Grafica De Bruyne Napoli 2025 26Calciomercato

"اركض فقط وسأجدك": المايسترو الذي لا يحتاج سوى 40 دقيقة.. دي بروينه يعيد الحياة لنابولي!

على أرضية ملعب دييجو أرماندو مارادونا، الذي يحمل اسم الأسطورة التي طالما صنعت المعجزات، كانت جماهير نابولي تشاهد فريقها يتجه نحو خسارة محبطة جديدة. 

متأخرًا بهدف نظيف أمام جنوى منذ الدقيقة 34، بدا فريق الجنوب الإيطالي في الشوط الأول كجسد بلا روح، تمريرات مقطوعة، أفكار هجومية منعدمة، وشعور عام بالعجز يسيطر على اللاعبين والمدرجات.

 كانت الأجواء قاتمة، والفريق يبدو غارقًا في تفاصيل تكتيكية معقدة فرضها الخصم، دون أن يمتلك مفتاح الخروج من هذا النفق، كل دقيقة تمر كانت تزيد من ثقل الإحباط، حتى جاءت لحظة التغيير في الدقيقة 50.

  • SSC Napoli v Sporting Clube de Portugal - UEFA Champions League 2025/26 League Phase MD2Getty Images Sport

    نابولي المريض ينتظر المنقذ

    لم يكن دخول كيفين دي بروينه إلى الملعب مجرد تبديل روتيني، كان أشبه باستدعاء طبيب جراح ماهر لإنقاذ مريض في حالة حرجة. 

    نزل "المايسترو" البلجيكي بهدوء وثقة، وبمجرد أن وطأت قدماه العشب، تغير كل شيء، لم يكن الأمر سحرًا، بل كان تأثيرًا فوريًا في العقلية والجودة. 

    ارتفع نسق اللعب بشكل ملحوظ، تحركت الكرة بسلاسة ودقة أكبر، وبدأ لاعبو نابولي فجأة في إيجاد تلك المساحات الصغيرة التي كانت تبدو مغلقة تمامًا قبل لحظات. 

    لم يحتج الأمر سوى سبع دقائق فقط حتى أتى أول دليل ملموس على هذا التحول، ففي الدقيقة 57، سجل فرانك أنجويسا هدف التعادل من كرة مرتدة داخل منطقة الجزاء.

     صحيح أن دي بروينه لم يلمس الكرة في تلك اللعبة، لكن الهدف كان نتيجة مباشرة للضغط العالي والارتباك الذي فرضه وجوده في الثلث الهجومي، لقد كان الشرارة التي أشعلت نار انتفاضة نابولي.

  • إعلان
  • FBL-EUR-C1-MAN CITY-NAPOLIAFP

    40 دقيقة تغير كل شيء

    لكن تأثير دي بروينه لم يكن مجرد دفعة معنوية، بل كان مدعومًا بأرقام تكشف حجم العبقرية التي قدمها في وقت قياسي.

    ففي 40 دقيقة فقط من اللعب، نجح البلجيكي في صناعة 3 فرص للتسجيل، وهو رقم لم يصل إليه أي لاعب آخر على أرض الملعب طوال التسعين دقيقة، بمن فيهم من بدأوا المباراة. 

    هذا الرقم وحده يوضح الفجوة الهائلة في الجودة والرؤية، لم تكن تمريراته عادية، بل كانت مشاريع خطورة، كرات بينية تشق الدفاعات، وتمريرات قصيرة تفتح زوايا لعب جديدة، لقد حوّل دي بروينه العشوائية الهجومية لفريقه إلى منظومة خطرة وموجهة، وهو ما افتقده الفريق طوال الشوط الأول.

  • FBL-ITA-SERIEA-NAPOLI-GENOAAFP

    الوعد القديم.. والتمريرة التي هزت جنوى

    جاءت اللحظة الأكثر بلاغة وتعبيرًا عن رؤيته الاستثنائية في الدقيقة 72، بتمريرة حريرية تدرس في أكاديميات كرة القدم، شق دي بروينه دفاع جنوى ببراعة ووضع زميله راسموس هويلوند منفردًا بالمرمى ليسجل هدفًا، لكن راية الحكم ألغته بداعي تسلل بفارق ضئيل.

    ورغم إلغاء الهدف، إلا أن التمريرة في حد ذاتها كانت قصة كاملة، قصة تجسد وعدًا قديمًا قطعه دي بروينه على المهاجم الدنماركي. 

    في تصريح سابق، كشف دي بروينه عن حوار دار بينهما، حيث قال له: "إنه يريد دائمًا العودة للخلف لاستلام الكرة، لكني أخبرته أن يتوقف عن فعل ذلك، فقط اركض في العمق خلف المدافعين، وأنا سأجدك".

    تمريرة الهدف الملغي لم تكن مجرد صناعة ضائعة على البلجيكي بل كانت التطبيق الحرفي لهذا الوعد، هويلوند وثق في قائده وركض في العمق، ودي بروينه أوفى بوعده ووجده. 

    لقد كان "المايسترو" يعلّم مهاجمه الشاب على الهواء مباشرة كيف يستغل قدراته، ويحول النظرية إلى واقع ملموس كاد أن يحسم المباراة، هذه اللقطة، رغم عدم احتسابها، بثت الرعب في قلوب دفاع جنوى والثقة المطلقة في نفوس لاعبي نابولي.

  • FBL-ITA-SERIEA-NAPOLI-GENOAAFP

    بيت القصيد

    هذا التناغم لم يذهب سدى، فبعد ثلاث دقائق فقط من هذا الدرس العملي، وفي خضم الضغط الذي فرضه دي بروينه ورفاقه، نجح هويلوند نفسه في تسجيل هدف الفوز بالدقيقة 75، ليترجم تفوق نابولي إلى انتصار ثمين. 

    في النهاية، قد تذكر أوراق الإحصائيات الرسمية أن أنجويسا وهويلوند هما من سجلا الأهداف، لكن كل من شاهد المباراة يدرك أن "مهندس" هذه الانتفاضة هو رجل واحد.

    اسمه لن يُكتب في قائمة الهدافين لهذه الليلة ولا في قائمة من صنعوا الأهداف، لكن تأثيره كان هو الحبر الذي كُتب به فصل العودة. 

    في 40 دقيقة، لم يكتفِ كيفين دي بروينه بقلب النتيجة، بل أثبت أن قيمته الحقيقية لا تكمن في صناعة الأهداف فقط، بل في صناعة الثقة ورفع جودة من حوله. 

    فهو لا يتألق بمفرده، بل يجعل المنظومة كلها تتوهج معه، وهذه هي السمة التي تفصل النجم الكبير عن القائد الأسطوري، لقد حوّل فريقًا على وشك الهزيمة إلى فريق منتصر، وهذه هي البصمة التي لا تمحوها الأرقام، بل يخلدها الأثر في المباريات الكبرى.