دائمًا ما كان يتباهى الدوري الإنجليزي الممتاز، ومناصروه بطبيعة الحال وأنا منهم وأعترف بذلك، بتنافسيته، وبقدرة أي فريق على هزيمة الآخر، وكانت هناك أرضية لهذا التباهي خاصة أمام الدوري الإسباني، بالنظر إلى أن ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد احتكروا المراكز الـ3 الأولى في آخر 7 مواسم، مع هيمنة كبيرة لبرشلونة على اللقب في السنوات الأخيرة، مع اقتصار بطولات إسبانيا في دوري الأبطال على القطبين.
لكن على ما يبدو فإن هذه السمعة قد ضربها ليفربول في مقتل، فلم يعد هناك شيء اسمه أي فريق يمكنه الفوز على الآخر في البريميرليج كما كان يُعرف وبناء عليه كانت مكاتب المراهنات تشتعل، لأنه لا أحد حتى هذه اللحظة يُمكنه الفوز على ليفربول، ومنذ فترة كبيرة نشاهد فريقًا إنجليزيًا يغرد بمفرده في الصدارة بهذا الفارق الضخم.
القائمون على الدوري الإنجليزي استغلوا تلك السمعة والتنافسية الكبيرة والتنوع للوصول إلى كافة أرجاء المعمورة، وقد أعلن الدوري الإنجليزي عن نفسه كأكبر بطولات الدوري وأكثرها روعة من بين جميع بطولات كرة القدم في العالم، حتى في الوقت الذي تتألق فيه فرق كبرى أخرى ولاعبون بارزون آخرون في أماكن أخرى في أوروبا.
لكن سمعة البريميرليج تتآكل هذا الموسم بانتهاء المنافسة على اللقب، في المقابل اشتعاله في البطولات الكبرى الأخرى كالإسباني والألماني والإيطالي.
لكن هذا لا يعود لضعف الأندية الإنجليزية لأنها هيمنت على أوروبا الموسم الماضي ببطولتيه دوري الأبطال والدوري الأوروبي، بل لتفوق ساحق لليفربول وحالة غريبة يمر بها الآخرون وظروف طبيعية أخرى.
دعونا نتفق في البداية على أن سباق الدوري الإنجليزي خلال الموسم الماضي كان خياليا؛ حيث كانت المنافسة شرسة للغاية بين مانشستر سيتي وليفربول، مع بداية فصل الربيع، كانت الأمور قد حسمت تماما في الدوريات الأوروبية الكبرى.
لكن من جهة أخرى كان الفارق بين المتصدر مانشستر سيتي وصاحب المركز الثالث تشيلسي 25 نقطة كاملة!

صحيح أن المنافسة كانت شرسة خلال الموسم الماضي، لكنها كانت بين فريقين فقط تصادف أن كلا منهما هو الأفضل في جيله في نفس الموسم! وقد يبدو من الغريب أن تشعر بالانزعاج في ظل هذا التميز.
لقد تألق مانشستر سيتي بشكل استثنائي، وكان ليفربول يطارده بكل شراسة، وقدم الفريقان مستويات تُعادل أو ربما تفوق ما كانت تقدمه أفضل الأندية في السنوات الأخيرة. لكن ماذا عن باقي الأندية الأخرى؟ في الواقع، تعتمد قوة أي دوري في العالم على القدرة التنافسية للأندية المشاركة فيه وقدرة كل منها على التغلب على بعضها البعض، بدلا من أن يكون هناك ناد أو اثنان في المقدمة ويمكنهما سحق بقية الأندية الأخرى!
لقد قسم الدوري الإنجليزي نفسه إلى شرائح أو طبقات خلال السنوات الأخيرة: الفئة الأولى التي تنافس على الصدارة، والفئة الثانية تنافس على المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، والفئة الثالثة تنافس على احتلال مراكز في منتصف جدول الترتيب، وأخيرًا الفئة التي تحتل مؤخرة الجدول وتقاتل من أجل تجنب الهبوط، وبين كل ذلك كانت هناك زيادة كبيرة في عدد المباريات التي تشهد استحواذ أحد الفريقين على الكرة بنسبة كبيرة ومملة، في الوقت الذي يعرف فيه الفريق الآخر أن الهزيمة باتت أمرًا محتوما.
لم ينجح أي فرق آخر في سد الفجوة بين ليفربول ومانشستر سيتي، بل على العكس سقط مانشستر سيتي لأسباب مختلفة وإصابات وقرارات فنية خاطئة وسوق خاطئ، وتقيد تشيلسي بالمنع من الانتقالات، وتغيرت سياسته، وتمزق آرسنال ومانشستر يونايتد بالإبقاء على سولشاير فتفرد ليفربول بالمنافسة هذا الموسم.
ويأمل القائمون على البريميرليج أن يكون الموسم الحالي هو موسم عابر، لا أن يكون بداية لموسم من الهيمنة المتفردة لفريق أو لفريقين على البطولة، وبالتالي خسارة للسمعة التسويقية والبرستيج الإعلامي الذي كان يتفرد به البريميرليج.
