كرة القدم كانت ومازالت في نظر العديد لعبة الرجال، إذ رغم التقدم الكبير في الكرة النسائية وتواجد لاعبات بجودة عالية، إلا أن مقاليد الحكم خارج الملاعب ظلت بأيدي الرجال .. مع هذا، فهناك عدة نساء اخترقن ذلك الحاجز وفرضن أنفسهن على اللعبة الأشهر في العالم. جول النسخة العربية يُطلق سلسلة جديدة تتحدث عن أبرز النساء في عالم الساحرة المستديرة.
حلقتنا اليوم عن مارتا .. أسطورة كرة القدم النسائية التي لا تموت
"بيليه بالتنورة" .. لقب كافٍ تمامًا للتعبير عن عظمة لاعبة كرة القدم البرازيلية، مارتا، خاصة أن من أطلقه عليها هو الأسطورة الراحل بنفسه! وإن لم يكن كافيًا فإليك حقيقة أخرى هي فوزها بلقب أفضل لاعبة كرة قدم من فيفا 6 مرات، منها 5 متتالية من 2006 حتى 2010، بجانب 2018، وقد أحرزت المركز الثاني عام 2016. لكن كيف بدأت الحكاية؟
ولدت مارتا فييرا دا سيلفا في ولاية ألاجواس البرازيلية في 19 فبراير 1986، بعد 4 سنوات من المنتخب البرازيلي الذي جعل العالم يرقص السامبا من فرط السحر الذي قدمه في مونديال 1982 المتوج به إيطاليا، وقد انتمت لعائلة فقيرة أو لنقل بدقة إلى نصف عائلة، حيث انفصل والدها عن والدتها قبل أن تُتم عامها الأول وكافحت والدتها كثيرًا لتستطيع توفير متطلبات الحياة المختلفة، ومثل الموهوبين الرجال .. وجدت ضالتها في كرة القدم ومارستها منذ الصغر في الشوارع والشواطئ مع الأولاد، وقد واجهت الكثير من التمييز العنصري والرفض كونها فتاة لكنها أصرت على مواصلة الحلم حتى النهاية.
عام 2000 شهد النقلة النوعية في حياتها، وقد كانت في عامها الـ14، إذ اكتشفت موهبتها المدرب البرازيلية هيلينا باتشيكو لتنضم إلى فريق فاسكو دي جاما، وبعد عامين فقط انتقلت إلى سانتا كروز قبل أن تُغادر البرازيل وتتجه للعب في السويد وتحديدًا نادي أوميا.
حظيت الفتاة الغريبة بمسيرة رائعة في السويد، إذ فازت بالدوري مع أوميا 4 مرات وبدوري أبطال أوروبا عام 2004، بجانب ألقاب وإنجازات فردية وجماعية أخرى، وقد حصدت لقب أفضل لاعبه في العالم من فيفا 4 مرات، 2006 و2007 و2008 و2009، وقد أعلنت يوم تتويجها بالأخيرة رحيلها إلى أمريكا والانضمام إلى لوس أنجلوس سول.
نجحت في الموسم الأول والوحيد بالفوز بالدوري الأمريكي ولقب الهداف، وخلال تواجدها مع الفريق أعيرت لفترة قصيرة مع سانتوس البرازيلي لتقوده للفوز بكأس البرازيل وكأس ليبرتادوريس، وبعدها انسحب الفريق من الدوري الأمريكي لتُوزع لاعباته على بقية الأندية، وهنا انضمت إلى فريق جولد برايد.
لعبت مارتا لعدة أندية في أمريكا قبل أن تعود إلى السويد وتبقى هناك حتى عام 2017، هنا انتقلت إلى فريق أورلاندو برايد واستقرت به حتى وقتنا هذا، وقد حققت خلال تلك المسيرة مع الأندية نجاحات هائلة، جماعيًا وفرديًا.
النجاح على مستوى الأندية رافقه نجاح موازٍ على الصعيد الدولي، إذ انضمت مارتا مبكرًا، عام 2002، لمنتخب البرازيل للسيدات، وقد شاركت في كأس العالم للسيدات 2003، وكذلك في كأس عموم أمريكا للسيدات وقادت المنتخب للفوز به مرتين، 2003 و2007.
نجاح مارتا مع المنتخب البرازيل ظل ناقصًا حتى الآن، حتى أن البعض يصفها بالملكة دون تاج، إذ خسرت نهائي كأس العالم عام 2007، كما خسرت المباراة النهائية للألعاب الأولمبية 3 مرات لتحرم من الميدالية الذهبية أعوام 2004 و2008 و2024.
رغم عدم فوزها بكأس العالم، إلا أن مسيرة مارتا مع البرازيل تدعو للفخر دومًا، إذ هي أفضل هداف للمنتخب الوطني على مستوى الرجال والسيدات برصيد 119 هدفًا، وهي أفضل هداف في تاريخ كأس العالم برصيد 17 هدفًا، ولم يصل لهذا الرقم أي لاعب أو لاعبة حتى الآن، وهي أول من استطاع التسجيل في 5 نسخ مختلفة من المونديال، وقد سار كريستيانو رونالدو على خطواتها، وكذلك كريستين سينكلير، وهي كذلك أول من يُسجل في 5 دورات ألعاب أولمبية متتالية، على صعيد الرجال والنساء.
مارتا حصدت إعجاب كل من رآها تلعب كرة القدم، كانت تمتاز بالسرعة والمهارة الفردية والقوة واللمسة الأخيرة، هذا بجانب شخصيتها القوية والقيادية والتي ظهرت حتى خارج الملعب كما داخله، وقد حصلت مؤخرًا على جائزة خاصة من فيفا لدورها الكبير في كرة القدم على مدار الـ20 عامًا الماضية.
لاعبة كرة القدم، المصنفة من العديد بأنها الأفضل في تاريخ اللعبة على صعيد النساء، تصدت لحملات التمييز ضد النساء كثيرًا، وقد رفضت العديد من عقود الرعايا لضعف المقابل المالي مقارنة بالرجال، وقد اختيرت من سفراء كأس العالم 2014 الستة كما كانت ضمن الـ8 الذين حملوا الراية الأولمبية في أولميباد ريو دي جانيرو 2016، ويُمكن القول أن الإنجاز الفردي لأهم لها إطلاق اسمها على جائزة خاصة من فيفا، حيث بدءًا من عام 2025 سيتم منح جائزة مارتا لصاحبة أجمل هدف في العام على صعيد كرة القدم النسائية، وتلك أول مرة يُسمي الاتحاد الدولي جائزة من جوائزه باسم أحد حي.