ONLY GOAL Wirtz gfxGoal AR

حين يرسم الفنان لوحة ويوقع عليها الآخرون: لعنة الملايين تلاحق فيرتس في ألمانيا.. والمشكلة ليست في ليفربول فقط!

في ليلة غمرتها الأهداف الألمانية الأربعة في شباك لوكسمبورج، قد يظن من يقرأ النتيجة النهائية أن أبطالها كانوا ديفيد راوم وسيرج جنابري ويوشوا كيميش، الذين سجلوا الأهداف وتصدروا العناوين. 

لكن خلف هذا الانتصار العريض، كانت هناك قصة أخرى أكثر عمقًا، قصة بطلها الحقيقي لم يظهر اسمه على لوحة النتائج.

كان فلوريان فيرتس هو العقل المدبر، والمايسترو الذي عزف سيمفونية الفوز بلمساته الساحرة وتحركاته الذكية. 

في مباراة دخلها وهو يحمل على كتفيه همسات المنتقدين حول جفافه التهديفي مع ناديه ليفربول وامكانية امتداده للمنتخب، قرر فيرتس أن يقدم أفضل أداء له على الإطلاق، ليس فقط بقميص المانشافت ولكن منذ انضمامه للدوري الإنجليزي. 

لقد كانت ليلة للتاريخ، أثبت فيها أن تأثير اللاعب يتجاوز بكثير مجرد تسجيل الأهداف، وأن الأرقام النهائية قد تكون خادعة وظالمة في بعض الأحيان لمن يشاهد بعينيه ولا يقرأ الإحصائيات فقط.

  • FBL-WC-2026-EUR-QUALIFIER-GER-LUXAFP

    بداية العزف وطرد يحرر المايسترو

    منذ الدقيقة الأولى، كان من الواضح أن فيرتس حاضر في الموعد بذهن صافٍ ورغبة في إثبات الذات. 

    في مواجهة منتخب مثل لوكسمبورج الذي رص صفوفه الدفاعية في ملعبه، كانت مهمة اختراق الحصون المنيعة تقع على عاتق صانع الألعاب.

    وفي الدقيقة 8، أعلن عن نواياه بمراوغة فردية أجبرت الدفاع على إخراج الكرة إلى ركلة ركنية، في إشارة مبكرة على أنه لن يكتفي بالتمرير الآمن. 

    لكن نقطة التحول الحقيقية التي حولت المباراة من محاولة اختراق إلى استعراض مفتوح جاءت في الدقيقة 20، فبعد هجمة ألمانية منسقة وكرة مرتفعة من فيرتس، تسبب الضغط في لمسة يد على المدافع ديرك كارلسون، ليحصل على بطاقة حمراء مباشرة وركلة جزاء سجل منها كيميش الهدف الثاني. 

    هذا الطرد لم يمنح ألمانيا أفضلية عددية فحسب، بل حطم تمامًا النظام الدفاعي للضيوف وفتح مساحات شاسعة في وسط الملعب، وهي المساحات التي تعد بمثابة الملعب الخاص لفيرتس. 

    وجد اللاعب نفسه يمتلك حرية مطلقة، ليتحول إلى كابوس حقيقي، متجولاً بين الخطوط، متحكمًا في إيقاع اللعب، وموزعًا الكرات بدقة متناهية.

  • إعلان
  • Germany v Northern Ireland - FIFA World Cup 2026 QualifierGetty Images Sport

    لمسات من ذهب.. ولكن بلمسة من نحس!

    على مدار المباراة، قدم فيرتس الدليل تلو الآخر على أنه كان اللاعب الأفضل على أرض الملعب بفارق شاسع عن البقية.

    كانت بصمته واضحة في كل هجمة خطيرة للمانشافت، في الدقيقة 33، قدم لوحة فنية حين أرسل تمريرة حريرية تشبه ضربة فرشاة من فنان، شقت دفاع لوكسمبورج ووضعت المهاجم نيك فولتمادي في انفراد شبه تام بالحارس، لكن الأخير أهدر الفرصة بغرابة، حارمًا فيرتس من تمريرة حاسمة مستحقة كانت لتكون تتويجًا لمجهوده الخارق.

    لم ييأس المايسترو، واستمر في صناعة الخطر، ففي الدقيقة 49، استلم تمريرة رائعة داخل منطقة الجزاء وسدد كرة قوية تصدى لها الدفاع ببراعة في اللحظة الأخيرة.

