المهمة ليست سهلة لكنها السعودية .. كأس العالم 2034 من "إلهام قطر إلى رسالة لنجوم العالم"

في السنوات القليلة الماضية.. اكتسبت المملكة العربية السعودية، "خبرة كبيرة" للغاية في استضافة أهم الأحداث الرياضية؛ بمشاركة أكبر الأندية العالمية وأشهر اللاعبين.

السعودية استضافت العديد من بطولات كرة القدم؛ مثل: كأس العالم للأندية، السوبر الإسباني، السوبر الإيطالي، السوبر الإفريقي والسوبر المصري، بالإضافة إلى البطولة العربية.

أيضًا.. احتضنت المملكة الكثير من البطولات الرياضية في الألعاب الأخرى؛ مثل: سباقات فورمولا 1، رالي داكر، عروض المصارعة الحرة والملاكمة، إلى جانب كأس العالم للرياضات الالكترونية.

ومنذ أسابيع قليلة.. كتبت السعودية التاريخ، عندما استضافت البطولة الختامية لتنس السيدات - لأول مرة -، بمشاركة أفضل 8 لاعبات تصنيفًا في العالم؛ كما سبقها تنظيم مسابقة ودية تحت اسم "كأس الملوك الستة"، والتي جمعت أبرز الأسماء في رياضة التنس الرجالي؛ مثل: الصربي نوفاك جوكوفيتش، الثنائي الإسباني رافائيل نادال وكارلوس ألكاراز، والإيطالي يانيك سينر.

لم يتوقف الأمر عند ذلك؛ حيث تستعد المملكة العربية السعودية لاستضافة العديد من الأحداث الرياضية الكبيرة، خلال السنوات القادمة وحتى مونديال 2034؛ أبرزها: كأس أمم آسيا 2027 ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2029.

وخلال الساعات الماضية.. ترددت أنباء عن دراسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، إقامة كأس العالم للأندية 2033 بـ"النظام الجديد"، الذي يشهد مشاركة 32 فريقًا من مختلف القارات، في المملكة العربية السعودية.

قطر كتبت التاريخ؛ عندما أصبحت "أول دولة عربية" تستضيف بطولة كأس العالم؛ حيث نظمت هذا العرس الكروي الكبير على أراضيها، في الفترة من 20 نوفمبر إلى 18 ديسمبر 2022.

ورغم "صغر مساحة" قطر، إلا أنها أبهرت العالم أجمع، في تنظيم بطولة كأس العالم 2022؛ سواء من حيث سهولة التنقل، أو جودة الملاعب والمنشآت التدريبية والفنادق.

وشكك الكثيرون في قدرة الدوحة القطرية على استضافة وفود 32 دولة من مختلف القارات؛ حيث طالبوا بإقامة بعض مباريات البطولة، في دول أخرى مجاورة.

لكن.. الحكومة القطرية رفضت هذا الأمر تمامًا، وأعلنت التحدي الذي كانت على قدره بالفعل؛ حيث خرجت بواحدة من أفضل نسخ كأس العالم عبر التاريخ، والتي توّج بها المنتخب الأرجنتيني، بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي.

هذا النجاح القطري ألهم السعوديين؛ الذين رأوا بأن إمكانات دولتهم، سواء من حيث المهارات البشرية أو المساحة والمال والمناطق السياحية الخلابة، تجعلهم قادرين على استضافة كأس العالم 2034 بشكل منفرد؛ حتى ولو بمشاركة 48 منتخبًا.

وبالفعل.. عززت السعودية في السنوات الأخيرة، من مكانتها كواحدة من أبرز دول العالم، في مجالات السياحة والترفيه وحتى في خدمات الاتصال ونقل المعلومات والبث المباشر.

أعلنت المملكة العربية السعودية عند التقدم بـ"ملف" الترشح لاستضافة كأس العالم 2034، إقامة البطولة على 15 ملعبًا في 5 مدن مختلفة؛ هي: "الرياض، جدة، الخبر، أبها ونيوم".

