GOAL ONLY Barcelona Alba GFXGoal AR

قميص يزن 1000 طن: بكوا وهم فائزون وهربوا قبل أن يلعبوا.. هل كُتب على برشلونة الموت خوفًا؟!

حينما قرر روبرت ليفاندوفسكي سرد كواليس فترته في برشلونة عبر صفحات كتابه الجديد، لم يكن يعلم، أو ربما كان يقصد تمامًا، أنه يضع إصبعه في عين العاصفة، وينكأ جرحًا ظن الكتالونيون أنه قد اندمل بمرور الوقت. 

القصة التي تسربت تفاصيلها مؤخرًا عن مواجهة إنتر ليست مجرد حكاية عابرة من غرف الملابس، بل هي وثيقة إدانة تكشف المرض الصامت الذي ينهش في جسد هذا الفريق منذ سنوات، وهو الهشاشة النفسية التي تسبق الانهيار الفني.

القصة تقول باختصار إن هانزي فليك، وفي لحظة حرجة بالمباراة، التفت لدكة البدلاء باحثًا عن مدافعه الدنماركي أندرياس كريستنسن لتعزيز الدفاع وتأمين النتيجة، ليفاجأ باللاعب يرفض النهوض، مدعيًا آلامًا مفاجئة في الظهر تمنعه من المشاركة. 

اضطر المهاجم البولندي غير الجاهز بدنيًا وقتها للنزول والقيام بأدوار دفاعية لا تناسبه في الكرات الثابتة، هذا المشهد يعيدنا فورًا لتصريحات قديمة للمدرب الإيطالي ماوريتسيو ساري، الذي أكد سابقًا أن هذا اللاعب تحديدًا يعاني من توتر شديد وأعراض جسدية قبل المواعيد الكبرى، وكذلك فعل توماس توخيل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا قبل أن نحمل الدنماركي اللوم وحده: هل أندرياس كريستنسن هو المتهم الوحيد؟ أم أنه مجرد عرض لمرض أكبر وأشرس؟

  • Inter Barcelona winners & losers HIC 2-1GOAL

    من الأنفيلد إلى المياتزا.. خيط الخوف الرفيع!

    للوهلة الأولى، قد يظن المتابع أن ما فعله أندرياس كريستنسن هو حالة فردية من التخاذل، ولكن إذا عدنا بالذاكرة للوراء قليلًا، وتحديدًا إلى غرف خلع الملابس في ملعب الأنفيلد عام 2019، ستتضح الصورة بشكل مرعب. 

    هناك، التقطت الكاميرات الظهير التاريخي جوردي ألبا وهو يجهش بالبكاء بين شوطي المباراة، الكارثة لم تكن في البكاء بحد ذاته، بل في توقيته؛ فبرشلونة كان خاسرًا بهدف نظيف فقط، والنتيجة الإجمالية لا تزال ثلاثة أهداف مقابل هدف لصالحه، أي أن الفريق كان متأهلاً نظريًا.

    جوردي ألبا لم يبكِ لأنه خسر المباراة، بل بكى لأنه تخيل الخسارة قبل وقوعها، لقد هزمه شبح روما قبل أن يهزمه لاعبو الخصم في الملعب. 

    وهنا تكمن المأساة الحقيقية؛ فبين دموع جوردي ألبا التي مثلت الخوف من المجهول، وهروب أندرياس كريستنسن الذي مثل الخوف من المواجهة، تشكلت هوية دفاعية هشة للغاية لنادي برشلونة. 

    لاعبون يرتدون قميصًا يزن ألف طن من التاريخ والضغوط الجماهيرية، فتتحول أقدامهم إلى رصاص، وعقولهم إلى ساحة معركة نفسية يخسرونها قبل صافرة البداية.

  • إعلان
  • FBL-EUR-C1-BARCELONA-BAYERN MUNICHAFP

    كليمون لونجليه.. القربان الذي خاف الجميع من مصيره

    لفهم سبب هروب لاعب دولي مثل أندرياس كريستنسن من المشاركة في مباراة معقدة، يجب أن ننظر بعين الفحص إلى ما حدث لمن امتلك الجرأة وشارك. 

    المثال الحي والموجع هنا هو الفرنسي كليمون لونجليه. مدافع أنيق، يجيد الخروج بالكرة، بدأ مسيرته بثبات، لكنه ارتكب الخطيئة الكبرى في عرف هذا النادي، وهي الوقوع في الخطأ المتكرر تحت الضغط.

    تحول كليمون لونجليه في ظرف موسمين من مدافع واعد إلى مادة للسخرية العالمية، وضحية لمقصلة الإعلام والمشجعين الذين لا يرحمون.

