GOAL ONLY Sanchez YamalGoal AR

إشبيلية وبرشلونة | رسالة إلى يامال: حبر الصحافة يجف.. ويبقى ما يكتبه سانشيز بقدميه في الميدان

في عالم كرة القدم الحديث، الذي يحتفي بالشباب وسرعتهم وقدرتهم على التحمل، غالبًا ما يُنظر إلى اللاعبين المخضرمين بعين الشك.

تصبح كل صفقة انتقال للاعب تجاوز الثلاثين بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر، وتُطرح الأسئلة حول ما تبقى في خزان وقوده.

هذا بالضبط ما واجهه النجم التشيلي أليكسيس سانشيز عند عودته المفاجئة إلى الدوري الإسباني عبر بوابة إشبيلية، وهي خطوة لخصها لسان حال الكثيرين، نجم برشلونة الشاب لامين يامال، بتلقائية حين وصفها بـ"الصفقة الغريبة".

  • FBL-ESP-LIGA-SEVILLA-BARCELONAAFP

    شرارة أشعلها "الغريب"

    كانت تلك الكلمة بمثابة شرارة أشعلت فتيل مواجهة لم تكن فقط بين ناديين كبيرين، بل بين فلسفتين: فلسفة الحاضر والمستقبل التي يمثلها يامال، وفلسفة الخبرة والمثابرة التي يجسدها سانشيز.

     رد التشيلي على تصريح يامال كان هادئًا وواثقًا، حيث أرجع الأمر إلى كونه لاعبًا سابقًا في برشلونة، لكن عينيه كانتا تحملان بريقًا يوحي بأن الرد الحقيقي لم يُقل بعد.

    ورغم أن القدر شاء أن يغيب يامال عن مواجهة ملعب "رامون سانشيز بيزخوان" بداعي الإصابة، فإن غيابه لم يمنع سانشيز من إرسال رسالته المدوية التي عبرت القارات لتصل إلى كل من شكك في قدراته.

    دخل إشبيلية المباراة وهو في أمس الحاجة إلى بطل، إلى قائد يلهمه في مواجهة عملاق بحجم برشلونة، وكان سانشيز على الموعد، ليس فقط كلاعب، بل كرمز للقتالية.

    منذ الدقيقة الأولى، بدا واضحًا أن التشيلي لا يلعب مباراة عادية، كانت تحركاته تحمل تصميمًا، ونظراته تخفي تحديًا، كان يضغط على المدافعين، يطلب الكرة في المساحات، ويقاتل على كل كرة مشتركة وكأنها الأخيرة في مسيرته.

  • إعلان
  • Alexis Sanchez SivigliaGetty Images

    من نقطة الجزاء.. رد صاخب بلا مجاملات

    ثم أتت الدقيقة الثالثة عشرة، اللحظة التي تكثفت فيها كل الدراما السابقة، ركلة جزاء، وضغط هائل، وحارس مرمى مخضرم تحت شباك برشلونة.

    تقدم سانشيز بهدوء المحاربين القدامى، ووضع الكرة في الشباك بدقة متناهية، لكن القصة الحقيقية لم تكن في الهدف نفسه، بل فيما تلاه، فانفجر سانشيز في احتفال صاخب، لم يكن فيه أي ذرة من المجاملة أو الحنين لفريقه السابق. 

    كانت صرخة مدوية أطلقها نحو جماهير إشبيلية التي تبنته، صرخة تقول: "أنا هنا، أنتمي لهذا المكان، وأقاتل من أجل هذا الشعار"، لقد رفض تمامًا فكرة الاحتفال الخافت الذي يقوم به اللاعبون عادةً ضد أنديتهم السابقة، ليؤكد أن ولاءه الكامل الآن هو للونين الأبيض والأحمر.

  • FBL-ESP-LIGA-SEVILLA-BARCELONAAFP

    أكثر من مجرد هدف.. أرقام تروي قصة القائد

    لكن اختزال أداء سانشيز في ركلة جزاء سيكون إجحافًا كبيرًا بحقه، فالشوط الأول كان بمثابة درس متكامل في كيفية قيادة خط الهجوم.

    أرقامه كانت شاهدًا على تأثيره العميق: 21 لمسة للكرة، ونسبة تمريرات صحيحة بلغت 90%، وهي نسبة تعكس هدوءه وقدرته على اتخاذ القرار السليم تحت الضغط، صحيح أن تلك النسبة انخفضت في الشوط الثاني لكن عامل الإرهاق كان كبيرًا.

    لم يكن مجرد لاعب ينتظر الكرة في الصندوق، بل كان محطة رئيسية في بناء اللعب، وهو ما أظهرته تحركاته التي كشفت عن تواجده في مختلف مناطق الثلث الهجومي.

    الدليل الأبرز على رؤيته وقيمته كصانع لعب جاء في الدقيقة 35، عندما مرر كرة حريرية إلى زميله إسحاق روميرو، وضعه بها في انفراد شبه تام، وهي فرصة كادت أن تضاعف النتيجة لولا غياب اللمسة الأخيرة، وهذا النوع من التمريرات هو ما يميّز اللاعب ذو الجودة العالية عن غيره.

    ولم يكتف سانشيز بالتألق الهجومي، بل جسّد مقولته بأنه يعمل ليلعب "كشاب في العشرين" من خلال مجهوده الدفاعي. 

    إحصائياته الدفاعية في الشوط الأول وحده - 3 تدخلات ناجحة واعتراض للكرة ووصلت إلى خمسة تدخلات في نهاية اللقاء - تروي قصة لاعب يدرك أن كرة القدم الحديثة تتطلب الالتزام من المهاجم قبل المدافع، كان أول خط دفاع لفريقه، يطارد لاعبي برشلونة ويجبرهم على ارتكاب الأخطاء.

  • FBL-ESP-LIGA-SEVILLA-BARCELONAAFP

    بيت القصيد: رسالة وصلت.. والرهان قد رُبح

    في النهاية، وبغض النظر عن صافرة النهاية وما حملته من نتيجة، فإن أليكسيس سانشيز قد ربح رهانه الشخصي.

    لقد حوّل التعليق العفوي من لاعب شاب إلى دافع ليقدم أداءً استثنائيًا يثبت فيه أن العمر في شهادة الميلاد لا يعكس دائمًا ما يستطيع اللاعب تقديمه على العشب الأخضر.

    رسالته كانت واضحة: قد تكون الصفقة "غريبة" في نظر البعض، لكن الأداء كان "عبقريًا" في عيون من يفهمون أن الشغف والموهبة لا يعترفان بالزمن، لقد أسكت سانشيز المنتقدين، والأهم من ذلك، أنه ألهب حماس جماهير إشبيلية التي وجدت فيه القائد الذي كانت تبحث عنه وأبلغ يامال بشكل ضمني أن التصريحات وأقلام الصحف تجف بمرور الوقت، لكن في نهاية المطاف يبقى الأداء على أرض الملعب هو الفيصل.