بداية أم نهاية؟ ملامح مشروع باريس سان جيرمان بعد مبابي

قبل 18 شهراً، كان رحيل مبابي، بهذه السرعة أمراً غير مرجح وفي نهاية موسم 2021-22، صدم النجم الفرنسي الجميع برفضه عرض ريال مدريد الضخم وجدد عقده مع باريس سان جيرمان حتى عام 2025 وأصبح لاعب كرة القدم الأعلى أجراً في العالم.

وكان أي أمل في انضمامه إلى ريال مدريد قد انتهى، لكن الأمور تتغير بسرعة عندما يتعلق الأمر بمبابي، الذى لم يتوقف أبدًا عن مغازلة مدريد، وفي الصيف الماضي كان يقترب من الانتقال لهم وتوترت علاقته كثيرًا بباريس الذى وافق على بيعه ولكن لفريق الهلال السعودي وهو ما رفضه اللاعب.

إن رحيل مبابي، المرتقب سيسدل الستار على حقبة باريس سان جيرمان التي وعدت بالكثير، خاصة في دوري أبطال أوروبا.

ومنذ أن تولى الخليفي، المسؤولية في عام 2012، ضم النادي نجمًا تلو الآخر، وأنفقوا مبالغ باهظة من أجل حلم التتويج بدوري أبطال أوروبا ولكن لم ينجحوا وجاءت إخفاقات الباريسيين بدءًا من إهدار تقدم كبير إلى عروض كارثية وركلات ترجيح مؤسفة والخسارة النهائية المثيرة في عام 2020.

ومن المؤكد أن ثقل التوقعات على باريس ونجومه لعبت دورًا كبيرًا فى فشلهم الأوروبى.

لم يكن أي إخفاق لباريس سان جيرمان كارثي مثل ما حدث في عامي 2022 و2023، وقال ميسي، إنه لم يكن يريد حقًا أن يكون لاعبًا في باريس ولم يتمكن الفريق الذي يحتوي على النجم الأرجنتيني ونيمار ومبابي من تجاوز دور الـ16 فى دوري الأبطال.

ولم يتمكن المدرب ماوريسيو بوتشيتينو، أولاً ثم كريستوف جالتييه من فعل الكثير لتحسين أداء الفريق المضطرب ورغم لعب ميسي ونيمار ومبابي، معًا ولكن تركيز الفريق على خط الهجوم فقط دون الاهتمام بالمراكز الأخرى أثر بالسلب على الفريق بأكمله.

رغم أن قصة مبابي، استحوذت على معظم العناوين الرئيسية حول باريس سان جيرمان في الصيف الماضي، ولكن قام النادى بتغير هام في الإستراتيجية الخاصة بهم، وأنفق الباريسيون ما يقرب من 400 مليون يورو على اللاعبين الشباب.

وضم الفريق الباريسي المهاجمون جونسالو راموش، البالغ من العمر 22 عامًا، وراندال كولو مواني 24 عامًا وبرادلي باركولا 20 عامًا، بالإضافة إلى لاعبي الوسط لي كانج إن 22 عامًا ومانويل أوجارتي، وحتى الوافدين الجدد الأكثر خبرة، وهم عثمان ديمبيلي، يبلغ من العمر 26 عامًا ولوكاس هيرنانديز 27 عامًا.

وتعاقد النادى مع لويس إنريكي، من أجل الحفاظ على الانسجام في غرفة الملابس وهو المدرب الذي أجبر تشافي على الرحيل وأسقط نيمار من برشلونة، وأخبر ماركو فيراتي، بعدم حاجة باريس لخدماته.

ولا يمكن إنكار الإمكانيات الموجودة في فريق باريس سان جيرمان ولكن يبدو أن تغيير الخطة هو الحل الأفضل لمستقبل النادى الفرنسي.

ولم يقتصر باريس سان جيرمان على ضم اللاعبين المحترفين في أوروبا فقط، بل يهدف إلى بناء فريق جديد، وحريصون على ضم لاعبًا من أمريكا الجنوبية.

