FRANCE-GERMANY-POLICE-FIREWORKSAFP

فلاش باك 2015.. لاعب منتخب فرنسا السابق يستدعي أكثر اللحظات دموية في العاصمة باريس!

تمرّ اليوم عشر سنوات كاملة على واحدة من أكثر الليالي ظلامًا في تاريخ فرنسا الحديث، ليلة 13 نوفمبر 2015، حين تحوّلت مباراة ودية في كرة القدم بين فرنسا وألمانيا على ملعب “ستاد دو فرانس” إلى ما يشبه كابوسًا جماعيًا، مع بداية سلسلة من الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة 132 شخصًا في باريس وضواحيها. 

وفي هذه الذكرى الأليمة، أعاد الدولي الفرنسي السابق كريستوف جاليه سرد تفاصيل تلك الليلة التي عاشها لاعبًا في صفوف “الديوك”، مؤكدًا أنها كانت “لحظة لا تُنسى مهما طال الزمن”.

  • Olympique Lyonna_Christophe Jallet_ Paris Saint-Germain

    بداية الرعب

    كانت الأجواء في سان دوني مساء ذلك اليوم تبدو طبيعية؛ لقاء ودي يجمع بطل العالم ألمانيا مع فرنسا أمام مدرجات ممتلئة. لكن بعد نحو 20 دقيقة من صافرة البداية، دوّت ثلاث انفجارات خارج الملعب، سُمعت بوضوح داخل المدرجات، لتتبدل ملامح الفرحة إلى قلقٍ غامض. وفيما كان المعلقون يحاولون التزام الهدوء، بدأ القلق يتسلل إلى اللاعبين على أرضية الملعب دون أن يفهموا ما يحدث بالضبط. بعد دقائق، تأكد أن الانفجارات كانت هجمات انتحارية أوقعت قتيلًا واحدًا إلى جانب الإرهابيين الثلاثة المنفذين.

  • إعلان
  • غرف الملابس

    بعد نهاية المباراة التي انتهت بفوز فرنسا 2-0، عاد اللاعبون إلى غرف الملابس وسط غياب شبه تام للمعلومات الواضحة. هناك، بحسب رواية جاليه، تحدث المدرب ديدييه ديشان إلى لاعبيه بنبرة جادة قائلًا: “أحسنتم في الأداء، لكن هناك أحداثًا كبيرة تجري بالخارج لا نعرف تفاصيلها بعد. علينا الانتظار بهدوء، ومعرفة ما إذا كان أقرباؤكم بخير".

    ويضيف جاليه في حديثه لـ"فرانس إنفو": “لم نكن نعرف حجم الكارثة بعد، لكن كان واضحًا من وجه ديشان أن الأمر خطير جدًا".

    في البداية، مُنع اللاعبون من مغادرة غرفة الملابس أو التوجه إلى قاعات كبار الزوار حيث كانت أسرهم تنتظرهم. بعد فترة من الترقب، سُمح لهم بالالتقاء بذويهم لبضع دقائق فقط.

    "كنا في حالة صدمة جماعية"، يقول جاليه مضيفًا: "الهمّ الوحيد كان التأكد من أن الجميع بخير. لم نفكر في المباراة، فقط في النجاة".

    اللاعبون الألمان أيضًا شاركوا حالة القلق نفسها، وظل الفريقان داخل الاستاد لساعات طويلة تحت حراسة أمنية مشددة، بينما كانت الأخبار تتوالى عن إطلاق نار في قلب باريس وسقوط عشرات القتلى في مواقع مختلفة بينها مسرح الباتاكلان الذي شهد المجزرة الأكبر تلك الليلة.

  • FBL-EURO-2016-FRA-GERAFP

    في غرفة جريزمان!

    لم يغادر المنتخب الفرنسي الملعب إلا حوالي الثالثة فجرًا، بعد التأكد من أن الوضع الأمني بات تحت السيطرة النسبيّة. لكن النوم كان مستحيلًا في تلك الليلة، كما يروي جاليه: "تجمعنا نحو عشرة لاعبين في غرفة أنطوان جريزمان، وجلسنا أمام شاشة التلفاز نتابع الأخبار العاجلة. كنا نحاول أن نفهم ماذا حدث، لماذا، وكيف يمكن أن يحدث هذا في بلدنا. كانت مشاهد تفوق الخيال".

    ورغم أن أغلب اللاعبين لم يصابوا بأذى مباشر، إلا أن وقع الأحداث ترك أثرًا نفسيًا عميقًا فيهم جميعًا. يقول جاليه: "حتى لو لم تكن ضحية مباشرة، تلك الليلة تبقى محفورة في ذاكرتك إلى الأبد".

    لكن بالنسبة لبعض لاعبي المنتخب، كانت المأساة شخصية ومؤلمة إلى أقصى درجة. فقد تلقى لاسانا ديارا خبرًا مروّعًا خلال الليل: مقتل ابنة عمّه آستا دياكيتي في أحد الهجمات في شارع بيشات. وفي الوقت نفسه، كانت ماود جريزمان، شقيقة أنطوان، داخل قاعة مسرح الباتاكلان لحضور حفل موسيقي عندما اقتحم الإرهابيون المكان وفتحوا النار على الجمهور.

    وبينما فقدت فرنسا عشرات الأبرياء في تلك القاعة التي تحولت إلى "بحر من الدماء"، تمكنت ماود من النجاة بأعجوبة بعد أن بقيت مختبئة داخل القاعة لمدة ساعة ونصف قبل أن يتم إنقاذها.

  • جرح لا يندمل

    تختم رواية جاليه شهادته قائلًا: "تلك الليلة غيّرتنا جميعًا. جعلنا ندرك أن كرة القدم مهما كانت جميلة، تظل شيئًا صغيرًا أمام معاناة الناس وفقدان الأرواح".

    وفيما تستعد باريس اليوم لإحياء الذكرى العاشرة لتلك الهجمات عبر سلسلة من المراسم والفعاليات التذكارية، يبقى صوت التفجيرات وذكريات الخوف حاضرًا في وجدان كل من عاش تلك الليلة.

    بالنسبة لجاليه وزملائه، لم تكن مجرد مباراة ودية، بل كانت الليلة التي تبدّل فيها معنى الحياة والرياضة والوطن إلى الأبد.

0