ONLY GOAL Laporta Perez gfxGoal AR

رعب ميسي وانتقام تشافي | فلورنتينو بيريز.. مدير الحملة الانتخابية الذي أنقذ رقبة لابورتا!

في عالم السياسة ودهاليز الإدارة الرياضية لا يوجد كنز أثمن من عدو واضح، عدو يمكن أن تعلق عليه شماعة الأخطاء وتوحد به صفوف الجنود وتشغل به الرأي العام عن القضايا الداخلية الشائكة.

ويبدو أن جوان لابورتا رئيس نادي برشلونة قد استوعب هذا الدرس جيداً وقرر نفض الغبار عن كتيّبه القديم الذي قاده لكرسي الرئاسة في عام 2021، مستغلاً تصريحاته الأخيرة من أندورا التي اتهم فيها ريال مدريد بالهوس ببرشلونة واستحضر فيها لقطات تحكيمية تخص فينيسيوس وبيلينجهام.

لم تكن تلك الكلمات مجرد زلة لسان أو انفعال عاطفي بل كانت وبكل وضوح إعلان بدء حملته الانتخابية المبكرة في توقيت مدروس بعناية فائقة.

  • FBL-SPAIN-BARCELONA-LAPORTAAFP

    فن الهروب إلى الأمام وصناعة ستارة الدخان

    دعونا نتفق أن لابورتا يمر بواحدة من أعقد فتراته إدارياً وربما أصعبها منذ عودته للمنصب، النادي لا يزال يئن تحت وطأة الديون المتراكمة وسقف الرواتب الذي يخنق التحركات في سوق الانتقالات وقضية نيجريرا التي لا تزال سيفاً مسلطاً على رقبة المؤسسة.

    وفي ظل هذا الوضع الشائك لا يجد السياسي المحنك حلاً أفضل من تطبيق استراتيجية الإلهاء الكلاسيكية عبر الهجوم على مدريد، هو يعلم يقيناً أن المشجع الكتالوني العاطفي يطربه سماع نغمة الاضطهاد والمؤامرة أكثر مما يهمه سماع خطط الهيكلة المالية المعقدة أو تبريرات الفشل في تسجيل اللاعبين.

    فالحديث عن محاباة التحكيم لمدريد هو مخدر فعال لتسكين آلام الواقع الاقتصادي وصرف النظر عما يحدث خلف الكواليس في مكاتب النادي.

    هي محاولة لتحويل النقاش العام من سؤال لماذا نحن مفلسون إلى سؤال لماذا يكرهوننا في العاصمة، وبهذا ينجح الرئيس في شراء الوقت وتوحيد الجبهة الداخلية ضد الخطر الخارجي المزعوم بدلاً من محاسبة الإدارة على تقصيرها.

  • إعلان
  • XaviGetty Images

    حينما تهتز الأرض تحت أقدام الرئيس

    ما يزيد الطين بلة ويدفع الرئيس الحالي نحو هذا التصعيد هو استشعاره الخطر الحقيقي القادم من البيت الداخلي، فلم يعد الخطر مقتصراً على الديون وأرقام العجز بل امتد لرموز النادي التاريخية الذين بدأوا في سحب البساط من تحت قدميه، الجميع لاحظ التلميحات الأخيرة من الأسطورة ليونيل ميسي الذي بدا وكأنه يلوح بدعم غير مباشر لمرشح آخر في إشارة صامتة ولكنها مدوية بأن حقبة لابورتا ربما استنفدت أغراضها وأن الوعود القديمة لم تعد تنطلي على أحد.

    ولم يتوقف الأمر عند البرغوث بل إن تشافي هيرنانديز ابن النادي البار الذي أقيل بطريقة رآها الكثيرون مهينة بات يُحسب بشكل علني وشبه رسمي في معسكر فيكتور فونت المرشح المنافس الأشرس للابورتا.

    هذا الاصطفاف من أساطير النادي في الجبهة المقابلة جعل الأرض تتحرك من تحت أقدام الرئيس الحالي وشعوره بأن الأمور تنزلق من بين يديه دفعه للهروب إلى الأمام واختلاق معركة خارجية طاحنة لعلها تعيد له بعضاً من البريق المفقود وتظهره بمظهر الحامي الوحيد لحصن البلوجرانا.

  • FBL-ESP-LIGA-BARCELONAAFP

    دفتر الذكريات واللافتة التي حكمت كتالونيا

    هذا السيناريو المكرر ليس جديداً على المحامي الكتالوني الذي بنى مجده الحديث بالأساس على استفزاز الغريم التقليدي، فلا أحد ينسى تلك اللافتة العملاقة التي نصبها بجوار ملعب سانتياجو برنابيو معقل ريال مدريد في حملته الانتخابية السابقة والتي حملت عبارة أتوق لرؤيتكم مجدداً.

    في تلك اللحظة لم يقدم لابورتا برنامجاً انتخابياً مفصلاً ولم يشرح كيف سينقذ النادي مالياً بل قدم مشاعر وباع للجمهور فكرة الرئيس القوي الذي لا يهاب العاصمة ويجرؤ على تحديها في عقر دارها.

    واليوم يعيد تكرار نفس اللعبة بنفس الأدوات لكن الفارق الوحيد أن اللافتة استُبدلت بتصريحات نارية في المؤتمرات الصحفية وحفلات توقيع الكتب، والهدف واحد وهو دغدغة مشاعر الجماهير وتذكيرهم بأن وجوده ضرورة ملحة لمواجهة نفوذ مدريد، متجاهلاً أن الحيل القديمة قد لا تنجح دائماً بنفس الكفاءة خاصة عندما تكون الوعود قد نكث بها من قبل

  • Kylian Mbappe Awarded With Golden Boot 2024-2025Getty Images Sport

    شريك الرقصة

    لكي تكتمل فصول هذه المسرحية وتؤتي ثمارها كان لابد من وجود شريك في الرقص وهنا يأتي دور فلورنتينو بيريز، لسنوات قليلة مضت كان الرجلان يجلسان على طاولة واحدة يتقاسمان الخبز والملح وأحلام مشروع السوبر ليج في تحالف مصلحي ضد الجميع.

    لكن بيريز مدفوع بالشرخ الكبير في تلك العلاقة مؤخرًا قرر كسر هذا التحالف وفتح النار على قضية نيجريرا وتحدث عن الفساد الممنهج في الجمعية العمومية الخاصة بناديه الأسبوع الماضي.

    لو التزم بيريز الصمت واكتفى بالتركيز على نجاحات ناديه لترك لابورتا يصارع طواحين الهواء وحده ولظهر بمظهر المفتعل للمشاكل الذي يصرخ في الفراغ.

    لكن هجوم بيريز منح لابورتا الشرعية ليلعب دور الضحية والمدافع عن الشرف وأعطاه الذريعة ليقول لجمهوره انظروا إنهم يستهدفوننا.

  • FBL-ESP-LIGA-BARCELONA-PRESSERAFP

    بيت القصيد

    في النهاية يبدو المشهد علاقة تكافلية غريبة حيث يحتاج لابورتا لشرور مدريد ليبقى بطلاً بينما منحه بيريز الوقود اللازم لإشعال المعركة وكأنه أفضل مدير لحملته الانتخابية.

    والحقيقة الثابتة هي أن لابورتا لم يكن ليجرؤ على استخدام هذا الكارت المستهلك بهذه القوة لولا أن صديقه اللدود قرر أن يفتح له الباب بتصريحاته عن نيجريرا، ولولا ذعره من تحركات فيكتور فونت المدعومة بظلال ميسي وتشافي.