GOAL ONLY Golden Goose FIFA WC GFXGoal AR

قصة الفلاح الغبي تتكرر في كأس العالم.. الفيفا يخاطر بمستقبله ويسن السكين لذبح الأوزة الذهبية!

بينما يستعد عالم كرة القدم لأول نسخة من كأس العالم بـ 48 منتخبًا في عام 2026، والتي ستستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، لا يزال شبح مقترح آخر أكثر جذرية يلوح في الأفق: إقامة البطولة كل عامين. 

ورغم أن فكرة المونديال كل سنتين قوبلت بمعارضة شرسة من اتحادات كبرى مثل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم واتحاد أمريكا الجنوبية ، وأدت إلى تراجع مؤقت من رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، إلا أن الباب لم يغلق تمامًا. 

فالاتحاد الدولي لكرة القدم، مدفوعًا بوعود أرباح تتجاوز 4.4 مليار دولار إضافية كل أربع سنوات، يواصل التلويح بفكرة "إتاحة الفرصة" لمزيد من الدول للمشاركة في الحدث العالمي.

لكن خلف هذه الشعارات البراقة، تكمن رؤية تجارية بحتة تهدد بقتل روح البطولة وسحرها، تمامًا كما فعل الفلاح الجشع في الحكاية الشهيرة، الذي ذبح إوزته التي كانت تبيض له ذهبًا، طمعًا في الحصول على كل الذهب دفعة واحدة، فخسر كل شيء.

  • The Fifa World Cup Trophey is displayedAFP

    تضخم يقتل القيمة

    يكمن سحر كأس العالم في ندرته، فهو حدث استثنائي ينتظره عشاق الكرة حول العالم كل أربع سنوات بفارغ الصبر. 

    هذه الفترة الطويلة تخلق حالة من الشوق والترقب، وتجعل من كل نسخة حدثًا تاريخيًا له ذكرياته الخاصة وأبطاله الذين يخلدهم التاريخ. 

    زيادة عدد الفرق إلى 48 فريقًا، وإقامة البطولة كل سنتين، سيؤدي حتمًا إلى تآكل هذه القيمة، سيتحول المونديال من مهرجان عالمي فريد إلى بطولة دورية متكررة، مما يفقده بريقه وهيبته.

    إن دورة الأربع سنوات تسمح بتكوين ذاكرة جمعية فريدة لكل بطولة، نتذكر مونديال 90 بأجوائه الإيطالية وأغنيته الخالدة، ونتذكر 2010 بصوت الفوفوزيلا في جنوب أفريقيا، ونتذكر 2022 بالعباءة العربية على كتفي ميسي.

    هذه الهوية الزمنية والثقافية ستذوب وتختفي لو تحول الحدث إلى مجرد دورة رياضية سريعة كل عامين، مما يفقده عمقه كظاهرة اجتماعية عالمية توحد الشعوب. 

    فبدلاً من أن تكون المشاركة في كأس العالم حلمًا لأجيال من اللاعبين وهدفًا أسمى للدول، ستصبح مجرد مشاركة روتينية، وسيفقد الإنجاز طعمه.

  • إعلان
  • Lionel Messi World Cup trophyGetty

    مباريات مملة وتفاوت في المستويات

    إن زيادة عدد المنتخبات من 32 إلى 48 يعني بالضرورة دعوة فرق ذات مستوى فني أقل للمشاركة في النهائيات، سيؤدي هذا إلى تزايد عدد المباريات غير المتكافئة من طرف واحد في دور المجموعات، والتي ستنتهي بنتائج عريضة ومستوى فني باهت.

    سيفقد المشاهد الشغف لمتابعة مباريات معروفة نتيجتها سلفًا، وستتحول الأدوار الأولى من البطولة إلى مجرد تحصيل حاصل للمنتخبات الكبرى. 

    عنصر المفاجأة، الذي هو ملح كرة القدم وسر متعتها، سيصبح عملة نادرة، كما أن التصفيات المؤهلة ستفقد الكثير من إثارتها ودراماتيكيتها.

