إنما للصبر حدود .. 114 نقطة وأشياء أخرى تقود آرسنال لإزاحة مانشستر سيتي من عرش الدوري الإنجليزي!

الكاميرات داخل غرفة ملابس آرسنال أظهرت أرتيتا وهو يستخدم العديد من المقولات والمأثورات الهامة من أجل تحفيز لاعبيه، ولكنه نسى أن يقول لنفسه واحدة من أهم جمل العالم الشهير ألبرت أينشتاين.

"الغباء هو تكرار فعل نفس الشيء عدة مرات وتوقع نتائج مختلفة".. وهنا نتحدث عن إصرار آرسنال بصفة مستمرة على عدم تدعيم الفريق بالشكل الكامل وترك بعض الفراغات القليلة التي تصنع الفارق في النهاية.

آرسنال بدأ الميركاتو الصيفي الجاري بالتعاقد مع ريكاردو كالافيوري أحد نجوم يورو 2024 من بولونيا، في تجسيد لاهتمام أرتيتا بدعم الدفاع وإهمال الجانب الهجومي تمامًا.

صحيفة "ديلي ميل" البريطانية كانت أول من تحدث عن هذا الأمر، وقالت إن أرتيتا أنفق 240 مليون جنيه استرليني على 11 مدافعًا مع آرسنال بوصول كالافيوري، مما يعكس اهتمامه بخط الدفاع الذي تحسن كثيرًا وتحول من أضحوكة إلى أحد أفضل الدفاعات في أوروبا، ولكنك لا يمكنك الفوز بالبطولات عن طريق الاهتمام بنصف اللعبة فقط!

المدرب الإسباني لم يتعاقد حتى الآن سوى مع 3 لاعبين هجوميين طوال مشواره التدريبي مع آرسنال، وهم جابرييل جيسوس وماركينيوس ولياندرو تروسار، مع الوضع في الاعتبار أن كاي هافيرتس جاء كلاعب وسط قبل تحويله إلى مهاجم، وهو ما انعكس بالسلب على المردود الهجومي للفريق في اللحظات الحاسمة.

وخلال الميركاتو الصيفي الحالي لم نشهد أي محاولة جادة للتعاقد مع مهاجم جديد سوى بنجامين شيشكو الذي قرر الاستمرار في لايبزيج، رغم حاجة الفريق المُلحة لتدعيم هذا المركز بالإضافة للتعاقد مع جناح جديد يمكنه المداورة مع المتألق بوكايو ساكا والمتخبط جابرييل مارتينيلي، مع الإبقاء على تروسار كورقة رابحة!

آرسنال يحتاج كذلك إلى لاعب وسط خلاق بعد رحيل سميث رو، من أجل اللعب بجوار ديكلان رايس، وأيضًا حارس مرمى كبديل ومنافس لآرون رامسديل الذي أصبح على وشك الرحيل.

نافذة الانتقالات تغلق قريبًا، وآرسنال بحاجة إلى 4 لاعبين دفعة واحدة، لذلك يبدو أن أرتيتا لن يتعلم من مقولة أينشتاين، إن لم يفاجىء الجميع بإتمام هذه الصفقات قبل نهاية الميركاتو لتفادي أي عجز أو أزمة، خاصة وأنه لا يمتلك أي عذر لتوافر الأموال!

في الأيام القليلة الماضية ظهرت أنباء قوية حول اقتراب آرسنال من التعاقد مع ميكيل ميرينو لاعب ريال سوسييداد، كتدعيم جديد في خط وسط المدفعجية، وهي الصفقة التي قد يكون على النادي اللندني التراجع عنها.

ميرينو لاعب مميز وجذب الأنظار بفضل تألقه مع سوسييداد، ودوره كلاعب بديل في فوز إسبانيا بيورو 2024، ولكنه يمتلك العديد من صفات جرانيت جاكا الذي تخلى عنه آرسنال الصيف الماضي من أجل التدعيم بلاعب أفضل.

بعد رحيل جاكا وجد آرسنال صعوبة هائلة في إيجاد الاسم الأنسب للعب بجوار رايس كلاعب رقم 8، حيث تم الاعتماد على جورجينيو، فابيو فييرا، سميث رو وكاي هافيرتس، ولم ينجح منهم سوى جورجينيو، لكن الإيطالي لا يمتلك اللياقة الكافية للعب بهذا المستوى بصفة مستمرة ووجوده يعني تواجد رايس بأدوار هجوميًا بعيدًا عن دوره الرئيسي كمحور دفاعي.

ميرينو البالغ من العمر 28 سنة لن يكون صفقة سيئة، ولكن هناك العديد من المواقف التي مر بها آرسنال الموسم الماضي، تثبت أنه بحاجة إلى لاعب مرن ومهاري يجيد المراوغة والتحرك بين الخطوط ويتمتع بقدر كبير من السرعة التي لا يتمتع بها الدولي الإسباني.

آرسنال عانى الموسم الماضي أمام الفرق المنظمة دفاعيًا، وبالتحديد في مباراتين تسببا في قتل حظوظه تمامًا في الخروج بأي بطولة، الأولى كانت بالخسارة من أستون فيلا في البريميرليج، وهي المباراة التي منحت سيتي اللقب.

والثانية كانت أمام بايرن ميونخ في إياب الدور ربع النهائي من دوري أبطال أوروبا، واكتفى وقتها الفريق بالتمرير على حدود منطقة الجزاء دون جدوى، لأنه لم يمتلك اللاعب القادر على حمل الكرة واختراق الدفاع وتفكيكه، وميرينو ليس هذا اللاعب، لذلك يجب البحث عن لاعب وسط آخر أكثر ديناميكية منه!

