Tebas Barcelona AI generated GFXGoal AR

سطوة قوانين الليجا: قبضة مالية من حديد.. وملاعب من ورق!

تحولت الأنظار قبل دقائق من انطلاق مباراة رايو فاييكانو وبرشلونة، مساء الأحد، ضمن منافسات الجولة الثالثة من الدوري الإسباني، من الحديث عن القيمة الفنية للمواجهة إلى حالة الجدل والغضب التي أثارتها الصور الصادمة لأرضية ملعب "كامبو دي فوتبول دي فاييكاس". 

فبدلاً من التحضير لموقعة كروية منتظرة، وجد الفريقان، وخصوصاً النادي الكتالوني، نفسيهما أمام صداع أرض الملعب الذي وُصف بأنه لا يليق بسمعة "لا ليجا".

القصة بدأت مع انتشار صور ومقاطع فيديو تظهر حالة العشب المتردية، حيث بدت مساحات واسعة من الملعب صفراء اللون وتفتقر للكثافة العشبية، مما أثار موجة من الانتقادات الحادة ومخاوف جدية بشأن سلامة اللاعبين وقدرتهم على تقديم كرة قدم سلسة. 

هذه الحادثة لم تكن مجرد مشكلة عابرة، بل فتحت من جديد ملف إهمال البنية التحتية في الدوري الإسباني، لتصبح الواجهة الصارخة لتقرير نقدي يرى أن تركيز "لا ليجا" ينصب على فرض قيود مالية حديدية على أنديتها، بينما تُهمل أساسيات اللعبة التي تضمن جودتها وسلامة أهم أصولها: اللاعبون.

  • Real Madrid CF v RCD Mallorca - LaLiga EA SportsGetty Images Sport

    هوس "اللعب المالي النظيف" وتأثيره على المنافسة

    تفرض "لا ليجا"، تحت قيادة خافيير تيباس، قواعد رقابة اقتصادية صارمة تتجاوز في تعقيداتها وصرامتها تلك المفروضة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا". 

    هذه القواعد، التي تهدف ظاهرياً إلى ضمان الاستدامة المالية للأندية، تحولت في الواقع إلى سيف مسلط على رقاب العديد من الفرق، حيث يتم تحديد سقف للرواتب والإنفاق بناءً على الإيرادات، مما يضع أندية مثل برشلونة في دوامة مستمرة من البحث عن رافعات اقتصادية وصفقات بيع لتسجيل لاعبيها الجدد.

    هذا التركيز الأحادي على الجانب المالي، وإن كان ضرورياً، قد أدى إلى إضعاف القدرة التنافسية لليجا على الساحة الأوروبية. 

    فالأندية الإسبانية، باستثناء ريال مدريد الذي تمكن من الموازنة ببراعة، تجد نفسها عاجزة عن مجاراة القوة الشرائية لأندية الدوري الإنجليزي أو حتى الأندية المدعومة من صناديق سيادية.

  • إعلان
  • Real Madrid CF v Athletic Club - La Liga EA SportsGetty Images Sport

    إهمال فاضح للبنية التحتية والتقنية

    المفارقة الصارخة تكمن في أنه بينما تدقق الرابطة في كل يورو يتم إنفاقه على الصفقات، يبدو أنها تغض الطرف عن ملايين اليوروهات التي يجب أن تُستثمر في تحسين تجربة اللعبة نفسها. 

    وتتجلى هذه الازدواجية في عدة جوانب كارثية:

