في مباراة النصر أمام جوا الهندي، فاجأ المدرب البرتغالي جورج جيسوس الجميع بتغييرٍ جذري في أسلوب اللعب، إذ تخلى عن طريقته المعتادة التي تعتمد على أربعة مدافعين، ولجأ إلى خطة 3-5-2 التي تعتمد على ثلاثة لاعبين في الخط الخلفي، في نهج تكتيكي يذكّر كثيرًا بأسلوب المدرب الإيطالي سيموني إنزاجي مع الهلال مؤخرًا.
جيسوس اعتمد في الدفاع على ثلاثي صريح مكوّن من: عبد الإله العمري، إينيجو مارتينيز، وسلطان الغنام، مع توظيف الأخير كقلب دفاع متحرك يساند في عملية البناء من الخلف، وهي فكرة جديدة على الغنام المعتاد على دور الظهير الهجومي.
أما في خط الوسط، فقام المدرب بتطبيق منظومة متكاملة بخمسة لاعبين: ويسلي وأيمن يحيى في مركزي الـ"وينج باك"، لتأمين الأطراف هجوميًا ودفاعيًا.
في العمق، اكتفى بعلي الحسن كلاعب محور ارتكاز وحيد أمام الدفاع، يقوم بقطع الكرات وتنظيم الإيقاع.
أمامه ثنائي Box to Box يتمثل في عبد الرحمن غريب وأنجيلو، حيث يمنحان الفريق ديناميكية عالية بالتحرك بين الخطوط ودعم الهجوم، وأيضًا يتحركان بحرية نحو الجانبين الأيمن والأيسر.
هذا التغيير لم يكن مجرد تعديل مؤقت، بل بدا وكأنه تجربة مدروسة من جيسوس لاختبار أسلوب جديد يمكن الاعتماد عليه في المباريات الكبرى، خصوصًا أمام الفرق التي تضغط بكثافة في وسط الميدان.
اللافت أن الفريق أظهر توازنًا أفضل بين الدفاع والهجوم، ونجح أنجيلو في تقديم واحدة من أفضل مبارياته منذ انضمامه إلى النصر، بفضل حرية الحركة التي منحها له المدرب في العمق.
وما يثير الاهتمام أكثر، أن النصر ليس النادي الوحيد الذي اتجه إلى فكرة اللعب بثلاثة مدافعين، فقبل أيام فقط، كان نادي الهلال قد طبّق نفس الأسلوب مع المدرب سيموني إنزاجي وعدة فرق سعودية بدأت تدرس الفكرة.
هذا التحول التكتيكي قد ينعكس بشكل مباشر على المنتخب السعودي، حيث يواجه المدرب الفرنسي هيرفي رينارد تحديًا جديدًا في كيفية مواكبة هذا التغيير.
فالمدرب الذي اعتاد على اللعب بطريقة 4-2-3-1 أو 4-3-3، قد يجد نفسه مضطرًا لإعادة التفكير في بناء تشكيل "الصقور"، خصوصًا إذا استمر معظم لاعبي المنتخب في أنديتهم باللعب ضمن منظومة 3 مدافعين.
وفي هذه الحالة، سيكون من الطبيعي أن يُعيد رينارد النظر في تمركز الأجنحة والأظهرة، بل وربما يختبر لاعبين جدد في أدوار مختلفة مثل الـ"وينج باك" أو المحور المتحرك.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن أمام مرحلة جديدة من التكتيك في الكرة السعودية؟ وهل سيؤدي نجاح النصر والهلال في هذه التجربة إلى تغيير شامل في هوية اللعب داخل دوري روشن؟
الإجابة قد تظهر في الأسابيع المقبلة، لكن المؤشرات الأولية تؤكد أن ثورة تكتيكية تلوح في الأفق، يقودها مدربون أجانب يملكون الجرأة على التجريب، وقد تُجبر الجميع — حتى المنتخب الوطني — على إعادة رسم خريطته التكتيكية بالكامل.