ومن بين الملاعب الـ15 التي ستستضيف البطولة، "8 استادات" بدأ العمل على تأسيسهم بالفعل؛ وهو ما عزز من قدرة المملكة على استضافة بطولة كأس العالم 20234، بشكل منفرد.

العاصمة "الرياض" هي المحتضنة للعدد الأكبر من المباريات والملاعب؛ حيث سيكون ملعب الملك سلمان الدولي، الذي سينتهي تأسيسه عام 2029، ويتسع لـ92 ألف مشجع، هو الاستاد الرئيس لبطولة كأس العالم 2034؛ وذلك باستضافة مباراتي الافتتاح والنهائي.

الملعب الثاني سيكون استاد مدينة الملك فهد الرياضية، وسينتهي في عام 2026، مع قدرة استيعابية تزيد عن 70 ألف مشجع؛ ومن المقرر أن يستضيف عددًا من المباريات، أبرزها نصف النهائي.

وإلى جانب ملعبي الملك سلمان الدولي ومدينة الملك فهد الرياضية؛ سيكون استاد الأمير محمد بن سلمان الذي سينتهي تأسيسه عام 2029، مع قدرة استيعابية تقارب 50 ألف مشجع، أحد أهم الملاعب في بطولة كأس العالم 2034؛ حيث سيستضيف مباراة تحديد المركز الثالث.

أما باقي الملاعب في العاصمة "الرياض"؛ تأتي على النحو التالي:

* ملعب جنوب الرياض "47 ألف مشجع".

* ملعب المربع الجديد "46 ألف مشجع".

* ملعب روشن "46 ألف مشجع".

* ملعب مدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية "46 ألف مشجع".

* ملعب جامعة الملك سعود "ستزيد قدرته الاستيعابية إلى 46 ألف متفرج".

وبخصوص مدينة جدة.. ستقام مباريات كأس العالم 2034؛ على ملاعب "مدينة الملك عبد الله الرياضية (الجوهرة المشعة)، ساحل القدية، مشروع وسط جدة وملعب مدينة الملك عبدالله الاقتصادية".

وبجانب الرياض وجدة.. ستلعب باقي مباريات المونديال؛ في ملعب "أرامكو" بمدينة الخبر، وملعب "جامعة الملك خالد" في أبها، إلى جانب ملعب "نيوم" الفريد من نوعه، بوجوده على ارتفاع يزيد عن 350 مترًا فوق سطح الأرض.

تسير المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة، نحو تطوير "البنية التحتية" في البلاد، التي ستجعل ظروف الإقامة في الفنادق والتنقل بين المدن، أفضل بكثير؛ وهو ما دفعها لاستضافة كأس العالم 2034 "منفردة".

السعودية جهزت 230 ألف وحدة فندقية، موزعة على المدن التي ستستضيف بطولة كأس العالم 2034، والداعمة لها أيضًا، إلى جانب 134 منشأة تدريبية.

وسيكون "مترو الرياض" الذي يعتبر أطول مترو في العالم بدون سائق؛ أحد أضخم المشاريع التي ستعتمد عليها المملكة، عند استضافة المونديال؛ حيث سيقلل من أوقات التنقل بين المدن.

كل ذلك يأتي إلى جانب توفير 16 مطارًا دوليًا؛ سيجعل السعودية بالقرب من 60% من دول العالم؛ وهي خطوة تجعل استضافة وفود 48 بلدًا، أمرًا سهلًا وبسيطًا للغاية.

أيضًا.. ستقل الأعباء المالية على الحكومة السعودية، عند استتقبال هذا العدد الهائل من الوفود؛ وذلك من خلال المشاريع التي تعتمد على تقليل استهلاك المياه والطاقة، واستخدام مواد بناء صديقة للبيئة "قابلة لإعادة التدوير".

