برشلونة وجيرونا | فليك يحول التراب إلى ذهب.. ولهذا بقاء ليفاندوفسكي مطلوبًا!

لم يكن أداء جيرونا مثاليًا على الصعيد الدفاعي في مباراتهم الأخيرة ضد برشلونة، وهو ما يظهر جليًا في إحصائية تاريخية تشير إلى معاناتهم أمام الفريق الكتالوني في هذا الجانب.

فمنذ صعود جيرونا إلى الدوري الإسباني، لم يسجل أي فريق أهدافًا عكسية في مرماه أمام برشلونة أكثر من جيرونا (3 أهداف)، وباستثناء سيلتا فيجو ضد ريال مدريد (4 أهداف) لا يوجد فريق سجل أهدافًا عكسية في مرماه أكثر مما فعل جيرونا ضد برشلونة

أنقذ هذا "السوء" الدفاعي برشلونة في وقت حرج، فبينما كان الشوط الأول يقترب من نهايته بالتعادل السلبي، جاء الهدف الأول لبرشلونة عن طريق هدف عكسي سجله لاعب جيرونا لاديسلاف كريتشي، بعد تسديدة قوية من النجم الشاب لامين يامال، هذا الهدف منح برشلونة التقدم في توقيت مثالي، ممهدًا الطريق نحو تحقيق الفوز في نهاية المطاف، وفعل ما لم يفعله نجوم برشلونة في الشوط الأول وهز الشباك.

على الرغم من إضاعة المهاجم البولندي المخضرم روبرت ليفاندوفسكي لبعض الفرص السانحة للتسجيل، إلا أنه أبى أن يخرج من اللقاء دون بصمة حقيقية.

ففي الهدف الثاني لفريقه، قدم ليفاندوفسكي لمحة فنية رائعة تجسدت في تغيير اتجاه جسده بمرونة فائقة، مستغلًا تمريرة زميله الذكية ليحولها ببراعة إلى شباك جيرونا.

كان الهدف في غاية الأهمية، حيث أعاد التقدم برشلونة في المباراة وأمن له نقاطًا ثمينة، هذا الهدف لم يكن هامًا فحسب، بل كان أيضًا هدفًا جميلًا بكل المقاييس، ينم عن حس تهديفي عال ومهارة فردية مميزة يتمتع بها النجم البولندي.

ورغم بعض الإخفاقات التهديفية في تلك المواجهة، إلا أن ليفاندوفسكي أثبت مرة أخرى أنه حاضر دائمًا في اللحظات الحاسمة، ويملك القدرة على هز الشباك عندما يكون فريقه في أمس الحاجة إلى ذلك، لقد كان حضوره في هذا الهدف بالذات بمثابة رد قوي على كل من شكك في قدرته على الحسم في المباريات الكبيرة، بالأخص لأنه لا يوجد الكثير من اللاعبين القادرين على تسجيل تلك الكرة.

كان لغياب الجناح البرازيلي رافينيا تأثير واضح على الأداء الهجومي لفريق برشلونة في مباراتهم ضد جيرونا، فلدقائق طويلة من اللقاء، بدا الفريق الكتالوني عاجزًا عن هز شباك المنافس، مفتقدًا للحلول الفردية والقدرة على اختراق الدفاعات التي يتميز بها رافينيا على الطرف.

هذا الغياب أدى إلى تعقيد المباراة بشكل ملحوظ على برشلونة، حيث استمر التعادل السلبي مخيمًا على اللقاء لفترة أثارت قلق الجماهير، لولا هدف يامال ولولا الحاسة التهديفية العالية التي يتمتع بها روبرت ليفاندوفسكي، والتي ظهرت في اللحظة المناسبة ليمنح فريقه هدف التقدم الثاني، لكانت المباراة قد اتخذت مسارًا أكثر صعوبة على رفاق فليك.

لقد أنقذت براعة ليفاندوفسكي برشلونة في تلك اللحظة، وحولت تعقيدات المباراة إلى فوز مريح نسبيًا، مؤكدة على الأهمية الكبيرة التي يتمتع بها رافينيا في منظومة الفريق الهجومية.

عدل المدرب هانز فليك بشكل ملحوظ من أداء برشلونة ومنح الفريق عمقًا تكتيكيًا وبشريًا ملحوظًا، خاصة بالنظر إلى الظروف المالية الصعبة التي عانى منها النادي مؤخرًا.

ففي مباراة جيرونا الأخيرة، برز اسم الشاب فيرمين لوبيز كمثال حي على هذا التحول، حيث قدم مستويات رائعة في خط الوسط وأظهر نضجًا تكتيكيًا لافتًا.

ولم يكن لوبيز الوحيد الذي تحسن مستواه تحت قيادة فليك، فقد شهدنا أيضًا تطورًا كبيرًا في أداء النجم الهولندي فرينكي دي يونج، الذي كان يقدم مستويات باهتة في فترات سابقة ولكنه استعاد الكثير من بريقه مع المدرب الألماني.

كذلك استطاع الشاب الآخر جيرارد مارتين بعد أن حل بديلًا أن يصنع هدفًا بشكل شبه فوري لفيرمين لوبيز، مؤكدًا على الخيارات المتعددة التي باتت متاحة أمام فليك.

ويتجلى تأثير فليك أيضًا في اللمسات التكتيكية الدقيقة، ففي كرة الهدف الثالث ضد جيرونا، استطاع فرينكي دي يونج، بفضل عودته لتقديم مستويات طيبة تحت قيادة الألماني أن يصنع الهدف ببراعة، حيث منح تمريرة متقنة لروبرت ليفاندوفسكي الذي لم يتردد في إسكانها الشباك.

وفي نفس الكرة كان تحرك فيران توريس مثاليًا ومنح ليفاندوفسكي الفرصة لاستلام الكرة وتعديلها وتسديدها بشكل جيد في شباك الفريق الضيف.

كل هذا يأتي بعد أشهر قليلة فقط من شكاوى عديدة داخل النادي الكتالوني بسبب الأزمات المالية التي كانت تعيق قدرة الفريق على دعم صفوفه بلاعبين جدد، مما يبرز قدرة فليك على استخراج أفضل ما لدى اللاعبين المتاحين وتطويرهم.

في نهاية المطاف، يمكن القول بأن فوز برشلونة على جيرونا لم يكن مجرد ثلاث نقاط تضاف إلى رصيد الفريق، بل كان شهادة حية على قدرة الفريق على تجاوز الصعاب، سواء بغياب لاعبين مؤثرين أو حتى في ظل أداء غير مثالي في بعض فترات اللقاء.

لقد أظهرت المباراة قيمة الخبرة والحس التهديفي العالي لروبرت ليفاندوفسكي، كما سلطت الضوء على أهمية العمق الذي بدأ يوفره المدرب فليك للفريق، مع بروز أسماء واعدة مثل فيرمين لوبيز وجيرارد مارتين وتحسن مستوى لاعبين آخرين كدي يونج.

ورغم بعض الهفوات الدفاعية من المنافس التي ساهمت في النتيجة، إلا أن برشلونة استحق الانتصار في مجمله، مؤكدًا على أنه سيقاتل على كل نقطة ليحسم لقب الدوري أمام ريال مدريد.