    دُمرت مسيرة اللاعب نفسيًا قبل أن تدمر فنيًا، وأصبح عبرة لأي مدافع يرتدي هذا القميص من بعده، والرسالة التي وصلت للمدافعين كانت واضحة وقاسية: في برشلونة، الخطأ ليس جزءًا من اللعبة، الخطأ هو نهاية مسيرتك للأبد. 

    هذا الضغط الرهيب خلق حالة من الرهاب، جعلت البعض يفضل ادعاء الإصابة والهروب، على المخاطرة بأن يصبح النسخة الجديدة من كليمون لونجليه.

  • FC Barcelona Training Session And Press Conference - UEFA Champions League 2025/26 League Phase MD1Getty Images Sport

    الدفاع العاري والرعب في مساحات الخمسين مترًا

    بعيدًا عن الجوانب النفسية، هناك جانب تكتيكي مرعب ساهم في تعزيز هذه الهشاشة، ففلسفة برشلونة القائمة تاريخيًا على الضغط العالي وخط الدفاع المتقدم تضع المدافعين في مواقف انتحارية لا يحسدون عليها. 

    المدافع في برشلونة مطلوب منه حماية خمسين مترًا من المساحات الشاسعة خلف ظهره، وهو يركض باتجاه مرماه بينما يركض المهاجمون الخصوم بأقصى سرعة تجاهه.

    هذا الوضع يخلق حالة من اليقظة المفرطة والتوتر الدائم، والمدافع لا يلعب بذهن صافٍ، بل يلعب وهو يشعر أنه يسير على حبل مشدود بلا أي شبكة أمان تحميه.

    كل كرة طويلة من الخصم هي مشروع كارثة، وكل هجمة مرتدة هي مشروع فضيحة كروية، وأندرياس كريستنسن وغيره ليسوا مدافعين سيئين من الناحية الفنية، لكنهم وضعوا في نظام تكتيكي يتطلب وحوشًا بدنية وذهنية، بينما هم يمتلكون تكوين المدافع الفنان الهادئ، مما جعلهم يبدون كالأطفال في مواجهة العمالقة.

  • FC Barcelona v Como1907 - Joan Gamper TrophyGetty Images Sport

    أيتام في مهب الريح بغياب الحماية

    تكتمل مأساة المدافع في برشلونة عندما ينظر حوله في الملعب فلا يجد الحماية الكافية، لسنوات طويلة، عانى الفريق من غياب قاطع الكرات الشرس في وسط الملعب، المدافع كان يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الخصم دون أي حماية من خط الوسط.

    يضاف إلى ذلك أزمة صمام الأمان الأخير، ففي السنوات التي تلت حقبة المجد، ورغم تألق الحارس مارك أندريه تير شتيجن في فترات كثيرة، إلا أن الفريق عانى في لحظات الانهيار الكبرى من غياب الحارس الذي يستطيع إيقاف النزيف بمفرده عندما ينهار الجميع. 

    الشعور بأن الكرة لو تجاوزت المدافع ستسكن الشباك حتمًا ضاعف من الضغط النفسي، وغياب الحارس الذي يمنح زملاءه شعور الأمان وأن خطأهم مغفور، جعل كل مدافع يشعر أنه يحمل مصير النادي بالكامل على كتفيه وحده، وهو حمل تنوء به الجبال.

  • RC Celta de Vigo v FC Barcelona - LaLiga EA SportsGetty Images Sport

    بيت القصيد.. هل يملك هانزي فليك الترياق؟

    إن تسريب قصة أندرياس كريستنسن الآن، وفي هذا التوقيت الذي يحاول فيه برشلونة تصدر المشهد مع هانزي فليك، يحمل دلالة هامة للغاية، هانزي فليك، الرجل الذي كان سببًا في أكبر صدمة نفسية لبرشلونة في تاريخه الحديث بنتيجة الثمانية الشهيرة، هو الآن من يحاول علاج هذه العقدة المتجذرة.

    المدرب الألماني لا يحاول فقط ضبط خط التسلل بدقة الميليمتر، بل يحاول استبدال الشرائح الذهنية للاعبين وزرع عقلية جديدة. 

    هو يعلم جيدًا أن علاج لاعبين مثل أندرياس كريستنسن، أو المواهب الشابة في الدفاع، ليس في صالة الألعاب الرياضية فحسب، بل في إقناعهم بأن القميص لا يزن ألف طن إلا إذا سمحوا للخوف أن يضيف وزنه إليه. 

    برشلونة لن يتعافى دفاعيًا بشكل كامل إلا إذا توقف لاعبوه عن البكاء وهم فائزون، وتوقفوا عن الهروب قبل أن يلعبوا، وأدركوا أن كرة القدم تُلعب بالأقدام والقلوب الشجاعة، لا بالظهور التي تؤلمها أشباح الماضي.