    فبدلاً من معارك كروية حاسمة تمتد لعامين من أجل خطف بطاقة التأهل، ستتحول التصفيات إلى عملية أسهل وأقل تنافسية، مما يقلل من أهميتها ويضعف من قيمة الإنجاز في الوصول للنهائيات.

    وبالتالي، فإن القصة الكاملة للمونديال، التي تبدأ من التصفيات ولا تنتهي إلا مع صافرة النهائي، ستفقد الكثير من فصولها المشوقة. 

    فبدلاً من أن نشاهد منتخبات مغمورة تحقق المستحيل وتفجر المفاجآت، سنشهد مباريات استعراضية للمنتخبات المرشحة، مما يقتل التشويق ويحول البطولة إلى ماراثون طويل وممل.

  • Portugal v Spain - UEFA Nations League 2025 FinalGetty Images Sport

    إرهاق اللاعبين وتضارب المصالح

    في خضم هذا الجدل، يبدو أن صوت اللاعبين هو الأقل سماعًا، إقامة كأس العالم كل سنتين، بالإضافة إلى البطولات القارية والالتزامات مع الأندية، سيضع اللاعبين تحت ضغط بدني وذهني هائل.

    سيتحول اللاعبون إلى ماكينات لا تتوقف عن العمل، مما يزيد من خطر الإصابات ويقصر من أعمارهم في الملاعب. 

    وقد عبرت العديد من روابط اللاعبين المحترفين والأندية الأوروبية الكبرى عن رفضها القاطع لهذه المقترحات، هذا الصراع يتجاوز مجرد الإرهاق البدني، ليصل إلى قلب النموذج الاقتصادي لكرة القدم.

    فالأندية هي من تستثمر في تطوير اللاعبين وتدفع رواتبهم، وإجبارها على التخلي عن أصولها الثمينة لفترات أطول وبشكل متكرر لصالح بطولة تخدم أجندة الفيفا المالية بالدرجة الأولى، يخلق شرخًا عميقًا ويهدد استقرار اللعبة على مستوى الأندية التي هي أساس الهرم الكروي. 

    فالدوريات المحلية، التي تمثل عصب كرة القدم وأساس استقرارها المالي، ستتأثر بشكل مباشر، وستجد نفسها في صراع دائم مع الفيفا على أجندة المباريات وأوقات التوقف الدولي.

  • Chelsea FC v Paris Saint-Germain: Final - FIFA Club World Cup 2025Getty Images Sport

    بيت القصيد

    إن منطق الفيفا في هذه الخطط التوسعية هو منطق تجاري بحت، يسعى لتعظيم الأرباح على المدى القصير، متجاهلاً أن القيمة الحقيقية لكأس العالم لا تكمن فقط في عائدات البث والرعاية، بل في مكانته الرمزية والتاريخية في قلوب المليارات حول العالم.

    إنها ليست مجرد بطولة، بل هي حلم يوحد الكوكب، لحظة نادرة تتوقف فيها النزاعات وتجتمع فيها الثقافات على حب كرة القدم. 

    إن السير في هذا الطريق هو انتحار بطيء للبطولة الأعرق والأهم، سيذبح الفيفا بجشعه "الإوزة الذهبية" التي بنى مجده عليها لعقود.

    قد يجني أموالاً طائلة في البداية، ولكنه على المدى الطويل سيجد نفسه أمام منتج باهت، مكرر، وممل، فقد بريقه وشغف متابعيه.

    كأس العالم ليس مجرد بطولة، بل هو إرث ثقافي عالمي، والحفاظ على هذا الإرث يتطلب الحكمة وبعد النظر، وليس الجشع والرغبة في تحقيق أرباح مؤقتة ستكلف اللعبة روحها إلى الأبد. 

    فهل يستمع الفيفا لصوت العقل، أم سيواصل طريقه على خطى الفلاح الغبي حتى لا يجد في النهاية ذهباً ولا إوزة؟