كامب نو الجديد اختبار لـ"قلب ليونيل ميسي" .. جوان لابورتا خدعك لكن لا للمبالغة أو تجاهل الحقائق المُرة!

الحقيقة الواضحة أمام الجميع والتي لا يُمكن الجدال فيها أبدًا؛ هي أن رئيس نادي برشلونة جوان لابورتا، أعطى وعودًا كاذبة إلى الأسطورة ليونيل ميسي، بشأن تجديد عقده مع الفريق الأول عام 2021.

لكن.. هُناك بعض النقاط الأخرى التي يُمكن الجدال فيها؛ وهي: "هل وعود لابورتا الكاذبة مقصودة؟!، وهل غضب ميسي طبيعي أم أنه أمر مبالغ فيه؟!".

وللإجابة على هذين السؤالين تحديدًا؛ يجب الوقوف على مجموعة من الحقائق التي شهدها نادي برشلونة منذ عام 2021، إلى جانب بعضٍ من تصرفات ميسي المثيرة للجدل.

ويُمكن تلخيص هذه الحقائق البرشلونية وتصرفات ميسي المثيرة؛ فيما يلي:

* أولًا: واقع برشلونة الاقتصادي الكارثي.

* ثانيًا: لابورتا تصرف مثل ميسي "فضل برشلونة على الجميع".

* ثالثًا: وعود لابورتا "تسرع عاطفي ليس أكثر".

* رابعًا: محاولات لابورتا لإعادة ميسي إلى برشلونة.

* خامسًا: غياب ميسي عن أحداث برشلونة التاريخية.

* سادسًا: رونالد كومان وتشافي فعلا ما لم يقم به ميسي.

منذ عام 2020 ونادي برشلونة يُعاني اقتصاديًا؛ بدرجة تجعله غير قادر - حتى الآن -، على تسجيل صفقاته الجديدة في سوق الانتقالات.

مداخيل برشلونة حتى عام 2020، كانت تصل إلى أكثر من مليار يورو سنويًا؛ لكنه كان يصرف أيضًا مبالغ هائلة على رواتب اللاعبين، بقرارٍ من الرئيس جوسيب ماريا بارتوميو وقتها.

لذلك.. بمجرد أن ضرب فيروس "كورونا" العالم أجمع، في عام 2020؛ انخفضت مداخيل برشلونة بنسبةٍ كبيرة للغاية، وظلت المصروفات على رواتب اللاعبين - كما هي -.

ومن هُنا.. وجد جوان لابورتا الذي خلف بارتوميو، على رأس مجلس إدارة برشلونة في مارس 2021؛ ديونًا ضخمة للغاية على النادي، تتطلب تخفيض كتلة الرواتب.

سياسة تخفيض كتلة الرواتب التي اتبعها لابورتا ومجلسه؛ تمت من خلال التخلص من عددٍ كبير من نجوم برشلونة الكبار، بمن فيهم الأسطورة ليونيل ميسي.

ولم يكن لابورتا يستهدف التخلص من ميسي أساسًا؛ ولكنه اضطر إلى هذا الأمر بعد تطبيق قانون رئيس الرابطة الإسبانية خافيير تيباس، المُتعلق بـ"اللعب المالي النظيف".

قانون "اللعب المالي النظيف" الذي طبقه رئيس الرابطة الإسبانية خافيير تيباس، يتطلب أن تكون إيرادات أي نادٍ أكثر من مصروفاته؛ من أجل السماح بتسجيل العقود، سواء الصفقات أو التجديدات.

وحسب تصريحات لابورتا نفسه؛ اشترط تيباس عليه أن يوقع على اتفاقية "CVC" - المتعلقة ببيع حقوق البث التلفزيوني -؛ ليعطيه الضوء الأخضر بتسجيل عقد الأسطورة ليونيل ميسي الجديد، في صيف عام 2021.

واعتبر لابورتا أن هذه الاتفاقية ستضر بمستقبل برشلونة بشكلٍ كبير - حيث باع حقوق البث لجهة مستقلة فيما بعد -؛ لذلك فضل أن لا يوقع عليها، حتى ولو كان الثمن عدم تجديد عقد ميسي.

