ثورة النصر الكبرى.. في كواليس تحالف رونالدو وجيسوس، مستقبل "العالمي" على صفيح ساخن قبل السوبر

بدأت بوادر عدم الاستقرار في مركز بدا آمنًا، وهو حراسة المرمى، فلا يزال الغموض يكتنف مستقبل الحارس الدولي نواف العقيدي، الذي يربط استمراره بضمان مقعده الأساسي بعد تألقه اللافت في فترات سابقة.

وفي المقابل، كانت تتجه النية سابقًا لإعارة الحارس البرازيلي بينتو، هذا الوضع المزدوج يفتح فراغًا مقلقًا ويثير أول الأسئلة الكبرى حول جاهزية الفريق للموسم المقبل.

جاء الزلزال الحقيقي بقرار المدرب جورج جيسوس استبعاد نجمين من العيار الثقيل، هما البرتغالي أوتافيو والإسباني إيميريك لابورت، من معسكر الفريق، بعد أيام قليلة من رحيل جون دوران نحو تركيا.

لم يكن القرار فنيًا بقدر ما كان إعلانًا صارخًا عن فلسفة عمل لا تقبل المساومة: "المشروع وهوية الفريق فوق الجميع".

جيسوس، بتاريخه المعروف بالقبضة الحديدية، أرسل رسالة قاطعة بأنه لن يتسامح مع أي تهاون في الالتزام، وأن الولاء الكامل لمشروعه هو شرط البقاء الوحيد.

وقد تسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي بخصوص مصير اللاعبين، فإيميريك لابورت بات رحيله مسألة وقت لا أكثر، والتقارير الموثوقة تؤكد تلقيه عروض أوروبية رسمية، مما يحول خروجه من مجرد تكهن إلى حقيقة وشيكة، ويضع على عاتق الإدارة مهمة شبه مستحيلة لإيجاد بديل عالمي في قلب الدفاع بهذا التوقيت الحرج.

أما أوتافيو فقد أخذت قضيته المنحنى الأكثر إثارة، فبعد أزمته الصامتة مع الإدارة ورغبته في الرحيل، ظهر تطور مدوٍ ومفاجئ تمثل في دخول النادي الأهلي، المنافس المباشر، بقوة على خط المفاوضات لضمه، هذا بالإضافة لرغبة اللاعب في الحصول على مبلغ 15 مليون يورو ليرحل.

هذا التحرك غير المتوقع قد يمثل حلاً مبتكرًا للأزمة، يسمح للنصر بالتخلص من راتب اللاعب الضخم مع بقائه في دوري روشن، لكنه في الوقت نفسه سيفجر قنبلة من العيار الثقيل في سوق الانتقالات الداخلي، ويعيد رسم خريطة القوة بين الأندية الكبرى.

لفهم أسباب هذه القرارات الجريئة، يجب النظر إلى محور القوة الجديد الذي تشكل في النادي، لقد كشفت تصريحات جيسوس الأولى كل شيء حين قال بوضوح قاطع: "لولا كريستيانو رونالدو، لما كنت هنا، جئت لمساعدته على الفوز بالألقاب".

هذا ليس مجرد مجاملة، بل هو إعلان عن ميثاق وتحالف استراتيجي بين المدرب والقائد، هذا التحالف يمنح جيسوس الغطاء والدعم اللازمين لفرض رؤيته بلا تردد، ويعيد تعريف مشروع النصر ليتمحور حول هذين القطبين، وفي ضوء هذا التحالف، تبدو الإطاحة بالنجوم الأقل التزامًا نتيجة منطقية وحتمية.

تضع هذه الثورة النادي أمام سؤال استراتيجي عميق: هل ما يحدث هو عملية "تطهير" ضرورية ومحسوبة لبناء فريق أكثر انضباطًا وتجانسًا على المدى الطويل، أم أنها "مقامرة خطرة" ونزيف للمواهب قد يكلف الفريق غاليًا في المنافسات الفورية؟

من الناحية المالية، لا شك أن رحيل لاعبين برواتب فلكية سيحرر ميزانية النادي ويمكّنه من التحرك بمرونة أكبر.

لكن التحدي يكمن في إيجاد البدائل التي تملك نفس الجودة الفنية والخبرة، وهو ما يقودنا إلى المعضلة التالية.

مع رحيل وشيك لركائز أساسية، تجد إدارة النصر نفسها في سباق محموم مع الزمن داخل سوق انتقالات صعب وملغوم فالبحث عن لاعبين من الطراز العالمي في هذه المرحلة المتأخرة من الصيف يعني أسعارًا باهظة وخيارات محدودة بالأخص إذا كنا نتحدث عن مركز بحساسية حراسة المرمى، وقلب دفاع يجيد الخروج بالكرة مثل لابورت ولاعب وسط نشيط مثل أوتافيو، ومهاجم بديل لجون دوران.

وبينما نجح النادي في ضم لاعبين جيدين محليًا مثل نادر الشراري وعبدالملك الجابر، إلا أن الفجوة التي سيتركها رحيل لابورت وأوتافيو تتطلب حلولاً عالمية لم تظهر في الأفق بعد.

لم تكن هذه الهزات بمعزل عن صداها الجماهيري، فقد انعكست الأزمة بوضوح على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المدرج النصراوي بين تيارين: تيار يدعم بقوة قرارات جيسوس الصارمة ويرى فيها علاجًا طال انتظاره لفرض الانضباط وهيبة النادي، وتيار آخر يراقب بقلق وخوف رحيل نجوم كبار، ويخشى أن يؤثر ذلك سلبًا على قدرة الفريق على حصد الألقاب، بدءًا من كأس السوبر الذي تفصل العالمي عنه أيام معدودة.

في المحصلة، لا يستعد نادي النصر لمجرد مباراة، بل يقف على مفترق طرق تاريخي، القرارات التي تُتخذ في هذه الأيام القليلة القادمة لن تحدد فقط ملامح الموسم الجديد، بل قد ترسم هوية "العالمي" لسنوات قادمة.

لم تعد موقعة السوبر مجرد مواجهة في الطريق لحصد لقب هام في بداية الموسم، بل أصبحت تمثل ساحة الحكم الأولى على نجاح أو فشل هذه الثورة الجريئة والمحفوفة بالمخاطر.