رياضي كبير، وهو أمر لم يحصل عليه يونايتد من قبل ولسنوات عديدة كان فيرجسون، هو المدير الرياضي فعليًا حيث كان يختار اللاعبين الذين يريدهم بنفسه وغالبًا ما كان يقوم بالتفاوض بنفسه أيضًا.

ولم يؤيد الأسكتلندي أبدًا تعيين يونايتد لمدير رياضي وعندما اعتزل في عام 2013، اعتقد الكثيرون في النادي أنه بما أن النموذج السابق كان يعمل بشكل جيد، فلا فائدة من تغييره.

وتولى الرئيس التنفيذي إد وودوارد، ذو الخلفية المحاسبية والمصرفية، قدرًا كبيرًا من المسؤولية وكثيرًا ما كان يبدو بعيدًا عن النادى وأصبح وودوارد، شخصية مثيرة للسخرية لدرجة أنه في عام 2019، دفع مجموعة من المشجعين ثمن طائرة للتحليق خلال مباراة يونايتد مع بيرنلي حاملة رسالة: "إد وودوارد متخصص في الفشل".

وأكد الصيف الأول بعد رحيل فيرجسون، حاجة اليونايتد إلى عنصر الخبرة فى سوق الانتقالات، حيث تعاقد الشياطين الحمر مع لاعب واحد فقط وقاموا بشراء لاعب خط وسط إيفرتون مروان فيلايني، في اليوم الأخير للانتقالات مقابل 4 ملايين جنيه إسترليني وكشفت محاولتهم الفاشلة للتعاقد مع أندير هيريرا، من نادي أتلتيك في نفس اليوم أيضًا تعثرهم بملف الصفقات.

ولم يعيين مانشستر يونايتد مدير رياضي إلا في عام 2021 على الرغم من فشل الصفقات لمدة عامين وقاموا بترقية جون مورتو، وتعينه مديرًا رياضيًا رغم عدم خبرته.

كان راتكليف والسير ديف برايلسفورد، قد أعطوا الأولوية لخطف أحد كبار مديري كرة القدم حتى قبل حسم استحواذهم على النادى وكما فعلوا مع برادة، تحركوا بسرعة لتوظيف دان أشوورث، الذي يحظى باحترام كبير من نيوكاسل.

وقد بدأ أشوورث، مسيرته كمدير لكرة القدم في نادي وست بروميتش ألبيون، وقد نجح كثيرًا لدرجة أنه تم تعيينه فى منتخب إنجلترا، ولعب دورًا كبيرًا في صعود فرق الرجال والسيدات في السنوات الأخيرة كما حقق نجاحًا كبيرًا مع برايتون وهوف ألبيون، الذين يعدون من بين ألمع الأندية عندما يتعلق الأمر بضم اللاعبين.

وتعاقد نيوكاسل مع أشوورث، بعد فترة قليلة من استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على النادى في عام 2021، وتولى مسؤولية الاستراتيجية الرياضية للفريق والتوظيف في جميع المستويات العمرية وساعدهم في سوق الانتقالات، مما أدى إلى تأهلهم لدوري أبطال أوروبا العام الماضي بعد 18 شهرًا فقط من عملية الاستحواذ.

وأشاد راتكليف بأشوورث، باعتباره "مديرًا رياضيًا بنسبة 10/10 وأحد أفضل المديرين"، لكنه قد لا يتمكن من بدء منصبه فى مانشستر حتى عام 2026 حيث منحه نيوكاسل إجازة وطلب تعويضًا قدره 20 مليون جنيه إسترليني.

وحقيقة أن يونايتد مستعد للانتظار لفترة طويلة ودفع مثل هذا السعر الباهظ يظهر مدى تقدير راتكليف وبريلسفورد لدور التوظيف فى النادى، وقال راتكليف: "التوظيف أمر بالغ الأهمية ومن الواضح أن مانشستر يونايتد أنفق الكثير من المال، لكنهم لم يفعلوا كما فعلت بعض الأندية الأخرى لذلك عندما كنت أتحدث عن أن أكون الأفضل في جميع جوانب كرة القدم، فمن الواضح أن التوظيف يتصدر القائمة".