لقد خطف ريال مدريد ومانشستر سيتي، تحديدًا نجوم رائعين وشباب من أندية فى البرازيل والأرجنتين بالسنوات الأخيرة، وهناك المزيد في الطريق أيضًا، حيث من المقرر أن ينضم اللاعب البرازيلي المراهق إندريك، أخيرًا إلى مدريد هذا الصيف، بينما يعود "ميسي الجديد" الأرجنتيني، كلاوديو إيتشيفيري، إلى ريفر بليت على سبيل الإعارة بعد الاتفاق على الانتقال إلى السيتى في يناير الماضي.

والآن، باريس سان جيرمان يلحق بالركب ودخلوا في سباق شرس للتعاقد مع إندريك ثم فيتور روكي، الذي اختار برشلونة في النهاية ولكن فى يناير الماضي تعاقدوا مع مدافع ساو باولو لوكاس بيرالدو، ولاعب خط وسط كورينثيانز جابرييل موسكاردو، مقابل 40 مليون يورو.

وكان الثنائي مرتبطين بالانتقال لأندية الدوري الإنجليزي لكن باريس سان جيرمان تمكن من ضمهم لمشروعه الجديد ولن يكونوا أخر من يصلوا إلى العاصمة الفرنسية.

وبالإضافة إلى تطويرهم فى ملف الصفقات يتطلع باريس سان جيرمان أيضًا إلى الاهتمام بالنادى حيث تم الانتهاء من إنشاء مكان التدريب الجديد الخاص بهم والذي يبلغ تكلفته 300 مليون يورو، ويقع على بعد 15 ميلاً غرب وسط مدينة باريس، بالإضافة إلى بناء حرم جامعي جديد فخم.

وأخرج الباريسيون بعضًا من أفضل جواهر الأكاديمية مثل كينجسلي كومان، وكريستوفر نكونكو، وموسى ديابي، وتم بيعهم للفرق الكبرى قبل أن يكون لهم تأثير حقيقي مع الفريق الأول بباريس.

ولكن تحول باريس فى الفترة الماضية وأصبح يهتم بمواهبه المحلية ويستخدمها، حيث لعب وارن زائير إيمري، البالغ من العمر 17 عامًا، وجوهرة الأكاديمية، خامس أكبر عدد من الدقائق من بين أي لاعب في باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي هذا الموسم على الرغم من غيابه لمدة ثلاثة أسابيع بسبب الإصابة.

ومن المتوقع أن ينضم كل من إيثان مبابي وسيني مايولو وإسماعيل الغربي، إلى الفريق الأول في الأشهر المقبلة، في حين يبدو أن تشافي سيمونز، وهو في الأصل لاعب "لا ماسيا" وانضم إلى باريس سان جيرمان في سن 16 عامًا مستعدًا للعب دور كبير في العام المقبل بعد عودته من الإعارة إلى لايبزيج، وبدون الأسماء الكبيرة، الباب مفتوح للاعبين المحليين لإحداث تأثير كبير.

يمتلك باريس سان جيرمان فرصة ثمينة للنجاح ونعم قد يكون أفضل هداف وأفضل لاعب بالفريق في طريقه للرحيل، ولكن في أعقاب رحيله، هناك فرصة للفريق المتعثر أن يصبح أفضل.

وفى الماضي تم تجميع فريق خارق ولكن غير مثالي، وجلب سلسلة من النجوم على أمل الفوز بدوري أبطال أوروبا وهذا لم يحدث، والآن أصبح بإمكان الباريسيين أخيرًا بناء فريق متكامل بأقل تكلفة.

وللمرة الأولى، أصبح هناك خارطة طريق لتحقيق النمو في باريس بوجود زائير إيمري وسيمونز، وإذا ظلت سياسة الانتقالات ثابتة، فيمكن إضافة البطولات لباريس ورغم أن لقب دوري أبطال أوروبا لا يزال بعيدًا، لكن رحيل مبابي قد يقرب الفريق الفرنسي من حلمه المستحيل.

TOD TV