    1. أرضيات الملاعب.. من "حدائق" إلى "حقول بطاطا": لم تعد حوادث سوء أرضيات الملاعب حالات فردية، بل أصبحت ظاهرة متكررة، فمن الحالة السيئة لملعب "فاييكاس"، إلى الحالة الشهيرة لملعب "خوسيه ثوريا" الخاص ببلد الوليد في 2018 والتي وُصفت بـ"العار"، تتكرر المشاهد التي لا تليق بدوري يصنف نفسه ضمن الأفضل في العالم، إلى ما حدث من إغراق لملعب ليفانتي بالمياه قبل لقاء برشلونة في محاولة لتعطيل اللعب، هذه الأرضيات والحالات لا تشوه منظر اللعبة فحسب، بل تهدد السلامة البدنية للاعبين.
    2. غياب "عين الصقر".. فضيحة تكنولوجية: من غير المعقول أن يكون الدوري الإسباني هو الوحيد بين الدوريات الخمس الكبرى الذي يرفض تطبيق تكنولوجيا خط المرمى، والسبب المعلن هو "التكلفة المادية"، هذه الحجة تبدو هشة وتبعث على السخرية عندما نرى الجدل الذي أثاره "هدف الشبح" للامين يامال في الكلاسيكو بالموسم قبل الماضي، وهي الحادثة التي أضرت بسمعة التحكيم والليجا عالمياً.
    3. تقنية "الفار".. أعطال وارتباك: حتى التقنية التي تم تبنيها، وهي حكم الفيديو المساعد (VAR)، لم تسلم من المشاكل، ففي مباراة برشلونة وأوساسونا بالموسم الماضي تعطلت تقنية التسلل شبه الآلي بسبب مشاكل لوجستية، مما أثر على قرارات تحكيمية حاسمة.
    4. ملاعب متهالكة: حادثة تأجيل مباراة سيلتا فيجو وريال مدريد في 2017 بسبب تضرر سقف ملعب "بالايدوس" من عاصفة، تكشف عن أن بعض البنى التحتية للملاعب أصبحت قديمة وتحتاج إلى تحديثات عاجلة لضمان سلامة الجماهير واللاعبين.
    5.  فضيحة تقنية الفيديو في مباراة فاييكانو وبرشلونة: لا يوجد طريقة لتجميل ما حدث، في دوري من الثلاثة الكبار يطمح ليكون أفضل من الإنجليزي تسويقيًا شاهد العالم أجمع ما يمكن أن نصفه بارتياح ضمير شديد على أنه فضيحة تحكيمية عندما احتسب الحكم ركلة جزاء وهمية لبرشلونة، وفشلت تقنية الفيديو في مساعدته لأنها ببساطة.. معطلة!
  • Marcus RashfordGetty Images

    سباق نحو الخلف: كيف تخسر الليجا معركة الحاضر والمستقبل؟

    إن الجمع بين القيود المالية الخانقة وبين بنية تحتية وتقنية لا تواكب العصر، يضع الدوري الإسباني في سباق نحو الخلف بدلاً من المنافسة على القمة. 

    ففي الوقت الذي أصبحت فيه الدوريات الكبرى، وعلى رأسها الدوري الإنجليزي، منتجاً ترفيهياً متكاملاً يجذب المشاهدين بأفضل جودة نقل وبأحدث التقنيات، تظهر الليجا أحياناً بصورة "هاوية" بسبب فضائح الملاعب وغياب تقنيات أساسية، مما يخدش صورتها العالمية.

    هذا التآكل في جودة المنتج لا يؤثر فقط على متعة المشاهدة، بل يضرب في قلب العلامة التجارية لليجا وقدرتها على جذب الاستثمارات والرعاة العالميين. 

    فالنجوم العالميون يفضلون اللعب على أفضل الملاعب وبأحدث التقنيات، والمشاهدون حول العالم ينجذبون للبريق الذي يبدو أن الليجا بدأت تفقده تدريجياً، معتمدة فقط على جاذبية ريال مدريد وبرشلونة.

    وبهذا، فإن الهدف النبيل المتمثل في الاستقرار المالي قد يأتي بتكلفة باهظة، وهي فقدان المكانة والهيبة في ساحة كرة القدم العالمية.

  • Tebas Barcelona AI generated GFXGoal AR

    بيت القصيد: أولويات في غير محلها

    إن تركيز "لا ليجا" المطلق على الانضباط المالي، مع إهمال واضح لأساسيات المنتج الكروي، هو استراتيجية قصيرة النظر، فالقوة الحقيقية لأي دوري لا تكمن فقط في ميزانياته المتوازنة، بل في جودة العرض الذي يقدمه: ملاعب ممتازة، تحكيم دقيق وموثوق، وقدرة على المنافسة وجذب أفضل المواهب.

    لقد حان الوقت لأن تعيد رابطة الدوري الإسباني تقييم أولوياتها، يجب أن يسير إلزام الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا جنباً إلى جنب مع الرقابة المالية.

    فالفشل في القيام بذلك لن يؤدي فقط إلى استمرار هذه المشاهد المحرجة، بل سيهدد مكانة "لا ليجا" كقوة كروية عالمية على المدى الطويل، ويحولها إلى مجرد دوري منضبط مالياً، ولكنه ممل وباهت فنياً.