ميسي -كريستيانو ومبابي - هالاند

من ميسي وكريستيانو إلى مبابي وهالاند.. فرصة تصحيح أخطاءنا

أجمل ما في كرة القدم أنها دوماً تُقدّم لنا فرص أخرى: فرص للتصحيح، "الانتقام"، العودة.. الأمل بعد ضياعه وكل "الدراما" التي من أجلها نعشق هذه اللعبة ونُشكل "لغزاً" لغير متابعيها. 

مع قرب انتهاء مسيرتهما، تساءلنا كثيراً ماذا بعد ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو؟ من سيخلف ظاهرة كروية تنافسية لم نشهد مثيلاً لها، إذ شهدنا على مدى التاريخ الكروي الكثير من ثنائية التنافس لكن لم ترتقِ أي "عداوة" الى قمة ما وصلت اليه بين كريستيانو وميسي، لا من ناحية الأرقام ولا الانجازات ولا استمراريتها ولا حتى القواعد الجماهيرية. 

على نفسها جنت براقش .. باريس وبرشلونة وأكثر الفرق أذية لنفسها هذا الموسم!

الى أن ظهر بمشهد درامي بحت كل من كيليان مبابي أمام ليونيل ميسي تحديداً وايرلينج هالاند الذي شارك الليلة الأوروبية نفسها مع كريستيانو وتجرأ على سرقة الضوء. 

لم يستغرق الأمر أكثر من 90 دقيقة بعد 15 عاماً لتمتلئ حسابات السوشيال ميديا و أغلفة الصحف الرياضية العالمية بعنوان "المسلسل الجديد".. "صراع العروش "2.0: مبابي ضد هالاند ووداعاً ميسي كريستيانو. 

ترف جيلنا ومساوئ المقارنات 

مجرد القدرة على كتابة هذه الأسطر والتمعن في الظاهرتين هو بحد ذاته ترف لجيل عاصر قمة ميسي وكريستيانو ويشهد على الحقبة الجديدة، مهما اختلفت أوجه الشبه وأينما التقت. 

لكن الأهم أننا اليوم أمام فرصة لتصحيح خطأنا الكبير: هدم متعة لاعب على حساب آخر، الإنحياز الى ظاهرة دون اخرى، تقليل من أنجاز من أجل آخر - لا تقل عزيزي/تي القارئ/ة انك لست منهم/ن، فكلنا مهما ترفّعنا لدينا "ميول" لأحدهما، طغت على حكمنا- 

بقدر جمالية هذه المنافسة التي دامت 15 سنة -وتستمر للمناسبة- إلا أنها من أكثر المقارنات سلبية أو بالأحرى Toxic، تريدون مثالاً على إقترافاتنا: "غداً عندما يعتزل X ستُدركون قيمته"، ترجمة: "أنتم لا تعرفون قيمة أحدهما اليوم بسبب تحيّز لأسلوب ربما أو لشخصية أو نادٍ على حساب آخر"، التحيّز مشروع، هذه هي الطبيعة البشرية لناحية التفضيلات، لكن في هذه المفاضلة تحديداً اخطأنا كثيراً واليوم نحن أمام فرصة جديدة للتعلم والمشاهدة الممتعة. 

فرصة أخرى للدوري الانجليزي؟ 

الأمر الذي ساهم في بناء هذه الحالة الحادة من التنافسية بين اللاعبين كان تواجدهما على طرفي النقيض والمنافسة في عالم الكرة، فإلى جانب أرقامهما كان بطلي برشلونة وريال مدريد، لا يوجد سيناريو أفضل لتغذية شرارات إعلامية وجماهيرية وحتى تسويقية كان ضحيتها أي دوري يُحاول أن يسرق لنفسه بعض الضوء، ثنائية كان ضحيتها الأول الدوري الإنجليزي الذي خسر بدوره كريستيانو لصالح ريال مدريد وهو اليوم أمام فرصة لتعويض هذه الخسارة والتعلم من الخطأ السابق، هل سيبقى الاسمين متربطان فقط في ريال مدريد وبرشلونة حصراً؟ هل سيفعلها ليفربول الذي أظهر إهتماماً بمبابي وتشيلسي ومانشستر سيتي اللذان أبديا إهتمامهما بهالاند؟ أم سيتكرر خطأ البريميرليج مرة أخرى؟ 

المقارنة ليست خاطئة.. لكن حذاري التسرّع 

ليس هناك عيباً في المقارنة، هو أمر إنساني طبيعي لأي شخص يُتابع عن كثب أي شأن معيّن، بل هو التسرّع والتعصّب اللذان يقتلان مفهوم المقارنة السليم.

اولاً: هل مبابي - هالاند هي ظاهرة جديدة أم عبارة عن "كريستيانو - ميسي رقم "2؟ فلنتفق أن هذه الأخيرة لن تتكرر، أقلّه في معتقداتنا وفي المستقبل القريب، لكل الأسباب التي أتاحاها لنا اللاعبان على مدى 15 عاماً.

فلنسأل أنفسنا هل سيستمر اللاعبان الشابان كل هذا الوقت في القمة؟ ما نوع المنافسة بينهما؟ 

النصيحة أن نخرج من التأطير، أن نستمتع بهما في قيمتهما وليس "قبل الاعتزال"، أن نُصحح كل الأخطاء التي ارتكبناها - متابعين وإعلاميين - بحق متعة كرة القدم.


إعلان