هذا الأمر ربما لم يضعه الأسطورة الأرجنتينية في اعتباره؛ بالرغم من أنه فعل نفس الأمر تقريبًا مع العملاق الكتالوني، قبل رحيله الرسمي بعامٍ واحد فقط.

ميسي فاجأ العالم أجمع في صيف 2020؛ عندما رفض الحضور إلى استعدادات برشلونة للموسم الرياضي الجديد، مع قيامه بإرسال "بروفاكس" إلى إدارة النادي، يطلب فيه الرحيل بشكلٍ رسمي.

وقام ميسي بهذا التصرف المفاجئ، بسبب عدم رضاه عن عمل مجلس إدارة جوسيب ماريا بارتوميو؛ حيث اعتبر أن البقاء مع مسؤولي النادي وقتها، أمرًا مستحيلًا.

وخرجت جماهير برشلونة في مظاهرات أمام مقر النادي، للمطالبة برحيل الإدارة واستمرار ميسي؛ وهو الأمر الذي استجاب له بارتوميو في النهاية، بالاستقالة وتقديم موعد الانتخابات.

وبعد انتهاء هذا الجدل.. برر الأسطورة ليونيل ميسي تصرفه المفاجئ بطلب الرحيل عن برشلونة، في واقعة "البروفاكس" الشهيرة؛ بأنه جاء من أجل مصلحة هذا الكيان الرياضي الكبير.

أي أن ميسي نفسه كان مستعدًا للرحيل عن برشلونة من أجل مصلحة النادي - حسب تصريحاته -؛ وهو الأمر الذي يعتقد لابورتا أنه فعله، عندما رفض التوقيع على اتفاقية "CVC" مقابل تسجيل عقد ليو.

* ملحوظة مهمة عن "CVC" وبيع أصول برشلونة:

المثير في الأمر أن جوان لابورتا بعد عامٍ واحد فقط، من رفض توقيع اتفاقية "CVC"؛ قام ببيع عدد من أصول نادي برشلونة، من أجل المساعدة في جلب صفقات جديدة.

بيع أصول برشلونة كان في صيف 2022 تحديدًا، والذي شهد تعاقد النادي مع أسماء عالمية؛ مثل: روبرت ليفاندوفسكي، رافينيا دياز، جول كوندي وغيرهم.

لكن.. لابورتا شرح الفارق بين بيع أصول النادي واتفاقية "CVC"؛ في نقطتين مهمتين:

- أولًا: برشلونة يستطيع إعادة شراء هذه الأصول مرة أخرى مقابل مبلغ مالي ما؛ بعد تحسن اقتصاد النادي.

- ثانيًا: بعض الأصول البرشلونية التي تم بيعها تخسر بالفعل، وتكبد النادي مبالغ مالية قياسية.

رئيس نادي برشلونة جوان لابورتا أخذته العاطفة بشكلٍ كبير؛ عندما أخذ يردد بأنه الوحيد الذي يستطيع تجديد عقد الأسطورة ليونيل ميسي، إذا وصل للرئاسة في عام 2021.

لابورتا اعتمد في هذه التصريحات، على علاقته القوية مع ميسي؛ وذلك في فترة رئاسته الأولى لنادي برشلونة من 2003 إلى 2010.

وتغافل رئيس برشلونة وقتها على الواقع الاقتصادي الكارثي للنادي - الذي تحدثنا عنه سابقًا -؛ والذي كان السبب في عرقلة تجديد عقد ميسي، وعدم إمكانية تسجيله في قائمة الفريق.

والكارثة الأكبر أن لابورتا لم يتعلم من هذا الخطأ؛ حيث لا يزال يتخبط في ولايته الثانية مع برشلونة، من خلال التسرع في التصريحات العاطفية دون النظر إلى الواقع.

أبرز الأمثلة على ذلك؛ تسرع لابورتا في تحديد مواعيد عديدة للعودة إلى ملعب "كامب نو"، والذي يخضع لعمليات تجديد شاملة الآن؛ دون أن يكون هذا الأمر مؤكدًا، بنسبة 100%.

تجديد ملعب "كامب نو" تحديدًا، من القرارات الشجاعة التي اتخذها لابورتا، ولم يستطع أي رئيس آخر لنادي برشلونة أن يفعلها؛ ولكنه يضيّع كل هذا بتصريحاته.