حسب دراسة أعدها "صندوق النقد الدولي"؛ جنت قطر ما يتراوح بين 2.3 و4.1 مليار دولار، من إيرادات "الإنفاق السياحي وحقوق البث" المرتبطة باستضافة كأس العالم 2022.

ومن حيث القيمة المضافة الإجمالية؛ يُعادل ذلك ما بين 1.6 و2.4 مليار دولار، أي ما بين 0.7% و1% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة في 2022.

كل ذلك يؤكد على أن المملكة العربية السعودية، ستحقق مكاسب مالية ضخمة للغاية، من استضافة بطولة كأس العالم 2034؛ خاصة مع زيادة عدد الوفود والسائحين القادمين للدولة.

وفي هذا السياق.. توقع عبدالحميد العمري، عضو جمعية الاقتصاد السعودية، أن يصل حجم اقتصاد المملكة بحلول عام 2034 - الذي يشهد استضافة المونديال -، إلى تريليوني دولار.

ومن ناحيته.. أشار الدكتور أيمن فاضل، عضو مجلس الشوري وعميد كلية الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة سابقاً، في تصريحات مع صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أن قطر حققت مكاسب إجمالية تقدر بـ17 مليار دولار، في مختلف القطاعات؛ عندما استضافت كأس العالم 2022.

فاضل أوضح أن هذه المكاسب المالية الضخمة التي حققتها قطر في 2022؛ جاءت بعددٍ أقل من المنتخبات، بالمقارنة مع العدد الذي سيتواجد في كأس العالم 2034؛ وهو ما يعني أن هذه الأرقام ستتضاعف بالنسبة للسعودية، خاصة أنه لا يوجد من يشاركها فيها.

من يستطيع استضافة بطولة يشارك فيها 48 منتخبًا من مختلف قارات العالم؛ سيكون من السهل عليه أن ينظم المسابقات المحلية في بلاده، وعلى أعلى مستوى ممكن، وأن يوفر سُبل الراحة لجميع اللاعبين، سواء في جدولة المباريات أو التنقلات والإقامة.

ومن هُنا.. ستعزز استضافة السعودية لبطولة كأس العالم 2034 "منفردة"، من قيمة المسابقات المحلية في البلاد؛ وبالتالي تشجيع أبرز نجوم العالم "الكبار"، في الانضمام إلى أندية المملكة المختلفة.

ويُعتبر الدوري السعودي للمحترفين حاليًا، وجهة لأبرز نجوم العالم؛ خاصة بعد التعاقد مع الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو، الذي انضم إلى الفريق الأول لكرة القدم بنادي النصر في يناير 2023.

أعقب التعاقد مع رونالدو.. قدوم عدد كبير من أبرز النجوم إلى الدوري السعودي؛ على رأسهم: "نيمار جونيور (الهلال)، كريم بنزيما (الاتحاد)، رياض محرز (الأهلي)"، وغيرهم الكثير.

وعلى الرغم من تواجد كل هؤلاء النجوم؛ إلا أن بعض المسؤولين عن اللعبة الأكثر شعبية، لا يزالوا يشككون في قدرات السعودية، خاصة من ناحية "البنية التحتية"؛ وهو الأمر أيضًا الذي دفع بعض اللاعبين الكبار لرفض القدوم إلى المملكة.

كل ذلك من المؤكد أنه سينتهي تمامًا في السنوات القادمة؛ بعد اكتمال المشاريع الضخمة والملاعب التي ستستضيف المونديال؛ وهو ما سيكون بمثابة التعزيز الكبير لسمعة الدوري السعودي للمحترفين.

جدير بالذكر أن المسؤولين في السعودية، أكدوا منذ إطلاق المشروع الرياضي الضخم في البلاد عام 2023؛ أنهم يخططون لأن يصبح دوري روشن للمحترفين؛ ضمن أقوى 5 مسابقات على مستوى العالم.