على طريقة برشلونة .. الدوري التركي يتحول إلى "روشن أوروبا" وكارثة قادمة تهدد بتدمير الحلم

رغم الأموال التي أنفقت في الفترة الأخيرة، إلا أنها تقتصر فقط على الأجور، لأن الأندية التركية لم تنفق مبالغ مالية ضخمة على الصفقات مثلما يحدث في السعودية أو باقي الدوريات الأوروبية، حيث يقتصر الإغراء على أجر اللاعب.

أغلى صفقة للاعب منضم لأحد الأندية التركية، جاءت بانتقال أوركون كوكتشو من بنفيكا إلى بشكتاش مقابل 25 مليون يورو، حيث يلعب الهولندي مع الفريق التركي على سبيل الإعارة هذا الموسم، قبل تحويل الصفقة إلى بيع دائم في 2026.

ومن بعده في المركز الثاني يوسف النصيري النجم المغربي الذي يلعب حاليًا مع فنربخشه، مما يعطينا فكرة واضحة أن الإنفاق الضخم يأتي في صورة انتقالات مجانية مع دفع رواتب مرتفعة للغاية من أجل إغراء أي لاعب برفض الدوريات الكبرى الأخرى.

الأمثلة كثيرة على ذلك خاصة هذا الصيف، ليروي ساني رفض التجديد لبايرن ميونخ ولم يهتم بمحاولات آرسنال وتوتنهام بضمه، للحصول على راتب يصل إلى 15 مليون يورو، وهي قيمة لم يكن ليحصل عليها مع أي منهم خاصة في هذه المرحلة من مسيرته، وتامي أبراهام كذلك سيحصل على 7 ملايين يورو في الموسم مع بشكتاش، وهو راتب يزيد قليلًا عن ما كان يتقاضاه في فريقه السابق ميلان.

المفاجأة الكبرى كانت في جون دوران، المهاجم الكولومبي المنضم حديثًا للنصر السعودي، الذي قرر التوجه إلى فنربخشه ولم يفكر الانتظار حتى يحاول أحد كبار أوروبا لضمه، حيث يتحمل العالمي رواتبه الشهرية خلال الموسم بقيمة 10 ملايين دولار، مع دفع النادي التركي 14 مليونًا كقيمة إعارة.

ونصل للصفقة الأكبر والأهم على الإطلاق، والتي بدأت بانتقال فيكتور أوسيمين إلى جلطة سراي "مضطرًا" الصيف الماضي بعد خلافه مع نابولي وفشل انتقاله إلى تشيلسي أو باريس سان جيرمان.

تألق المهاجم النيجيري رفع الطموح لدى الأتراك، وتسجيله 37 هدفًا مع 8 تمريرات حاسمة في 41 مباراة، جعل جلطة سراي يتقدم بعرض قيمته 75 مليون يورو لضمه من نابولي وفقًا لشبكة "سكاي سبورت"، بالإضافة إلى راتب ضخم يلبي طموحاته المالية.

تلك الصفقة لو حدثت ستكون الضربة الأهم على الإطلاق، وربما تأتي بعدها المزيد من التحركات مثل تشالهان أوجلو إلى فنربخشه، والتي تجعل المسابقة المحلية التركية بمثابة "دوري روشن الأوروبي".

ملاك الأندية الكبرى مثل فنربخشه وجلطة سراي وبعض الشخصيات الأخرى تعمل في مجالات الأوراق المالية وتداول الأسهم، مما يزيد بشكل كبير من ميزانيتها وقدراتها على دخول الميركاتو بكل قوة.

موقع "telegrafi" قال كذلك إن نادي جلطة سراي التركي، يخطط لتحقيق أرباحًا تتراوح بين 500 إلى 600 مليون يورو، من خلال بيع معسكره التدريبي القديم في فلوريا بإسطنبول، في سيناريو مشابه لـ"الرافعات الاقتصادية" التي قام برشلونة بتفعيلها مؤخرًا.