بمعنى.. لابورتا كان يستطيع أن يقول بكل سهولة، إن مشروع "كامب نو الجديد" ضخم للغاية، ويواجه العديد من الأمور البيروقراطية المتعلقة بتراخيص الإنشاء والتشغيل، وأنه صعب تحديد موعد للعودة.

إلا أن لابورتا لم يفعل ذلك، وظل يحدد مواعيد مختلفة للعودة إلى "كامب نو"؛ ما جعله في مظهر "الرئيس الكاذب" أمام جماهير فريقه، قبل عشاق الأندية المنافسة حتى.

وبالربط بين تلك الواقعتين؛ ربما يتضح أن لابورتا يحكم برشلونة بالعاطفة وليس العقل، ما جعله يرتكب الأخطاء في حق ميسي وجماهير فريقه دون قصد.

أيضًا.. من أبرز النقاط التي تؤكد أن رئيس نادي برشلونة جوان لابورتا، لم يكن يخطط لـ"الاستغناء" عن ليونيل ميسي أبدًا، وإنما الظروف هي من أجبرته على ذلك؛ محاولته إعادة الأسطورة الأرجنتينية، في صيف 2023.

وقتها.. حاول لابورتا إيجاد أي حلول اقتصادية؛ من أجل التعاقد مع ميسي في صيف 2023، عقب نهاية عقده مع فريق العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان.

هذه المحاولات وجدت ترحيبًا من الأسطورة الأرجنتينية البالغ من العمر 38 سنة، مع بعض الشروط الخاصة؛ على النحو التالي:

* ضمان تسجيله في قائمة فريق برشلونة الأول لكرة القدم.

* اعتذار لابورتا له بسبب ما حدث في صيف عام 2021.

ومرة أخرى.. اصطدم لابورتا بالواقع الاقتصادي الأليم لبرشلونة؛ حيث لم يستطع توفير مساحة في "اللعب المالي النظيف"، من أجل إعادة ميسي إلى نادي طفولته.

بعدها.. دخل ميسي في مفاوضات مع عملاق السعودية الهلال، حيث كان قريبًا جدًا من ارتداء قميصه؛ قبل أن تتحوّل وجهته في النهاية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، من بوابة نادي إنتر ميامي.

ويرتبط الأسطورة الأرجنتينية بعقدٍ مع إنتر ميامي، حتى 31 ديسمبر 2025؛ وسط محاولات من ملاك النادي في الفترة الحالية، للتجديد معه.

بعد 4 سنوات من الجمود في علاقة ليونيل ميسي مع جوان لابورتا؛ يعمل رئيس برشلونة على فتح صفحة جديدة مع الأسطورة الأرجنتينية، مستغلًا في ذلك اقتراب العودة إلى ملعب "كامب نو الجديد".

لابورتا أعلن توجيه دعوة إلى ميسي، من أجل الحضور إلى حفل افتتاح ملعب "كامب نو الجديد" أو ما سيُعرف باسم "سبوتيفاي كامب نو"؛ وذلك في صيف عام 2026.

ومن المقرر أن يتم افتتاح ملعب برشلونة الجديد، بعد انتهاء تجهيزه بالكامل في صيف 2026، على أن يتم إكمال بناء السقف في 2027؛ ما لم يحدث أي تأخير جديد.

وقال لابورتا في تصريحات مع صحيفة "موندو ديبورتيفو" مؤخرًا: "القرار في يد ميسي الآن؛ نحن نريده أن يكون حاضرًا في افتتاح (سبوتيفاي كامب نو)، ووجهنا له الدعوة لذلك".

وهُنا.. رمى رئيس برشلونة الكرة في ملعب الأسطورة الأرجنتينية؛ بحيث يجب على الأخير أن يختار، إما أن يحضر واحدًا من أهم أحداث نادي طفولته عبر التاريخ، أو يواصل العناد بسبب خلافه الشخصي مع لابورتا ومجلس الإدارة الحالي.

وتتضارب الأنباء حاليًا بشأن موقف ميسي؛ فهُناك بعض التقارير تشير إلى أنه مرحب بفكرة الحضور لهذا الحدث، بينما الأغلبية الأخرى تؤكد أنه يرفض هذا الأمر تمامًا، في ظل وجود لابورتا في الرئاسة.

