Gary SpeedGetty

“توقفت عن مشاهدة كرة القدم لعشر سنوات”.. والدة نجم نيوكاسل الراحل تفتح قلبها بعد لفتة ناديه الأسبق!

بعد مرور 14 عامًا على الرحيل الصادم لنجم كرة القدم الويلزي جاري سبيد، ما زالت والدته، كارول سبيد، تعيش دوامة من الأسئلة التي لا تجد لها أجوبة. 

ففي صباح أحد أيام الأحد في أواخر نوفمبر 2011، استيقظ عالم كرة القدم على واحدة من أكثر القصص مأساوية في تاريخه الحديث: قائد ويلز السابق وواحد من أكثر لاعبي الدوري الإنجليزي احترامًا ومحبة سواء مع نيوكاسل أو إيفرتون أو بولتون أو شيفيلد أو ليدز، رحل عن عمر 42 عامًا، تاركًا خلفه زوجته وولديه، وميراثًا رياضيًا وشخصيًا لا يُنسى.

جاري سبيد، الذي خاض 841 مباراة في مسيرته الاحترافية—أغلبها في أعلى مستويات كرة القدم—كان قد بدأ للتو كتابة فصل جديد في حياته بقيادته للمنتخب الويلزي، الذي مثّله كلاعب في 85 مناسبة. وفي عامه الأول كمدير فني، قفز ترتيب ويلز في تصنيف "فيفا" أكثر من أي منتخب آخر، وكان آخر ظهور له على الخط الفني فوزًا كبيرًا 4-1 على النرويج. بدا كل شيء وكأن بداية عصر جديد قد بدأت بالفعل.

لكن خلف الصورة المشرقة، لا تزال العائلة تبحث عن تفسير. تقول كارول: "لم نكن نعرف شيئًا، ولا زلنا لا نعرف شيئًا. كان دائم الابتسام، ولم يبدُ عليه يومًا أن هناك شيئًا خطأ. ثم فجأة، انتهى كل شيء".

  • لغز بلا إجابات

    التحقيق الذي أُجري في مقاطعة وورينجتون لم يقدم ما يكفي لإغلاق الجرح. فقد استمعت المحكمة إلى رواية عن خلاف عابر بين جاري وزوجته لويز ليلة الحادث، بعد حضورهما حفلة عشاء ظهر فيها—وفق الشهود—في أفضل حالاته. وعلى الشاشة، ظهر سبيد قبل ساعات فقط في برنامج "فوتبول فوكس" على "بي بي سي" مبتسمًا ومرحبًا، يسخر من زملائه ويمازح مقدم البرنامج دان ووكر.

    لكن رغم كل ذلك، لم يتمكن الفحص القضائي من تحديد ما إذا كان جاري قد انتحر عمدًا أم أن وفاته كانت نتيجة حادث مؤسف، ليصدر الحكم بصيغة "رواية مفتوحة" تؤكد أن الحقيقة ستظل مجهولة.

    تقول كارول بأسى في تصريحات نقلتها صحيفة "دايلي ميل": "لم يخبرني أحد بما حدث في تلك الليلة، باستثناء ما ورد في التحقيق. وهذا يجعل الأمر أكثر صعوبة".

    كارول ما زالت تعيش في المنزل نفسه في ديسايد، فلينتشير، البيت الذي نشأ فيه جاري، زوجها روجر يعاني الآن من الخرف ويقيم في دار رعاية بعد أن فقد القدرة على الحركة والكلام.

    وبين جدران المنزل، لكل زاوية ذكريات.. شبكات مرمى قديمة في الحديقة، بقعة خضراء فقدت لونها بسبب تسديداته المتكررة، وباب جراج تكسّر بفعل الكرة.

    تقول بصوت يحمل دفئًا ووجعًا معًا: "أحيانًا أضحك وأتحدث مع الآخرين، لكن هناك دائمًا شيء ناقص، دائمًا هذا الفراغ. المنزل كبير علي وحدي الآن، لكني كلما فكرت في الرحيل، أتذكر جاري صغيرًا، ولذا لا أستطيع".

  • إعلان
  • Gary Speed Newcastle

    10 سنوات دون كرة قدم!

    وجود كارول داخل ملعب "هيل ديكنسون" الجديد لإيفرتون، أحد أندية جاري الأولى، هو بحد ذاته إنجاز. فبعد رحيله، لم تستطع مشاهدة كرة القدم طوال 10 سنوات.

    تقول: "كنت أراه في كل لاعب وكل لقطة، لم أستطع. ثم في لحظة ما، قلت لنفسي: جاري لم يكن ليحب هذا. وعُدت للمشاهدة".

    جاري كان يعشق إيفرتون، رغم أن والده كان مشجعًا لليفربول. تضحك كارول وهي تتذكر: "لذلك اختار أن يشجع إيفرتون، كما يفعل الأبناء دائمًا! كان يوزع الجرائد على كيفين راتكليف قائد الفريق في ذلك الوقت".

    قبل مباراة إيفرتون ضد نيوكاسل، كشف النادي عن "مقعد للحديث" مخصص لجاري سبيد، فكرة أطلقها منتدى جماهير النادي لتشجيع المشجعين على الحديث عن مشاكلهم النفسية. يحمل المقعد رسالة تقول: "في ذكرى جاري سبيد… قائد، لاعب، وإيفرتوني. مكان لما لا يقال… مكان للجلوس والمشاركة والإصغاء".

    بالنسبة لكارول، تمثل هذه الكلمات ما افتقدته عائلتها لسنوات: "لو كان قد تحدث، لو عرفنا أنه يعاني. كان يمكن أن نساعده. الرجال يجدون صعوبة في الحديث عن مشاعرهم، لكن يجب أن يفعلوا. لأن العائلات تتحطم حين لا يقولون شيئًا".

  • إرث لا يموت!

    بعد 14 عاماً، ما زالت ذكراه حاضرة بقوة. تقول كارول بتأثر: "كنا نحبه كثيرًا… لكننا لم نكن نعرف أن العالم كله يحبه أيضًا. الدعم لا يزال مذهلًا. الناس ما زالوا يتحدثون عنه، ويقيمون فعاليات باسمه… هذا شيء لا أستطيع وصفه".

    لو كان جاري حيًا، لكان اليوم في السادسة والخمسين. وهي تقتنع تمامًا بأنه كان سيصبح مدربًا في الدوري الإنجليزي الممتاز: "الجميع يقول ذلك. لقد غيّر منتخب ويلز خلال عام واحد فقط".

  • ختام مؤلم

    بالنسبة لكارول، يبقى هذا الوقت من العام الأصعب، تقول عن ذلك: "لا نعرف ما الذي يخفيه الناس بداخلهم. أتمنى أن يساعد هذا المقعد الآخرين على الكلام، أتمنى أن يُنقذ أحدًا ما".

    وهكذا، في ملعب جديد ومدرجات مختلفة، ما زال اسم جاري سبيد قادرًا على جمع الناس، ليس بسبب أهدافه التي لا تُنسى، بل بسبب قصته الإنسانية التي يجب أن تُرو كي لا تتكرر.