ولكن سيتم استخدام هذه الأموال في صندوق تتم حمايته من التضخم، وتوزيعها على أقساط لمدة سنوات قادمة، مما يعني تأجيل وضعها بميزانية الانتقالات.

النادي التركي وقع كذلك اتفاقية جديدة مع شركة باسفيك القابضة، مما رفع دخله السنوي من رعاية القمصان من 3.4 مليون يورو إلى 8.6، ومن المتوقع أن يصل إجمالي دخل الرعاية إلى 80 مليونًا.

من أهم المزايا في تركيا أيضًا هي انخفاض الضريبة على اللاعبين، حيث تبلغ 20% فقط، مقارنة بـ45% إلى 50% في دول مثل إسبانيا أو ألمانيا، مما يسمح بتقديم رواتب صافية تنافسية، وهذا الأمر يفسر انتقال جون دوران إلى هناك بدلًا من إنجلترا، حيث استغل رئيس فنربخشه هذه النقطة بقيادة رئيسه علي كوتش.

هذه الأسباب تجعل الدوري وجهة مثالية لأي لاعب يريد الحصول على أجر مرتفع، دون الحاجة إلى الخروج من أوروبا والذهاب إلى السعودية أو أي دولة أخرى خارج القارة العجوز.

المشكلة هنا هي القيود التي يضعها الاتحاد التركي لكرة القدم وحدود الإنفاق، وفي حالة انتهاكها يُمنع النادي من تسجيل لاعبيه مثلما يحدث مع برشلونة.

سقف رواتب جلطة سراي يبلغ 130 مليون يورو، وفنربخشه 102.5 مليون يورو، مما يهدد صفقة انتقال أوسيمين إلى الأول خاصة أن راتبه يصل إلى 16 مليونًا.

المحلل جوركان بيلجيتش سبق أن قال عن تلك القيود:"المدربون قادوا الأندية إلى الإفلاس، لأنهم كانوا يركزون على الأحلام وليس الواقع".

وكالة الأناضول كذلك قالت إن إجمالي الديون المستحقة على الأندية لاتحاد البنوك التركي وصل إلى 1.14 مليار يورو، بمجموع 93 مليون يورو لبشكتاش، فنربخشه 76.6 مليونًا، جلطة سراي 30.8 مليونًا، بالإضافة إلى بعض الديون الأخرى غير المصرفية.

مجموع خسائر جلطة سراي وبشكتاش وطرابزون سبور وفنربخشه تجاوز 261 مليون يورو، مما يعني أن تلك التعاقدات لا تأتي بنتيجة إيجابية أبدًا خاصة وأن الأندية لا تجني أي أموال ضخمة من بيع اللاعبين لتحقيق التوازن المطلوب.

جلطة سراي وبشكتاش على الخصوص فشلا في موازنة دفاترهما مع الدخل المقابل للإنفاق في السوق، بينما حقق فنربخشه بعض التوازن، ولكن تظل أزمة الديون تهدد بكارثة مستقبلية.

وقام فنربخشه بمحاولة لحل هذه الأزمة مؤخرًا، بعدما أعلن بيع حصة تصل إلى 4.8% من أسهم شركة النادي إلى مستثمر مؤسس أجنبي، بسعر 46.10 جنيهًا استرلينيًا للسهم، وذلك لتعزيز ميزانيته وسداد الديون.

اصطدام أحلام جلطة سراي بالواقع كان دليلًا آخر على الحالة الخطيرة التي تمر بها الأندية التركية، حيث يحلم بضم تشالهان أوجلو من إنتر مقابل 15 مليون يورو، بينما يطلب النادي الإيطالي 30 مليونًا.

وهو ما يعني أن الأندية التركية بدأت تدرك جيدًا أن أمامها الكثير من الحدود والعقبات رغم الاستمرار في استقطاب النجوم، وأن الدخول الآن في منافسة مع دوري روشن شبه مستحيل، بسبب الفارق الشاسع في الإمكانيات.