أوقع أرتيتا نفسه في ورطة كبيرة الصيف الماضي، عندما قرر التعاقد مع كاي هافيرتس من تشيلسي مقابل 75 مليون يورو، كبديل لجرانيت جاكا وشريك لديكلان رايس في خط الوسط.

هافيرتس فشل بشكل ذريع في مركز لاعب الوسط رقم 8، ليتم نقله كمهاجم بعد إصابة جابرييل جيسوس، ليتحسن مستواه ويصل رصيده التهديفي إلى 14 هدفًا بكل البطولات.

الغريب أن المستوى المتوسط الذي ظهر به هافيرتس في الموسم بشكل عام، وتألقه على فترات بالنصف الثاني، جعل آرسنال يفكر جديًا في التخلي عن صفقة المهاجم خاصة بسبب الأرقام التهديفية المبهرة التي حققها الفريق بالنسخة الماضية من البريميرليج، وهي مجازفة قد تنهي مشروع أرتيتا تمامًا وتقضي عليه.

على الإسباني التعلم من دروس الماضي، عندما كان آرسنال على وشك الفوز بالدوري في موسم 2015/2016، ولكن أوليفييه جيرو حرم المدفعجية من ذلك بسبب مستواه المتواضع، مع الوضع في الاعتبار أن الفرنسي كمهاجم يعتبر أفضل من هافيرتس.

لو قرر أرتيتا المجازفة والاعتماد على الألماني كمهاجم أساسي وتمسك بوجود جيسوس وإيدي نكيتيا، سيكون عليه ألا يلوم أحد سوى نفسه عندما ينتهي الموسم وهو في المركز الثاني أو حتى الثالث أو الرابع لو استفاق ليفربول ومانشستر يونايتد وربما تشيلسي!

الحل الأنسب لهافيرتس مع آرسنال الموسم القادم هو الاعتماد عليه كورقة رابحة فقط مع خيسوس، والتخلي تمامًا عن نكيتيا، والتعاقد مع مهاجم جديد يمكنه تسجيل أكثر من 20 هدفًا في الموسم، ويستطيع صناعة الفارق عندما لا يكون آرسنال في أفضل حالاته.

عندما ترى الكرة مع زينتشينكو، ستتمنى سريعًا أن يكون اللاعب الذي يرتدي قميص فريقك المفضل، ولكن عندما لا تكون معه ستحلم بأن يكون كل مدافعي الخصوم مثله!

الأوكراني يمتلك قدرات تقنية عالية جدًا في التمرير والتحكم بالكرة، لكنه ينهار تمامًا من الناحية الدفاعية تحت أدنى درجات الضغط، مما يجعله بمثابة القنبلة الموقوتة.

زينتشينكو هو البطل الرئيسي لضياع الدوري من آرسنال في موسم 2022/2023، بعد المراوغة التي تعرض لها من ترنت آرنولد في التعادل أمام ليفربول 2/2 على ملعب أنفيلد، وهي النتيجة التي تبعها نزيف النقاط الذي حرم الفريق من الفوز بالبريميرليج.

وكرر الأمر ذاته في مباراة أستون فيلا الشهيرة الموسم الماضي، ليثبت مرة أخرى أنه قد حان وقت التخلي عنه لتجنب كوارثه المتتالية، خاصة وأن رحيله لن يؤثر على الفريق عدديًا بعد عودة يوريان تيمبر وقدوم كالافيوري.

أسماء أخرى يجب على آرسنال التخلي عنها مثل آرون رامسديل، الحارس الذي كلف آرسنال بعض النقاط بسبب فقداته غير المبرر للتركيز، وكذلك إيدي نكيتيا وريس نيلسون، لفتح مساحة بالتشكيل للتعاقد مع مهاجم وجناح بديل لساكا الذي يتم حرقه والضغط عليه بشكل لا يصدق.

نتحول معًا من مقولة أينشتاين إلى أم كلثوم .. "إنما للصبر حدود" وهو لسان حال جماهير آرسنال التي يُطلب منها الانتظار بعد كل فشل، ليتسرب اليأس والتشاؤم بداخلها رغم التحسن الهائل للفريق مع أرتيتا، والخطابات الإيجابية التحفيزية من إيدو جاسبار المدير الرياضي للنادي.

مجرد الاقتراب من النجاح لم يعد كافيًا، والخروج من الموسم القادم دون الحصول على أي بطولة، سيتسبب في صحة العديد من الشكوك حول الإسباني، بأنه مدرب جيد في بناء الفرق ولكنه لا يستطيع إكمال عمله حتى النهاية.

بجانب سوق الانتقالات والفشل المستمر في سد حاجات الفريق وعدم ترك أي ثغرات واضحة، هناك أخطاء أخرى لأرتيتا في الملعب، مثل التمسك ببعض اللاعبين بشكل غريب وعدم إراحة بعض العناصر والفشل في المداورة، وهي الخاصية التي يتميز بها معلمه بيب جوارديولا.

الابتكار الهجومي والتفكير في حلول مختلفة لاختراق الخصوم هي خطوة جديدة يجب على أرتيتا القيام بها لتطوير نفسه، وإلا سيدفع الثمن غاليًا ولن تنفعه صفقاته الدفاعية، وسيتحول موسمه من موعد الحصاد إلى موسم الرحيل!