علي رفعت فيسبوك تويتر
استيقظ عشاق فريق ليفربول يوم الخامس عشر من أبريل عام 1989 يفكرون في شيء واحد فقط، هو مباراة فريقهم أمام نوتنجهام فورست في نصف نهائي كأس إنجلترا.
الجماهير تمني نفسها بتحقيق اللقب والعودة محتفلين في نهاية اليوم، حتى قبل أن تتناول فطورها أو تبدأ يومها، التفكير يلازمهم طوال اليوم حتى الوصول للملعب.
ومع اقتراب عقارب الساعة من الثالثة مساءً بدأت الجماهير تتوافد على ملعب هيلزبره الخاصة بفريق شيفيلد وينزداي، والذي لا يتسع لأكثر من 35 ألف متفرج.
جماهير الريدز وصلوا للملعب بعدد كبير للغاية تجاوز المقاعد المخصصة لهم، وسرعان ما شعرت الشرطة برائحة الكارثة التي أحاطت بالمكان، وبدأوا في إبعاد الجماهير وتوجيههم لبوابات أخرى بعيدًا عن تلك التي يؤمنوها، فما كان من جماهير الريدز سوى الانصياع.
في تلك اللحظة دخل لملعب اللقاء حوالي ثلاث ألاف مشجع لليفربول لم يكن لهم مكان بداخله، ومر الوقت دون أن يدرك أحد الأمر، وأطلق الحكم صافرة بداية المباراة والملعب مكتظ عن آخره.
إدراك الكارثة
ثلاث دقائق فقط هي كل ما تطلبه الأمر لتدرك الجماهير أن الأعداد أصبحت أكثر مما يمكن للملعب أن يتحمله، وبدأت في التدافع كلًا يحاول النجاة بحياته قبل الكارثة.
الأهازيج والأغاني والتشجيع يتحولوا فجأة لصراخ وعويل والقلق على نتيجة المباراة وحب فريق ليفربول تحولا لخوف على الحياة ورعب من مستقبل قد لا يأتي أبدًا.
الأمر ازداد سوءًا فأرض الملعب محاطة بسياج حديدي يقضي على كل من كانوا بجواره وكل من حاول الفرار للأرض الخضراء بعيدًا عن الكتلة الإسمنتية المكتظة بالأجساد البشرية.
GettyImageعدد كبير من الجماهير يهرب بنفسه من الموت فيتسبب في موت آخرون، تعرض في ذلك اليوم 96 من جماهير ليفربول للموت، أغلبهم مات دهسًا.
78 مشجعًا من أصل الـ 96 الذين ازهقت أرواحهم بذلك اليوم كانوا شباب بين أعمار الـ 10 والـ 29 عامًا، ومنهم ست إناث، وتوزع الـ 17 الآخرون بين بقية الفئات العمرية.
ووصل عدد الجرحى في ذلك اليوم لحوالي 770 تنوعت إصابتهم بين الخطيرة والمتوسطة، وتوفي منهم شخص واحد في المستشفى في اليوم التالي للواقعة.
التحقيقات ومقاطعة صحيفة "صن"
أشارت تحقيقات الشرطة في ذلك الوقت إلى وقوع المسؤولية بشكل مباشر على جماهير فريق ليفربول والتي تدافعت بشكل كبير بينما كان عدد ضخم منهم تحت تأثير الكحوليات.
لم تكن تحقيقات الشرطة هي الصدمة الوحيدة لمن نجى من الكارثة، فخرج الصحفي الشهير في صحيفة "صن" كيلفن ماكينزي وأكد أنه توصل لمعلومات خطيرة للغاية بشأن كارثة نصف نهائي الكأس.
ماكينزي أكد أن جماهير ليفربول هي المسؤول الوحيد عن الحادث، وقام بتشويه صورتهم بشكل كبير، بعد أن خصص الصفحة الرئيسية في صحيفته وعدد كبير من الصفحات للحديث عنها.
Social mediaالصحفية اتهمت الجماهير أن معظمهم كانوا في حالة سكر شديدة قبل المباراة، وأنهم قاموا بالتبول على الشرطة وأقدموا على تصرفات عديدة تسببت في الحادث.
رد فعل جماهير ليفربول كان عنيف على ذلك العدد من الصحيفة فقاطعوا الصحيفة تمامًا حتى نشرت اعتذار في صفحتها الرئيسية قبل حوالي 10 سنوات في 2007، وأكدوا خلاله أن ما نشر في ذلك اليوم كان أكبر خطأ في تاريخهم.
العدالة المتأخرة
"أن تأتي متأخرًا خيرًا من ألا تأتي أبدًا" هكذا تقول الحكمة، وهكذا تعاملت جماهير ليفربول مع العدالة المتأخرة التي جاءت بالبراءة للريدز وجماهيرهم وحملت الشرطة المسؤولية.
هيئة المحلفين في القضية وبعد إعادة فتح التحقيقات حملوا الشرطة المسؤولية بشكل كامل، كما حملوا نادي شيفيلد وينزداي وعدد من جماهير ليفربول مسؤولية جزئية عن الحادث.
العدالة انتظرتها جماهير ليفربول لما يقارب ربع قرن قبل أن ينالوها مؤخرًا، لكنهم لم يكفوا قط عن المطالبة بها، ولم يخذلهم القدر في الحصول عليها حتى بعد سنوات طويلة.
الشماتة في تاتشر
بعد وفاة مارجريت تاتشر قبل سنوات لم تنسى جماهير ليفربول تعصبها الكبير ضد كرة القدم بشكل عام وضد جماهيرهم بشكل خاص في تلك القضية.
جماهير الريدز طالما حملوا تاتشر رئيسة الوزراء الإنجليزية مارجريت تاتشر مسؤولية الكارثة الكبيرة بالاشتراك مع الشرطة، في ظل عدم اهتمامها بملاعب كرة القدم بذلك الوقت.
الاحتفالات بمرض تاتشر ثم بوافتها ظهرت في مدرجات الريدز بسبب تسترها على جرائم الشرطة بذلك الوقت وتحويل الحادث لمجرد شغب جماهيري.
مظاهر الاحتفال بوفاة رئيسة الوزراء السابقة جاءت في شكل أغاني وأهازيج في مدرجات أنفيلد رود ولافتات تحمل عبارات الإهانة الشخصية لها.