Ronaldo Mbappe gfx aiGoal AR

تاج كريستيانو المُرصع بالمستحيل: لكل ملك عرشه الخاص.. ليس رونالدو الجديد ولكنه مبابي الأول!

أشعلت صحيفة "آس" الإسبانية حماس جماهير ريال مدريد بتقريرها الأخير الذي حمل عنوانًا ذكيًا ومثيرًا للجدل "Mbappé se Cristianiza"، في إشارة واضحة ومباشرة إلى الأسطورة كريستيانو رونالدو.

يرسم التقرير صورة وردية لكيليان مبابي كوريث شرعي لإرث الدون، مستندًا بشكل أساسي على بدايته التهديفية الصاروخية في الموسم الجاري ومعدله الذي يتفوق حاليًا على متوسط رونالدو التاريخي مع النادي، هذه الأرقام الأولية بالطبع جذابة وتصلح كوقود للأحلام والتوقعات. 

وبينما تلهب هذه المقارنات مشاعر الجماهير في المقاهي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها غالبًا ما تبني استنتاجات عملاقة على أسس من الحماس اللحظي، متجاهلةً حقائق أكثر تعقيدًا وعمقًا.

فكرة وراثة العرش الملكي ليست مجرد مسألة أرقام، بل هي قصة من الاستمرارية، والشخصية، والقدرة على حمل فريق بأكمله في أحلك الظروف. 

فهل المقارنة في محلها؟ أم أنها مجرد تفاؤل مبكر يغفل عن جوهر الأسطورة الحقيقية؟ 

  • Kylian Mbappe of Real Madrid celebrates scoringGetty Images

    نقطة انطلاق تاريخية.. لماذا تبدو المقارنة ممكنة؟

    من الظلم تجاهل الأسباب المنطقية التي تفتح الباب لهذه المقارنة الطموحة، فمبابي لم ينضم لريال مدريد كشاب واعد، بل وصل إلى سانتياجو برنابيو وهو في قمة نضجه الكروي كأفضل لاعب في العالم في نظر الكثيرين، بطل للعالم، وهداف تاريخي لناديه السابق باريس سان جيرمان. 

    لقد التحق بمنظومة متكاملة وجاهزة لحصد الألقاب، تضم في صفوفها نجومًا مثل جود بيلينجهام وفينيسيوس جونيور، وهي ظروف مثالية تمنحه أفضلية واضحة على رونالدو الذي وصل للمساعدة في بناء مشروع جديد لمنافسة الحقبة الذهبية لبرشلونة. 

    وجود هذه الكوكبة من النجوم حول مبابي يخفف عنه الضغط ويشتت تركيز المدافعين، مما يمنحه مساحات لم تكن متاحة بسهولة في بداية مسيرة رونالدو.

    أضف إلى ذلك، فإن أرقامه تثبت امتلاكه للقدرة التهديفية الخام التي تؤهله نظريًا لتحطيم الأرقام القياسية، وهو ما يجعل المقارنة، على الأقل في بدايتها، ممكنة ومشروعة. 

  • إعلان
  • Al Nassr v Al Riyadh - Saudi Pro LeagueGetty Images Sport

    مغالطة الأرقام.. فخ الحماس الذي وقعت فيه "آس"

    يكمن جوهر التحليل النقدي في تفكيك الحجة التي بنتها "آس"، أكبر مغالطة في التقرير هي توقعه تسجيل مبابي لستة وسبعين هدفًا هذا الموسم بناءً على أدائه في بضع مباريات. 

    هذا النوع من الاستنتاج، يفترض أن الأداء سيستمر على نفس المنحنى التصاعدي، وهو أمر نادر الحدوث في عالم كرة القدم المليء بالمتغيرات كالإصابات، وتراجع المستوى، وقراءة الخصوم لأسلوب اللعب.

    ما جعل رونالدو أسطورة لم يكن موسمًا واحدًا استثنائيًا، بل قدرته الخارقة على تسجيل أكثر من خمسين هدفًا لستة مواسم متتالية. 

    كانت هذه الاستمرارية هي نبض الفريق، والضمان الذي لا يخيب، لقد تحولت أهدافه من مجرد أرقام إلى ثقافة وهوية للنادي في تلك الفترة. الاستمرارية هي المعيار الحقيقي للأسطورة، وهي ما لا يمكن قياسه في بداية الطريق بعد خمسة أو ستة مباريات من انطلاق الموسم. 

  • Kylian Mbappe Real Madrid 2025Getty

    ما لا تقيسه الأرقام.. عقلية "الآلة" وضغط الشبح

    هناك عوامل حاسمة تتجاهلها لغة الأرقام، وعلى رأسها العقلية، فأمتلك رونالدو عقلية آلة مهووسة بالكمال والتدريب والانتصار. 

    قصص وصوله أولًا إلى التدريبات ومغادرته آخرًا، ونظامه الغذائي الصارم، هي شهادات على صلابة ذهنية قد تكون فريدة من نوعها في تاريخ اللعبة. 

    هل يمتلك مبابي نفس الإصرار الحديدي للحفاظ على هذا المستوى من التركيز لقرابة عقد من الزمان؟ علاوة على ذلك، يواجه مبابي ضغطًا لم يعرفه رونالدو في مدريد: ضغط مطاردة شبح اللاعب الأعظم في تاريخ النادي.

    أي فترة جفاف تهديفي قصيرة لمبابي ستتحول فورًا إلى أزمة في الصحافة، مع مقارنات حتمية بإرث كريستيانو، هذا العبء النفسي الهائل، وضغط الجماهير التي اعتادت على ما هو خارق للعادة، يمثل تحديًا لا يقل أهمية عن التحدي داخل الملعب. 

  • FBL-WC-CLUB-2025-MATCH55-REAL MADRID-JUVENTUSAFP

    بيت القصيد

    يمتلك كيليان مبابي كل المقومات ليخلد اسمه كأسطورة في تاريخ ريال مدريد، فموهبته لا جدال عليها، والظروف من حوله مثالية، وبداية موسمه الثاني تبشر بكل خير.

    لكن الحكم عليه بأنه سيتجاوز رونالدو بناءً على بضعة أسابيع رائعة في موسم لا يزال في بدايته هو قفزة تتجاهل أن عظمة رونالدو لم تكن مجرد أهداف، بل كانت مزيجًا نادرًا من الاستمرارية الخارقة، والعقلية التي لا تلين، والقدرة على حسم أكبر المواعيد الأوروبية عامًا بعد عام.

    التحدي الحقيقي لمبابي ليس فقط في تسجيل الأهداف، بل في بناء إرث خاص به، وهوية فريدة تجعل الأجيال القادمة تتوقف عن مقارنته بأحد.

    إن عرش ريال مدريد لا يطلب نسخة مكررة من ملكه القديم، بل ينتظر تتويج ملك جديد، بتاجه الخاص، وصولجانه الخاص، وأسطورته التي لم تُكتب بعد، إنه ليس رونالدو الجديد بل مبابي الأول!