ولكن نحن هنا ليس للحديث عن ميسي، بل عن أرجنتيني آخر يخطو بخطى ثابتة نفس مسار مواطنه، ولكن الفارق أنه من صناعة مدريدية في أراض إيطالية بنكهة برشلونية، والحديث عن نيكو باز، نجم كومو الشاب، الذي مرة أخرى خطف الأنظار بما يقدمه في بلاد الإيطاليين، وهذه المرة الاهتمام كان أكبر لأن الضحية هي كبيرتهم السيدة العجوز يوفنتوس.
قدم كومو ملحمة كبرى في ملعبه "سينيجاليا" لحساب الجولة السابعة من السيري آ، ونصب الأرجنتيني الشاب صاحب ال21 عامًا نفسه نجمًا للقاء عقب أن سجل وصنع هدفي فريقه، وقدم عرضًا كبيرًا رفع به مساهماته التهديفية إلى ثمانية (4 أهداف و4 تمريرات حاسمة في 8 مباريات بكل المسابقات هذا الموسم مع كومو).
الهدف الأول الذي سجله مارك كيمف جاء عبر عرضية مثالية من باز بالدقيقة الرابعة، والتي تغزل فيها أحمد شوبير ومحللي "شاشا" في تحليل المباراة بين الشوطين، لمسة مثالية وضعت قلب الدفاع على بعد متر من مرمى دي جريجوريو، ما يسمى تمريرة "على طبق من ذهب"، ماركة مسجلة من مواطنه ميسي.
وإذا كانت الصناعة على طريقة ميسي، الهدف كان حقًا "علامة مسجلة" على طريقة الأسطورة الأرجنتينية، استلام على اليمين، توغل ومراوغة بهدوء ومدافع يوفي في مهب الريح، وتسديدة بيسراه إلى أقصى يمين المرمى لا حول ولا قوة للحارس أمامها، وإذا كنت لا تتابع كومو وباز، فهي ليست المرة الأولى التي يسجل بتلك المهارة، أو يصنع بمثل تلك الدقة، بل هي سمات طريقة لعبه، ما يثبت أننا أمام موهبة تستحق الإشادات والمقارنات مع أساطير لعبه من حيث أسلوب اللعب.
على الصعيد الرقمي، قدم باز المباراة المثالية، سجل وصنع، وصنع خمس فرص لناديه في اللقاء، الأعلى بين الزملاء، وسدد مرتين على المرمى سجل من واحدة، ولمس الكرة 55 مرة فقط ولكن كانت كافية لتعطيه معدل خطورة وصناعة للفرصة (xg) يصل إلى 0.5، وإذا كان سيتم مقارنته مع الأسطورة ميسي، فيجب الإشارة للعيب الذي بحاجه للعمل عليه للتحسن، فهو خسر 11 التحامًا في اللقاء، رقم سلبي مقارنة بمواطنه الأسطورة الذي يعد افتكاك الكرة منه من المستحيلات!
لا عجب أن باز أصبح وجهًا مألوفًا بجوار ميسي وأبطال العالم مؤخرًا بالنظر لعروضه هذا الموسم والماضي مع كومو، إذ لعب 6 مباريات دولية بالفعل مع الأرجنتين بقيادة ليونيل سكالوني الذي أشاد بموهبته كثيرًا ولكن حذر من رفع سقف الطموحات عاليًا بالمقارنات، وتصدير الضغط للاعب الشاب، ويبدو أن "ترشيد" استخدام باز من قبل المدير الفني للألبيسيليستي هو الطريق الأمثل، إذ كان دائم الحضور في التصفيات المؤهلة للمونديال، شارك في 4 مباريات فقط وكبديل، ولكن في الودية الأخيرة ضد بورتريكو التي حقق الفريق فيها الفوز بسداسية لعب 90 دقيقة، وقبلها ضد فنزويلا لعب 32 دقيقة، تعامل ذكي مع موهبة شابة وسط مجموعة تعج بالمواهب والخبرات.
كسب نيكو باز معركة المواهب الشابة ضد نجم يوفنتوس كينان يلديز، وأثبت أنه يستحق جائزة أفضل لاعب شاب عن الموسم الماضي في إيطاليا عن جدارة بعد أن طالب البعض أن يكون نجم يوفي التركي هو الفائز بتلك الجائزة، خصوصًا وأنه كان من المنافسين على جائزة كيبا لأفضل لاعب شاب بالعالم أمام أمثال لامين يامال وباو كوبارسي وغيرهم، ولكن الصراع الشخصي حسمه باز بعملية في أرضية الملعب ضد يوفنتوس مع يلديز، وقدم مفاتيح الانتصار أيضًا لناديه السابق ريال مدريد الذي سيقابل السيدة العجوز بعد أيام قليلة لحساب دوري أبطال أوروبا.
ريال مدريد يعلم جيدًا الكنز الذي يملكه في صورة باز، صحيح هو باعه لكومو نهائيًا ولكن يملك أحقية إعادة شراء الصيف القادم 2026 مقابل فقط 10 مليون يورو، مع العلم أننا نتحدث عن لاعب وصل توتنهام إلى 70 مليون يورو الصيف الماضي كعرض لإقناع كومو بالتخلي عنه، مبلغ كان سيذهب نصفه للنادي الملكي بحسب نص الاتفاق مع نظيره الإيطالي وقت بيع باز، ولكن التقارير تحدثت عن رفض شخصي من اللاعب لكونه يُدرك بوجود نية من مدريد لاستعادته بعد انفجاره في إيطاليا، ولكن سيكون عليهم توجيه الشكر "للبرشلوني" سيسك فابريجاس، مدرب كومو، الذي عرف كيف يوظف الأرجنتيني كلاعب وسط حر بأدوار هجومية، ومن أفضل ممن زامل ميسي وتكون في أكاديمية "لا ماسيا" الشهيرة، وتدرب تحت أمثال أنطونيو كونتي، بيب جوارديولا، جوزيه مورينيو، وأرسين فينجر لفعل ذلك، والأخير الذي كان حاضرًا اليوم لمشاهدة لقاء كومو ويوفنتوس بالتأكيد سيشهد بالعمل الكبير لتلميذه السابق في آرسنال لتقديم للعالم موهبة جديدة تقارن بميسي، وإن كانت حتى الآن تثبت أحقيتها بتلك المقارنات!
