Gerard deulofeu GFX aiGoal AR

يعيد قصة كازورلا: "ميسي الجديد" يقاتل ليمشي.. دولوفيو بين مطرقة الإعاقة الدائمة وسندان دموع أطفاله!

في عالم كرة القدم، هناك قصص عن المجد وقصص عن السقوط، لكن قصة الإسباني جيرارد ديولوفيو أصبحت شيئًا مختلفًا، إنها ملحمة عن الصراع ضد حدود الجسد البشري وضد اليأس. 

بعمر الواحد والثلاثين عامًا، يخوض ديولوفيو أهم مباراة في حياته، ليس على العشب الأخضر وسط هتافات الجماهير، بل في صمت العيادات الطبية ووحدة صالات التأهيل.

الخصم هذه المرة ليس فريقًا منافسًا، بل "الطب والبيولوجيا" كما وصفهما بنفسه في صرخة تكشف حجم المأساة. 

فمن هو هذا اللاعب الذي كان يومًا ميسي الجديد والآن يقاتل من أجل معجزة للبقاء في عالم كرة القدم؟ 

  • FBL-ESP-LIGA-BARCELONA-MALAGAAFP

    الفتى الذهبي الذي ضلّ الطريق

    في أروقة أكاديمية "لاماسيا" الشهيرة ببرشلونة، كان اسم جيرارد ديولوفيو يتردد كهمس يحمل وعودًا أسطورية.

    جناح مهاري، سريع، ومراوغ من الطراز الرفيع، أمتلك كل المقومات ليحمل شعلة النادي الكتالوني، وفي عام 2011، وهو بعمر 17 عامًا فقط، منحه بيب جوارديولا فرصة الظهور الأول. 

    كان الإجماع مطلقًا: هذا هو خليفة ميسي، حمل هذا اللقب كان لعنة أكثر منه نعمة فالضغط كان هائلًا والتوقعات تجاوزت عنان السماء. 

    لم يستطع ديولوفيو حجز مكان أساسي في وجود كوكبة من النجوم، ليبدأ رحلة طويلة ومضطربة من الإعارات.

    ارتدى قمصان إيفرتون، إشبيلية، وميلان، ثم واتفورد، متنقلًا من دوري إلى آخر بحثًا عن استقرار لم يجده. 

    كل محطة كانت بداية جديدة تحمل أملًا، لكنها كانت تنتهي بنفس الشعور من عدم الانتماء، وتحول الفتى الذهبي الواعد إلى لاعب تائه، موهبته لا جدال فيها، لكن مسيرته كانت عبارة عن ومضات من التألق وسط بحر من عدم الاستمرارية والقلق النفسي المصاحب لعدم الشعور بالاستقرار. 

  • إعلان
  • SSC Napoli v Udinese Calcio - Serie AGetty Images Sport

    ركبة من زجاج وبداية الكابوس

    لم تكن المعاناة نفسية فقط، بل سرعان ما بدأ جسده في خذلانه، بدأت ركبته اليمنى، التي كانت مصدر سحره وسرعته، في إرسال إشارات إنذار متتالية. 

    تعرض لإصابات خطيرة، أبرزها قطع في الرباط الصليبي خلال فترته مع واتفورد، جعلت مسيرته تتوقف مرارًا وتكرارًا. 

    كل إصابة كانت تسرق منه جزءًا من سرعته وثقته، وتحوله في نظر الأندية من موهبة استثنائية إلى لاعب ضمه سيكون محفوفًا بالمخاطر.

    وفي أودينيزي الإيطالي، حيث وجد أخيرًا بعض الاستقرار والتألق، وقعت الكارثة الكبرى في نوفمبر 2022، إصابة في الغضروف لم تكن كأي إصابة أخرى، بل كانت بداية كابوس مستمر منذ عامين ونصف، كابوس يهدد بإنهاء مسيرته إلى الأبد. 

  • Udinese Calcio v Torino FC - Serie AGetty Images Sport

    صرخة ضد "الإعاقة الدائمة" ومعركة العقل

    في حواره الأخير مع "فلاش سكور"، كشف ديولوفيو عن حجم معاناته بلغة قوية وصادمة تكشف عن عمق الجرح، ووصف حالته بأنها "أقرب إلى الإعاقة الدائمة، إلى وجود طرف صناعي في الركبة".

    هذه ليست مجرد إصابة رياضية، بل هي معركة يومية مع الألم الجسدي والنفسي، فكرة الوحدة والعزلة تتجلى في كلماته وهو يصف روتينه اليومي القاسي، بعيدًا عن زملائه، في صراع صامت لا يراه أحد. 

    يقول ديولوفيو بصراحة مؤلمة: "لا أستطيع إحصاء عدد المرات التي فكرت فيها في الاعتزال".

    إنه اعتراف يعكس حجم اليأس الذي شعر به، الحرب الحقيقية، كما يوضح، ليست فقط "ضد البيولوجيا"، بل أيضًا "ضد هذا"، مشيرًا إلى رأسه في تعبير بليغ عن المعركة الذهنية الشرسة التي يخوضها.

    وفي خضم هذا الصراع، تأتي زاوية الأطفال كدافع إنساني مؤثر للغاية، حيث يروي كيف أن أطفاله، الذين كبروا وهم يرونه بطلهم في الملعب، يسألونه الآن عن موعد عودته، ويقول: "هذا يكسر قلبي"، إنها معركة أب يريد أن يحقق أمنية أطفاله البريئة. 

  • Spezia Calcio v Udinese Calcio - Serie AGetty Images Sport

    بيت القصيد.. بصيص أمل في نفق مظلم

    رغم الظلام، هناك ضوء في نهاية النفق، يجد ديولوفيو الأمل في قصة مواطنه سانتي كازورلا، الذي عاد من إصابة مروعة كادت أن تؤدي إلى بتر ساقه بعد أن فقد 8 سنتيمترات من وتر العرقوب. 

    رغبته في العودة مثل كازورلا ليست مجرد أمنية، بل هي إيمان بأن المعجزات ممكنة، ويقول: "سانتي مثال لي، أعرف شعور ألا تستمتع بشغفك وأنت صغير". 

    يقول بحماس في الحوار ذاته الذي أشرنا له سابقًا: "أريد أن أصنع التاريخ، أعتقد أنني يمكن أن أكون اللاعب الذي غاب لأطول فترة ثم تمكن من العودة، سيكون ذلك سجلًا رائعًا وجميلًا بالنسبة لي". 

    إنها قصة تتجاوز كرة القدم، عن أب يقاتل من أجل أطفاله، وعن رياضي يرفض الاستسلام للمستحيل، وعن إنسان يعيد اكتشاف معنى الانتصار الحقيقي. 

    العالم لا ينتظر عودة "ميسي الجديد"، بل ينتظر المعجزة التي قد يصنعها "جيرارد ديولوفيو الأول" في أهم مباراة في حياته.