يحرص راتكليف، أيضًا على تجديد ملعب أولد ترافورد أو حتى بناء ملعب جديد تمامًا في نفس الموقع وقد اهتم السيتي بالبنية التحتية منذ الاستحواذ عليهم في عام 2008، وقاموا ببناء أحد أفضل مراكز التدريب في كرة القدم العالمية، أكاديمية السيتي لكرة القدم بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني ودفع النادي هذه النفقات الخاصة من خلال تطوير وبيع الشباب بالإضافة إلى تصعيد نجوم مثل فيل فودين وريكو لويس وأوسكار بوب إلى الفريق الأول.

وقام النادي بتجديد المنطقة في شرق مانشستر من خلال المنشأة التي تضم كل أقسام النادي وتقع في مكان مناسب عبر الطريق من استاد الاتحاد وورث السيتي الملعب الذي تم استخدامه لدورة ألعاب الكومنولث عام 2002، ومن المقرر أن يقوم بتوسيعه للمرة الثانية لزيادة سعته إلى حوالي 60 ألف متفرج.

وقال راتكليف: "مانشستر يونايتد يحتاج إلى ملعب يليق بأحد أكبر الأندية في العالم، وفي الوقت الحالي، هذا ليس موجودًا ربما كان أولد ترافورد قبل 20 عامًا، لكنه بالتأكيد ليس اليوم، هناك خطة لاستخدام الملعب وتجديد تلك المنطقة، كما هو الحال مع الألعاب الأولمبية، كما فعل سيباستيان كو، مع هذا الجزء من شرق لندن بنجاح كبير لقد فعل السيتي ذلك وقاموا بعمل جيد للغاية".

ويريد راتكليف، أن تساعد الحكومة البريطانية في دفع تكاليف الملعب الجديد ليونايتد والذي تم وصفه بأنه "ويمبلي الشمال" وهذا من شأنه أن لا يحظى بشعبية لدى الجمهور البريطاني الذي لا يؤيد معظمه يونايتد بالإضافة أن النادي المملوك الآن لمجموعتين من المليارديرين، عائلة جليزر وراتكليف، الذي كان مؤخرًا أغنى رجل في بريطانيا، ويستطيع بسهولة تمويله بنفسه.

وأهملت عائلة جليزر ملعب أولد ترافورد، وقام منافسوهم في إنجلترا وأوروبا ببناء ملاعب حديثة وزادوا من إيراداتهم التجارية وإذا لم يواكب يونايتد معاصريه على المستوى التجاري، فسيستمر في التخلف عنهم على أرض الملعب.

هناك طريقة أخرى للحاق بالسيتي وهي من خلال الأكاديمية حيث اشتهر يونايتد بتنمية الشباب في معظم تاريخه، وتم بناء أول فريق عظيم بعد الحرب على يد السير مات بوسبي، بالشباب المحليين، الملقب بـ "Busby Babes" وكان لدى يونايتد لاعب واحد على الأقل من الأكاديمية في كل تشكيلة مباراة منذ عام 1937، ويرفع أمثال أليخاندرو جارناتشو وكوبي ماينو، علم الأكاديمية في تشكيلة تين هاج الحالي.

واستخدم السيتي قوته المالية لبناء أكاديمية خاصة به، ويسعى يونايتد أيضًا إلى محاكاة نجاح منافسيه على مستوى الشباب من خلال محاولة تعيين جيسون ويلكوكس، المدير الرياضي الحالي لساوثهامبتون، والذي كان مديرًا لأكاديمية السيتي بين عامي 2017 و2023، وهي الفترة التي ظهر خلالها فودين وبوب ولويس.

وكما هو الحال مع البنية التحتية، سيتعين على يونايتد الانتظار لسنوات لرؤية مدى نجاح خطة إصلاحه، وقال راتكليف، أن الأمر قد يستغرق ثلاث سنوات قبل أن يفوز النادي بلقب آخر في الدوري الإنجليزي، ولكن بالنظر إلى الفجوة الحالية بين فريقي مانشستر، قد يكون هذا تقديرًا متفائلاً.

ولكن على عكس السنوات الأخيرة هناك شعور بأن مانشستر يونايتد يعود أخيراً إلى الاتجاه الصحيح، ويبني من أجل المستقبل بدلاً من العيش على الماضي.