    لكن اللقطة التي لخصت قصة حظه العاثر في هذه الليلة كانت في الدقيقة 62، تقدم لتسديد ركلة حرة مباشرة من مكان مثالي، حبست الجماهير أنفاسها وهو يضع الكرة ويركز، وأطلق فيرتس تسديدة متقنة ومقوسة تجاوزت الحائط البشري، ووقف الحارس يراقبها بعينيه وهي تتجه للشباك، لكن صوت ارتطام الكرة بالقائم الأيمن كان بمثابة إعلان قاسٍ عن أن هذه الليلة كُتب لها أن تكون ليلة للتألق لا للتسجيل.

    الحديث عن أرقامه لن يوفيه حقه، صناعته لثلاث فرص، منهم فرصة محققة للتهديف وخسارته لثلاث التحامات أرضيه سيروي قصة مغايرة تمامًا لما قدمه في أرض الملعب، لقد كان فعليًا أفضل نجوم الفريقين حتى دون تسجيل أهداف.

  • Florian Wirtz DFBgetty

    ما وراء الأرقام: قراءة في دور القائد الفني

    قد لا يظهر اسم فيرتس في قائمة المسجلين أو الصانعين، لكن هذا لا يعكس سوى جزء صغير من حجم تأثيره.

    فقد كان هو مركز الجاذبية الذي تدور حوله كل هجمات الفريق، كل تحرك واعد، كل فكرة هجومية، كانت تبدأ من قدميه.

    تمريراته الذكية، وقدرته على استلام الكرة تحت الضغط والدوران بها، ورؤيته الثاقبة جعلته المصدر الأول للخطر الدائم.

    وبينما سجل كيميش هدفين (أحدهما من ركلة جزاء) وحصل على أعلى الأرقام فإن الفضل في خلق الفوضى المنظمة التي أدت لهذه الفرص يعود بشكل كبير لفيرتس.

    لقد كان اللاعب الذي يجعل كل من حوله أفضل، يرفع من جودة زملائه بتمريراته التي تضعهم في أفضل الظروف، وهذا هو جوهر دور صانع الألعاب الحقيقي والقائد الفني في الملعب.

  • Germany v Luxembourg - FIFA World Cup 2026 QualifierGetty Images Sport

    بيت القصيد

    قد يبدو غريبًا، لكن هذا الانتصار العريض برباعية نظيفة قد يكون مقلقًا لفلوريان فيرتس أكثر من أي مباراة أخرى لم يسجل فيها. 

    فهذه هي الليلة التي تجسدت فيها مقولة العنوان بأوضح صورها؛ لقد كان هو الفنان الذي أعد اللوحة ورسم تفاصيلها بدقة متناهية على مدار 90 دقيقة، من تمريرات شقت الدفاعات، إلى تسديدة ارتطمت بالقائم، مرورًا بالتحكم في إيقاع اللعب بالكامل، ليأتي كيميش وجنابري وراوم في النهاية ويضعوا توقيعهم البسيط والحاسم عليها في صورة أهداف.

    وهنا يكمن بيت القصيد وتظهر لعنة الملايين التي تلاحقه، فقيمة انتقاله لليفربول التي تتجاوز المئة مليون يورو لا تُترجم في عيون الجماهير والإدارة باللمسات الساحرة فقط، بل بلغة الأرقام الصماء: الأهداف والتمريرات الحاسمة. 

    لقد أثبتت مباراة لوكسمبورج أن المشكلة ليست في تكتيك ليفربول أو في زملائه هناك؛ فالأمر بات نمطًا متكررًا سافر معه إلى المنتخب الوطني.

    هو العقل المدبر الذي يوصل الفريق إلى البئر، لكنه لا يضع الدلو فيه، وبينما تحتفل ألمانيا بالنقاط الثلاث، يبقى السؤال حول جوهرتها الأغلى ثمنًا معقدًا أكثر من أي وقت مضى: هل هو سوء حظ عابر، أم أنها أزمة لاعب استثنائي في إنهاء الهجمة؟ 

    الإجابة على هذا السؤال ستحدد ما إذا كان سيتحول إلى أسطورة حقيقية، أم سيظل مجرد فنان عظيم... تُوقع أسماء أخرى على لوحاته.