وبالفعل.. سبق لميسي أن غاب عن احتفالية برشلونة بمرور 125 سنة على تأسيسه، في نوفمبر من عام 2024؛ رغم توجيه إدارة لابورتا دعوة رسمية له.

وقتها.. ذكرت صحيفة "موندو ديبورتيفو" أن ميسي لم يستطع الحضور بسبب ارتباطه ببعض الأمور الشخصية؛ وهو الأمر الذي شككت فيه تقارير أخرى، بالتأكيد على أن اللاعب لم يرغب في لقاء لابورتا شخصيًا.

الآن.. يجب القول بإن حفل افتتاح ملعب "سبوتيفاي كامب نو"، سيكون اختبارًا حقيقيًا لقلب الأسطورة ليونيل ميسي؛ الذي دائمًا ما يؤكد أن نادي برشلونة، هو عشقه الأبدي.

جمهور برشلونة في كل مكانٍ بالعالم، لا يتخيل أن يتم افتتاح ملعب النادي الجديد؛ بدون حضور أسطورتهم الأول عبر التاريخ "ميسي"، لمجرد خلاف شخصي مع الرئيس جوان لابورتا.

لذلك.. فإن غياب ميسي عن برشلونة في هذا الحدث الكبير، قد يكون مبالغة حقيقة في خلافه مع لابورتا؛ خاصة أن هُناك نماذج أخرى، فضلت مصلحة النادي على أي أمورٍ أخرى.

هذه النماذج تتمثل في رونالد كومان وتشافي هيرنانديز تحديدًا؛ واللذين أشرفا على القيادة الفنية لفريق برشلونة الأول لكرة القدم، كما ذكرنا.

* خلاف رونالد كومان ولابورتا:

كومان كان يتولى تدريب فريق برشلونة الأول لكرة القدم، عندما عاد لابورتا كـ"رئيسٍ للنادي" في مارس 2021؛ حيث جاء تعيين الأسطورة الهولندية، في عهد الرئيس السابق جوسيب ماريا بارتوميو.

وبسبب عدائه الكبير مع بارتوميو؛ كان لابورتا ينظر إلى كومان على أنه مدرب العهد القديم، لذلك خطط منذ اليوم الأول من عودته إلى رئاسة برشلونة لـ"الإطاحة به".

وأخبر لابورتا الأسطورة الهولندية بأنه سيستمر مدربًا لبرشلونة، حتى يجد مديرًا فنيًا جديدًا يقود الفريق الأول؛ وهو الأمر الذي اعتبره كومان إهانة لتاريخه الكبير، في عالم الساحرة المستديرة.

وبالفعل.. أقال رئيس نادي برشلونة، المدير الفني الهولندي من منصبه؛ مع تعيين أسطورة النادي الآخر تشافي هيرناديز بدلًا منه، في نوفمبر من عام 2021.

* خلاف تشافي هيرنانديز ولابورتا:

تشافي استلم قيادة برشلونة في واحدة من أصعب فتراته؛ وعلى الرغم من ذلك استطاع أن يقود الفريق الأول، لتحقيق ثنائية "الدوري الإسباني وكأس السوبر المحلي" في 2022-2023

لكن.. نتائج برشلونة انهارت في الموسم التالي مباشرة 2023-2024؛ ليقرر لابورتا إقالة تشافي، قبل أن يتراجع عن ذلك عقب اجتماع عُقِد بين هذا الثنائي.

ولم تمر سوى أيامٍ قليلة للغاية، حتى عاد لابورتا ليُعلن إقالة تشافي مجددًا؛ مبررًا ذلك.. بأن المدير الفني الشاب صرح في مؤتمرٍ صحفي بأن فريقه لا يستطيع المنافسة، رغم أنه قال في الاجتماع - سالف الذكر - بإنه يثق في لاعبيه.

المهم في الأمر.. أن تشافي سامح لابورتا على هذا التلاعب به، بل وقام باستضافة خليفته هانزي فليك في منزله؛ قائلًا: "حب برشلونة أهم من أي شيء، يجب علينا دعم المدرب الجديد، لتحقيق تطلعات الجماهير".

أيضًا.. أعلن رونالد مؤخرًا انتهاء خلافه مع لابورتا، وذلك في حفل عشاء على هامش "كأس كومان للجولف"؛ حيث صرح الثنائي أن حب برشلونة جمعهما في النهاية.